في منتصف شهر أيلول (سبتمبر) أفادت معلومات الطلبة العرب المبتعثين للدراسة عن خبر لطالب إعتدى بالضرب على زميلته في الصف أمام الطلبة والطالبات مما استدعى تدخل أمن الجامعة، ثم تطور الأمر الى تدخل شرطة المدينة، وأخذ الأمر بالتعقيد رغم محاولات الجهات المختصة للملحقية الثقافية السعودية لإنقاذ الموقف وتخفيف الحكم، لكن القضية أخذت طريقها القانوني وبسرعة ظهرت بعض النتائج أخفها الحرمان من الدراسة وإلغاء تأشيرة الإقامة في أميركا، هذه الحادثة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فالحديث عن تجاوز القانون في هذا البلد يتصدر معظم القضايا المحلية التي تشغل الأجهزة الأمنية والناس وطبقاً لإحصاءات الجريمة في الولايات المتحدة الأميركية فإن معدل الجرائم لديها كـان: وقـوع جريمـة سـرقـة عادية كـل 3 ثـوان، جريمة سطو كل 14 ثانية، سرقة سيارة كل 52 ثانية، سرقة مقترنة بالعنف كل 60 ثانية، جريمة اغتصاب كل 6 ثوان، قتل كل 31 ثانية. وتقدر كلفة الجريمة في أميركا 105 مليارات دولار تنفق في علاج الضحايا 350 مليار دولار للتعويضات والتأمين 120 مليون دولار تصرف على الشرطة و53 مليار دولار تصرف على السجون، وهناك 14 مليون متعاطٍ للمخدرات.وتشير إحصائية السجون الأميركية الصادرة عن وزارة العدل الأميركية إلى أنـه خلال عام 2003 ازداد عـدد النــزلاء في سجون أميركا 20370 نزيلاً عن العام الأسبق. ومع نهاية 31 كانون الأول (ديسمبر) 2003 قُدِّرت نسبة الزيادة في الطاقة الاستيعابية للسجون الاميركية المحليةبـ 16 بالمئة عن طاقتها التصميمية الاستيعابية، في حين كانت نسبة الفرق في السجون الفدرالية تصل الى 39 بالمئة عن طاقتها الاستيعابية. ومع نهاية عام 2003 بلغ عدد النساء المودعـات فـي السجـون 101179 نزيـلة مـن مجـموع 6 ملايين و900 ألف سجين أميركي (أي نسبة 9.6 بالمئة من عموم النزلاء). بمعنى أن وجود حوالي 7 ملايين نزيل أميركي سجين داخل الولايات المتحـدة عام 2003 يدل على أن من بين كـل 32 مواطناً أميركياً بالغاً هناك سجين واحد. ما يهمنا هو الحديث عن إحترام القانون لأبناء الجالية ليس فقط لتجنب آثار العقوبة وإنما للظهور بمظهر يتناسب ويتناغم مع التربية والثقافة الإسلامية والعربية، لذلك خطر ببالي تسليط الضوء على فهم القانون واحترامه خصوصاً مع الفئة العمرية من الشباب الذين يتعاملون مع القانون على الطريقة الشرق أوسطية: خالف وادفع أو اكسر القانون وابحث عن وسيط. ونسي الشباب أن منفذ القانون في هذا البلد ينظر بعينين على مرتكب الجناية من أبناء الجالية عين على القانون وعين لكونك موضوع شك وريبه ولا يفسر خطأك على النية الحسنة، وهذه الحقيقة يمكن ملاحظتها لكثرة حوادث التمييز التي يقع فيها العرب والمسلمين بعد سنّ القوانين تحت ذريعة الأمن، لذلك ينبغي على الشباب قراءة القوانين بدقة متناهية، ولا يفيد الندم بعد وقوع الخطأ والقول بأني لا أعرف القانون.
أولاً: ما معنى القانون؟القانون هو مجموعة قواعد ملزمه صادره من سلطه معينه لتنظيم العلاقات الاجتماعية بين الناس رغبة في تحقيق الاستقرار بينهم وقد يكون مقترنا بجزاء لتفعيل دور القانون وباعتبار الانسان كائن اجتماعي بطبيعته ولا يمكن للانسان ان يعيش بمعزل عن اقرانه ونتيجة لهذه المحصله لابد من تنظيم علاقة الانسان بغيره من ابناء جنسه والا حلت الفوضى وحكمت شريعة الغاب، ومن هنا نجد ان للقانون اهميه كبيره في الحفاظ على الكائن البشري والحفاظ على بقية الكائنات الحيه فهناك العديد من القوانين للحفاظ على الطبيعة والبيئه والحيوان.
ثانيا: الالتزام بالقانون يعتمد اي مجتمع، على إستقراره وانتظام أموره، وعلى حسن العلاقة بين أطرافه، ومدى التزام أبناء المجتمع بالقانون السائد بينهم، ذلك أن مخالفة القانون تسبب التصادم بين الرغبات الشخصية، والتجاوز على حقوق ألآخرين، وتعطيل مصالح الناس، ووقوع الأضرار والمضاعفات. فمثلاً مخالفة قوانين المرور تؤدي إلى الحوادث المروعة من إتلاف النفوس، وحصول الإعاقات، وخسارة الأموال، وكذلك مخالفة أنظمة الصحة تسبب انتشار الأمراض، وتهديد حياة الناس، وهكذا الحال في سائر المجالات والجوانب. كما أن مخالفة القوانين تعني ضياع هيبة النظام وسيادة الانفلات والفوضى. وتجدر الإشارة إلى ذكر هذه المفارقة بين الطلبة في الجامعات الاميركية، فبينما تجد الطلاب الأميركيين ملتزمين بقوانين الجامعات ونظمها، فقلما تجد طالباً متهوراً أو متهاوناً، في المقابل تلاحظ التهاون والإستهتار بالقانون والنظام من بعض الطلبة العرب المبتعثين على حساب حكوماتهم، لذلك لابد من وجود شعور واندفاع عند الطلاب بالتزام القوانين ورعاية الأنظمة، حفظاً لمصالحهم.
ثالثاً: من أمن العقوبة أساء الأدب وهناك من يحترم النظام إذا خاف العقوبة الرادعة أما عند الأمن من العقاب أو تمكّن الفرار، فإنه يتجرأ على المخالفة والتمرّد، وهنا تكمن المصيبة فالمكابرة والغرور تفسح المجال لصاحبها بالتطاول على النظام والتقليل من هيبته. أما من يحتج على القانون ولا يقبل به سواء ملك البديل أوهو فقير منه وإنما عدم قبوله بالجهة التي وضعت ذلك القانون .هذا لا يمنح التبرير على كسر القانون وتخريب النظام بل هو مبرر للتعديل والتقويم أو المنافسة في طرح البدائل والإنتصار على جهات التشريع بالطرق السلمية التي تحفظ مصالح المجتمع. وإلى أن يتحقق ذلك لابد من رعاية الأنظمة والقوانين السائدة. كما هو واقع الحال في المجتمعات الديمقراطية حيث تحتج المعارضة على بعض القوانين، وتعترض عليها، وتقدم المشاريع البديلة، وتتحرك إعلامياً وسياسياً لتحقيق ذلك، لكن المعارضين يجدون أنفسهم ملزمين برعاية الأنظمة القائمة، وليس مقبولاً منهم مخالفتها.
رابعاً: حاجة الأنسان الى القانون بناءاً على حاجة الإنسان للعيش المشترك في محيط واحد فإنه لا بد من الوقوع في إشكالية تباين الرغبات وتضارب المصالح وأختلاف التوجهات التي سوف تؤدي الى التعارض فإما أن يكون قانون ينظم تلك الإختلافات وإلا سوف تكون القوة والغلبة هي الحاكم من هنا نشأت الحاجة الى القانون وأدرك الإنسان من بداية وعيه بالحياة الاجتماعية ضرورة وجود نظام وقانون ينظم حياة المجتمع، ويضبط العلاقة بين قواه وأفراده، كما أدرك كذلك بأن الحاجة الى الأمن مقرونة بحاجته الى الطعام والشراب. يقول سبحانه وتعالى في سورة قريش {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ1 إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ 2 فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت 3 الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} 4. نفهم من سياق الآية أن الله سبحانه لم يكلف خلقه بعبادته إلا بعد أن وفر لهم الطعام والأمن، فإذا فقد الأمن لا تنتظم الحياة ولا قيمة لأي عمل إقتصادي أو سياسي أو إجتماعي إذا لم يكن ثابت على قاعدة الإستقرار والإطمئنان وخير شاهد ما نعانية من تخلف في مجتمعاتنا العربية لقضايانا الكبرى وإنخفاض معدل النمو في أهم مقومات النهوض بالمجتمعات وهي التعليم والصحة والإقتصاد والسياسة وذلك بسبب فقدان عامل الإستقرار.
خامساً: التجارب البشرية فـي القانون ليست مثالية إن حجم وتنوع الأنظمة والقوانين المختلفة المتفاوتة في قربها وبعدها من العدالة والحق التي مرت على البشرية لم تكن مثالية لكنها كانت تلبي حاجة أساسية في أصل وجودها، فمهما كانت نسبة الخطأ والانحراف في النظام إلا أن ذلك أفضل من عدم النظام الذي يعني الفوضى والاضطراب، وتبقى مسؤولية المصلحين في كل مجتمع للسعي لتغيير القوانين بالاتجاه الصحيح والأفضل، ولتلافي ثغراتها وتصحيح أخطائها، وتقويم معوجها. إذن: فالقانون لازم لتنظيم شؤون المجتمع، مهما كان المجتمع بدائياً، أو متوسطاً، أو مثالياً وفي غاية السمو والرفعة، حيث أن اللازم أن يكون هناك مقياس لسير الفرد. وان فكرة تشريع القوانين لا تتناقض مع فكرة الحرية كما يقول روسو، «لقد ولد الانسان حرا»، فقد يظن البعض ان القانون شرع لتقييد حرية الفرد كون الفرد قبل التشريع حر لترك الفعل او يمارسه لان من القواعد القانونية من تسلب حرية الفرد بتحريم بعض الافعال ووضع العقوبة جراء اقترافها لكن اذا دققنا النظر راينا القانون وسيلة من وسائل نيل الحرية لان وسائله سليمة فالمتوحش الذي لا قانون له، حياته مهددة ويحتاج الى عناية شديدة في المحافظة على نفسه اما المتحضر فلا يحتاج الى عناية لحفظ حياته. إذن الجميعُ بحاجة إلى نشر ثقافة احترام القانون واحترام الدولة واحترام حقوق المواطن واحترام الدستور واحترام مؤسسات الدولة.. وبذلك نكون قد خطونا خطوات حقيقية نحو الأمام.
Leave a Reply