تحدث خلاله عدد من المرشحين الرئاسيين من الحزبين
ديربورن – خاص «صدى الوطن»
شارك مئات العرب الأميركيين من كل انحاء البلاد على مدى ثلاثة أيام في أعمال المؤتمر الانتخابي الذي أقامه «المعهد العربي الاميركي» في مدينة ديربورن والذي امتد من يوم الجمعة، 26 تشرين أول (اكتوبر)، الى الاحد، 28 منه. وحضر المؤتمر، الذي تمحور حول مشاركة الجالية العربية في الحياة السياسية في أميركا، المرشحون للرئاسة الاميركية: من الحزب الجمهوري رون بول؛ ومن الحزب الديمقراطي كل من بيل ريتشاردسون، ودينيس كوسينيتش ومايك غرافال، حيث القوا كلمات حول برامجهم الانتخابية واهمية الاصوات العربية في الانتخابات القادمة.
بيل ريتشاردسون خلال المؤتمر |
رون بولكان خطاب المرشح الرئاسي جون بول الاكثر تميزا اذا لاقى استحسانا وتصفيقا حادا من الحضور وتجاوبا حيا من بعضهم، على الاخص وانه المرشح الجمهوري الوحيد الذي تكلم بما لم يجرؤ عليه حتى المرشحين الديمقراطيين.بدأ بول كلمته في اشارة الى المساواة بين المواطنين الاميركيين قائلا «سئلت عما اذا كان لدي خطاب خاص لميشيغن، واجبت بأن خطابي هو هو اينما ذهبت. وانا سعيد بأن كثيرين مهتمون بالانتخابات ومهتمون بالدستور الاميركي الذي يستوعب جميع الاميركيين».انطلق بول في كلمته من فكرة ان الادارة الاميركية الحالية عاجزة عن الحوار فيما يخص الحملة على ايران، مستحضرا الحرب الباردة: «تعلمت من فترة الحرب الباردة ان الحوار هو الاساس، فاثناء احداث كوبا حيث كان لدى السوفيات 40 الف رأس نووي ورغم الظروف الصعبة استطاع كينيدي ان يجلس الى (الرئيس السوفياتي) خروتشيف. ولم تقع حرب نووية بعد ان اتفقنا على نزع السلاح النووي من قبل الطرفين في كوبا وتركيا. ان عدم القدرة على الحوار علامة ضعف».ورأى بول ان السياسة الخارجية الاميركية باعتمادها النهج الاستعماري التوسعي احدثت ازمة اقتصادية كبيرة بسبب الانفاق المتعاظم، مسترجعا دروس «تاريخ اقتصاديات الامبراطوريات التي اعتمدت سياسة التوسع وانتهت الى الافلاس بتدمير اقتصاداتها»، معتبرا ان هذا هو عين ما يحدث اليوم «فالدين العام يتزايد 500 مليار دولار سنويا بمجموع التزامات سنوية يعادل 60 ترليون دولار سوف تتكبدها الاجيال القادمة ولن تستطيع دفعها. ولدينا اليوم نظاما انتج احتلالا او على الاقل تواجدا اميركيا في 130 دولة مع 700 قاعدة عسكرية حول العالم ونحن في طريقنا الى الافلاس. وما هي النتيجة: الدولار الاميركي يفقد قيمته بسبب عجزنا عن دفع مستحقاتنا. انها سياسة غير حكيمة. ان الولايات المتحدة تخلق حالة تضخم عبر تمويلها للحرب والتدخل في بلدان العالم عن طريق اصدارها نقدا جديدا. السؤال هو كيف سيمكننا ان نكمل ما نفعله في البلدان الاخرى بميزانية عاجزة». وعرج بول على موضوع الحريات المدنية التي تطلب الادارة من الاميركيين التضحية بها «مخافة امكانية الهجمات الارهابية». قائلاً «اعتقد اننا لا يمكننا ابدا ان نضحي بحرياتنا المدنية».وقال بول «في الماضي عانينا من خرق للحريات المدنية خلال الحربين العالميتين. لكن ذلك التجاوز كان مؤقتا وضمن حدود. اما اليوم فيظهر ان تخطي الحريات يبدو اعمق واطول امدا. كيف يمكننا ان نقبل بتعليق قوانين الحريات؟ ان نتجاوز المبادئ الدستورية التي تمنع اعتقال الناس دون محاكمات قانونية؟ كيف يمكن اعتقال مواطن اميركي بحجة انه مقاتل خطر على امن البلاد دون السماح له بمحاكمة عادلة، كيف يمكن ان نغير هذه العقلية التي لدى السلطة؟ هذا ما يجب ان نقف في مواجهته» منتقدا السجون والادلة السرية المستعملة في المحاكمات الامنية. واعتبر بول ان الحرب في العراق مكلفة جدا، في تعطيلها للقوانين، وفي تكلفتها البشرية من الاميركيين «ومن الابرياء من الدول التي نغزوها في افغانستان والعراق او حتى في التكلفة البشرية المحتملة من غزو ايران». اما سياسة تغيير الانظمة عبر الحرب، فلم تنتج انظمة اكثر عدلا اذ رأى انه رغم كون «صدام ديكتاتور ومجرم الا ان ما حدث بعد غزونا للعراق كان أسوأ بكثير مما كان يحصل قبل ذلك (خلال عهد صدام) ونتساءل بدهشة: هل هذا الاسلوب الذي تتبعه الادارة الاميركية هو ما سوف يوصلنا الى عالم افضل»؟وقارن بول ما يحصل حول ايران اليوم بما حصل قبل غزو العراق «ان مايحدث حول موضوع ايران هو نفسه ما حصل قبل غزو العراق، فنفس الاعلام الحربي اتبع لتهيئة النفوس للغزو. والاضرار الاقتصادية بدأت من الآن فسعر البترول وصل الى 92 دولار بسبب الخوف من الحرب». معربا عن دهشته للاسباب التي تنشرها الادارة حول احتمالات مهاجمة ايران للولايات المتحدة الاميركية «ان الاسباب التي تنشر من قبل الادارة هي الخوف من ضربة ايرانية ومن قبلها كان الخوف من العراق! كيف يمكن تصديق ذلك؟ لماذا سيهاجمنا الايرانيون؟ فجأة اصبحت ايران بمثابة هتلر جديد. وانا هنا لا ادافع عن ايران او حكومتها. هناك رجال سيئون في ايران ولكن ما يهمني ان لا يكون هناك سياسات سيئة في الولايات المتحدة».معلقا عما أسماه بتعجب «الفاشية الاسلامية» وهو مصطلح يواظب على استعماله المرشح الجمهوري رودولف جولياني قائلا «انهم يرون الحرب العالمية القادمة مع الفاشية الاسلامية! وانا اريد ان أسأل ماذا سيحدث بعد ضرب ايران؟ على الاخص وجنودنا مرابطون في العراق؟ هل سيجلب لنا ذلك المزيد من الامن»؟ اما الحل في العراق فهو درس تعلمه بول من الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وهي ان «لا تتدخل في الشأن الداخلي للدول الاخرى». متسائلا عن سياسات الحوار التي ابتدأت في العام 2000 وهي مد جسور الحوار مع البلدان الاخرى واصفا هذه الادارة باتباع المناقض تماما لذلك العهد، قائلا انها تتبع اسلوب «اما تفعلون ما نرغب نحن فيه او الطوفان». منتقدا العقوبات الاقتصادية «ان الادارة الحالية لا تفعل شيئا غير فرض العقوبات، فهل افادت العقوبات الشعب العراقي؟».محور كلمات المرشحين الديمقراطييناجمعت كلمات المرشحين الرئاسيين من الحزب الديمقراطي، هيلاري كلينتون، باراك اوباما، جون ادواردز، بل ريتشاردسون، ودينيس كوسينيتش، على انتقاد الحرب على العراق وعلى خطط لاخراج القوات الاميركية من العراق واستبدال العلاقات الدبلوماسية بالوجود العسكري. لأن ذلك هو «ما سيعيد للولايات المتحدة الاميركية مكانتها المعتادة في العالم» كما قالت كلينتون. وسيساعد الخروج من العراق اميركا على «لعب دور فاعل في عملية سلام جديدة في الشرق الاوسط، وهذا يعني أمن وعلاقات متبادلة للاسرائيليين والفلسطينيين. ومجرد وجود الولايات المتحدة المستمر في محادثات سلام حتى لو لم تصل الى نتيجه نهائية سيساعد في تخفيف حدة العنف في المنطقة ولاعادة المصداقية للولايات المتحدة. وذلك سيكون اولوية لادارتي» كما أضافت كلينتون. من جهته، تحدث اوباما عن كلفة الحرب على العراق التي عارضها منذ البداية. واعلن عن خطة لديه «لارجاع الجنود الاميركيين الى الوطن حالا»، اما جون ادواردز فقال انه سيسعى الى إرجاعهم الى أميركا «خلال 9 الى 10 سنوات». اوباما اضاف الى ذلك دعمه لاستقبال «7 آلاف لاجئ عراقي على الاقل»، مكافأة لهم على تعاونهم. اما بيل ريتشردسون حاكم ولاية نيومكسيكو السابق فرأى الخروج من العراق الحل الاوحد «لمنع انهياره».وتميزت كلمة كلينتون بخطة لنظام ضمان صحي لكل المواطنين وعن اصلاح قانون الهجرة كما تحدثت عن مشروع لدعم الحريات العامة في وزارة العدل لتعزيز المهنية وايقاف التعامل السياسي مع الحريات وانهاء المبادئ الاساسية التي تجاهلتها هذه الادارة الحالية والتصنيف العنصري.واجمع المرشحون الديمقراطيون على ضرورة اعادة دور الولايات المتحدة في عملية السلام في الشرق الاوسط. «والعمل على عملية سلام تنهي الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ليعيشوا في دولتين جنبا الى جنب» كما قال اوباما. بينما اعرب ادواردز عن نيته فتح «الحوار مع السنة والشيعة للوصول الى حل في العراق» وكذلك الامر مع جيرانه ايران وسوريا للوصول الى استقرار اقليمي، وصولا «الى انهاء الصراع العربي الاسرائيلي عبر دولتين فلسطينية واسرائيلية».وتميز خطاب ادواردز بتحدثه عن خطة «مشاريع اصلاحية لانفاق المال على تعليم 100 مليون طفل حول العالم، خصوصا في العالم الاسلامي وبلدان افريقيا بدل صرفها على الحرب في العراق ومساعدة منع الاوبئة في البلدان الفقيرة وتحسين الاقتصاد.. رسالتي هي ان يكون دور الولايات المتحدة حول العالم انساني، فالاجيال الفتية عندما ترى الولايات الاميركية انانية وجشعة سوف تكرهنا اما اذا رأتها انسانية فسيقبلون علينا». وانتقد ادواردز التعذيب المتبع في السجون السرية الاميركية ووعد ان تعمل ادارته على انهاء ذلك بالاضافة الى اقفال سجن غوانتانامو. كما تكلم عن خطة للوقوف في وجه «التنصت غير الشرعي، والتصنيف العنصري». وكذلك فعل اوباما منتقدا التصنيف العرقي.أما بيل ريتشاردسون فقد تحدث بسلبية عن طهران ودمشق، إذ اعتبر ان الحديث الى السوريين والايرانيين مهم ولكن يجب ان «تكون المحادثات قاسية من قبل الاميركيين» ولا يتم التهاون معهم حتى يتم التوصل الى وضع حد لنشاطات «حماس» و«حزب الله» اللذين انتقدمهما بشدة. ومن جهته انتقد المرشح دينيس كوسينيتش الانفاق على الحرب في وقت تحتاج البلاد فيه الى نظام للضمان الصحي، واصلاح التعليم، وعلاج العمالة قائلا «الى اين نأخذ بلادنا، ما الذي يحدث للولايات المتحدة الاميركية»؟كما علق على السياسة الخارجية وارتباطها بالسياسة الداخلية «علينا ان نلاحظ الارتباط بين السياستين الخارجية والداخلية، فإذا كانت الحرب هي كل ما يشغل الادارة، وهذا هو الوضع اليوم، فكيف سنهتم بالوضع الداخلي».وانتقد كوسينيتش التوجه التوسعي للادارة معتبرا ان «ذلك لا يفيد اميركا.. لذلك علينا ان نعطي الشعب الاميركي فرصة اختيار شخص آخر، رئيس يؤمن بالديمقراطية والشفافية» مؤكدا ان الحرب والانفاق يقبلان دوما معا ويكون ضحيتها المواطنين ولا يستفيد من بين كل هؤلاء «إلا شركات تصنيع الاسلحة؟». لكن ما ميز خطاب كوسينيتش هو تشكيكه بصحة الرئيس بوش العقلية وآخرين في بطانته، الامر الذي شكل حديث الساعة في أميركا خلال الأسبوع الماضي، وسأل كوسينيتش «ما مشكلة رئيسنا؟ في الوقت الذي تصبح الحرب الشغل الشاغل لرؤسائنا وجب علينا ان نشكك بقدراتهم العقلية، وانا لست امزح هنا!».
Leave a Reply