بري متفائل بحصول الاستحقاق ومتوافق مع الحريري وينتظر موقف صفيرالادارة الاميركية تتجه الى إبقاء السنيورة.. حصلت الانتخابات او لم تحصل
لم تستحوذ انتخابات رئاسية في لبنان، الاهتمام الذي اخذته الانتخابات الحالية، وتحولت الى حالة كونية بتدخل كل الدول المؤثرة فيها، وهي لم تنجح في التوصل الى حلول وفاقية والى تذليل العقبات، كي تسلك الطرق الدستورية السلمية، لان العوامل العربية والاقليمية والدولية لها تأثيرها في هذا الاستحقاق الرئاسي الذي يرسم صورة النظام السياسي، وشكل السلطة التي ستتكون للسنوات القادمة، والاتجاه السياسي الذي ستسلكه داخلياً وخارجياً، وهو لذلك يلقى كل هذا التحرك باتجاهه، لان كل طرف داخلي و خارجي يرى ان له مصلحة في ان يكون لصالحه ويخدم اهدافه.
وهكذا تعثرت كل المحاولات التي جرت حتى الان لاحداث اختراق في جدار الازمة السياسية والدستورية المرتبطة بانتخابات رئاسة الجمهورية المعطوفة ايضاً على استحقاقات اخرى مثل حكومة العهد الجديد، وقانون الانتخاب، والمسائل الداخلية الخلافية، وفي مقدمها تطبيق القرارات الدولية وفي طليعتها القرار 1559 المتضمن تجريد الميليشيات من سلاحها، والذي له تفسير لدى الولايات المتحدة وحلفائها، وهو سلاح المقاومة.فعلى الصعيد الداخلي، لم تنجح محاولات البطريرك الماروني نصرالله صفير في جمع اقطاب الموارنة في الموالاة والمعارضة، للخروج معهم بتوافق على مرشح يحظى بمواصفات وضعها سيد بكركي وتلقى تأييد القوى السياسية المارونية، فكل ما تمكنت البطريركية من الوصول اليه، هو تشكيل لجنة من طرفي النزاع، انتهت الى تبويب المواصفات التي سبق لمجلس المطارنة الموارنة ان حددها، مع ما كان رئيس الكنيسة المارونية يعلنه في عظاته ومواقفه عن ان المرشح للرئاسة يجب ان يكون له تاريخ سياسي يشهد لحاضره وماضيه، اضافة الى نظافة كفه، وعلى مسافة واحدة من الجميع، وبعيد عن الارتهان للخارج.ولم تقترب اللجنة في التوصل الى اسم المرشح التوافقي، لان المهمة اكبر منها وصعبة، كما ان البطريرك صفير يبتعد هو ايضاً عن الدخول بلعبة الاسماء، لانه سبق له واحترق فيها عام 1988، ولن يكرر التجربة كما يقول، واذا حاول مرة جديدة وسمى مرشحاً او اكثر فلن يستجيب له احد كما اعلن، لذلك هو يطرح المعايير ويهرب من التسميات، وقد حاول كل من الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري حثه على اعلان اسم مرشح او تزكيته اوالايحاء به، حتى يسيران وراءه، لكنه امتنع عن ذلك، بالرغم من تشجيع الفاتيكان ومراجع اوروبية له لكنه يخشى الانزلاق وراء مثل هذه المتاهات كي لا تقع بكركي في خصومة مع احد.وما زال رئيس مجلس النواب ورئيس «كتلة المستقبل» ينتظران موقف البطريرك صفير، لانه بذلك يساعد في حل ازمة المرشحين الكثر والذين بلغ عددهم حوالى الـ12 مرشحاً، الا ان الاسماء الجدية تدور حول خمسة اسماء، وتختزل بمرشحين للموالاة النائب السابق نسيب لحود ويليه النائب بطرس حرب، ومرشح المعارضة العماد عون، وكل طرف يتمسك بمرشحه ولا يتنازل عنه، وهوما دفع البطريرك صفير الى القول، انه ينتظر اعجوبة سماوية لتفك عقدة ازمة المرشحين الموارنة، لان كلمة بكركي معنوية اكثر منها ناخب فعلي، اوتملك سلطة قرار على المرشحين للطلب منهم الانسحاب لمرشح واحد.لذلك فان المساعي الداخلية لم تتقدم على المستوى الماروني، الا اذا تم وضع اسم مرشح او اكثر من قبل صفير، لا يشكل استفزازاً لاحد، بعد ان يسلم كل طرف بسحب مرشحه لصالح ما تطرحه بكركي، وهذا ما قد يحصل في الربع الساعة الاخير، اذا شعر البطريرك الماروني، ان رئاسة الجمهورية ستفرغ وتهدد بازمة وطنية كبرى، ستكون نتائجها كارثية.وهكذا فان الجميع ينتظر ما سيخرج من مدخنة بكركي، الدخان الابيض او الاسود، حيث بدأت المهلة الدستورية تضيق، مع اقتراب موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية اميل لحود، الذي اكد انه لن يسلم السلطة للحكومة الحالية، وهو لديه خيارات دستورية سيلجأ اليها، ولم يفصح عنها بعد، لكنه يؤكد انه لن يترك البلاد تذهب نحو حرب اهلية، او تكريس انقسام داخلي، وان المعلومات تشير الى انه قد يتخذ قراراً بتسليم الجيش مقاليد السلطة في مرحلة انتقالية، لتأمين انتخابات رئاسية توافقية.وهذا الاجراء الذي يلوح به لحود يستند الى ان الدستور اعطاه كقائد اعلى للقوات المسلحة سلطة الحفاظ على امن البلاد، واستخدام الجيش لصيانة الوحدة الوطنية،على ان يبقى في قصر بعبدا، ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة في السراي، بعد 24 تشرين الثاني وتستمر المساعي لتأمين اجراء انتخابات لرئاسة الجمهورية ووصول مرشح توافقي، دون ان تحصل مواجهات، والحفاظ على «الستاتيكو» الحالي، بتأييد اقليمي ودولي، لمنع حصول فراغ يؤدي الى انهيار المؤسسات الدستورية، ودخول لبنان في المجهول، ومعنى ذلك ان لا تذهب الاغلبية النيابية الى انتخابات بالنصف زائدا واحداً، وان لا تقدم المعارضة على تشكيل حكومة ثانية.فمثل هذا «السيناريو» مطروح في حال عدم التوصل الى مرشح توافقي، حيث تتكثف الاتصالات واللقاءات على كل المستويات للوصول اليه، الا ان الشروط والشروط المضادة، وتعقيدات الازمة الداخلية، وارتباطها بمصالح قوى خارجية، تؤخر التوصل الى توافق، بالرغم من ان كل الاطراف العربية والاقليمية والدولية، اعلنت تأييدها للتوافق في الانتخابات الرئاسية، وهذا ما خرج به اللقاء الذي جمع نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بالموفد الفرنسي جان كلود كوسران، وجرى تأكيد على ضرورة حصول انتخابات رئاسة الجمهورية بتوافق القوى اللبنانية، وهو ما كرره ايضاً وزير الخارجية السوري وليد المعلم امام كوسران، مشدداً على ان سوريا مع ما يتفق عليه اللبنانيون، وهو الموقف نفسه الذي اعلن من دمشق اثر استقبال الرئيس السوري بشار الاسد لوزير لخارجية الايراني منوشهر متكي، بان الطرفين مع رئيس لبناني توافقي.لكن من يقف حجر عثرة في وجه الوصول الى مرشح توافقي هو الادارة الاميركية التي اعلنت انها تريد رئيساً من «ثورة الارز»، حتى ولو انتخب بالنصف زائدا واحداً، وقد لقي هذا الموقف الاميركي قلقاً لدى الاوروبيين الذين يخشون على وجود قواتهم في لبنان العاملة ضمن اطار القوات الدولية في الجنوب، لان انتخاب رئيس للجمهورية من دون النصاب القانوني الذي نصّ عليه الدستور وهو ضرورة حصول المرشح على اصوات ثلثي النواب في الدورة الاولى، سوف يؤدي الى حصول فوضى سياسية ودستورية، عند لجوء المعارضة الى انتخاب رئيس ثان للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ويضع وجود القوات الدولية بخطر مع وجود اكثر من مرجعية محلية.والتشجيع الاميركي لقوى 14 شباط على اجراء الانتخابات بالنصف زائداً واحداً، هو ما يؤثر على المبادرات الداخلية وعلى المساعي الخارجية للدفع باتجاه التوافق لحل الازمة الرئاسية، حيث اشتد ساعد «صقور» الموالاة وتحديداً وليد جنبلاط وسمير جعجع، على عدم الرهان على حصول توافق، والاستفادة من مرحلة العشرة ايام التي تسبق انتهاء ولاية الرئيس الحالي، والذهاب الى انتخاب رئيس بالاكثرية المطلقة، وفرض امر واقع، الذي سيلقى تأييداً دولياً وعربياً واقليمياً، وان رد فعل المعارضة لن يكون فاعلاً وقوياً ومؤثراً، وستتم دراسة كل خطوة قد تلجأ اليها، وقد ابلغ السفير الاميركي جيفري فيلتمان الفريق الحاكم على ان يسلك طريق الانتخابات بالاكثرية المطلقة، وان المعارضة اضعف من ان تقوم برد فعل سلبي، وان التجارب السابقة اثبتت ذلك، منذ تشكيل المحكمة الدولية، الى اعتصام ساحة رياض الصلح وعدم تمكن قوى 8 اذار من اسقاط حكومة فؤاد السنيورة، الى صدور قرارات دولية تطوق كلها المقاومة والمعارضة، وان المجتمع الدولي يقف الى جانب قوى 14 شباط التي اذا خسرت رئاسة الجمهورية ستفقد السلطة.والمحاولات الاميركية لاجراء الانتخابات خارج الدستور رافقها كلام للسفير فيلتمان، بان الرئيس لحود لن يبقى في قصر بعبدا عند انتهاء ولايته، في اشارة الى انه لن يتمكن من تشكيل حكومة ثانية، وان خروجه محتم، سواء حصلت الانتخابات او لم تحصل. وفي هذا الاطار فان المعلومات الدبلوماسية تشير الى ان تيارا واسعا في الادارة الاميركية، يدعم بقاء السنيورة في رئاسة الحكومة، ويستبعد وصول سعد الحريري الى السراي، سواء جرت الانتخابات الرئاسية ام لم تجر.وذكرت المعلومات، بان وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس هي التي تقف وراء بقاء السنيورة في الرئاسة الثالثة، لانه نفذ ما طلب منه، ويسير في المشروع الاميركي للمنطقة.وكشفت المعلومات عن اتجاه اميركي في حال تعذر اجراء الانتخابات، فان حكومة السنيورة هي ستتولى السلطة في البلاد، وان البعض في الادارة الاميركية يحبذ ايضاً عدم حصول الانتخابات والوصول الى الفراغ، لاستمرار رئيس الحكومة الحالي في موقعه.وفي المقابل فان سعد الحريري يتحرك لتأمين حصول الانتخابات، لانه مستعجل الوصول الى رئاسة الحكومة، ولا يستبعد ان تحصل تسوية حول رئاسة الجمهورية من خلال مرشح من خارج قوى 14 شباط، حيث تشير المعلومات الى ان هناك اطراف داخل الفريق الحاكم تؤيد توجه الحريري الذي اصطدم بتعنت حليفيه جنبلاط وجعجع، مما دفع برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الى زيارة السنيورة في مقره والاشادة به كبطل استقلال وصموده في قلعته بالسراي، في رسالة واضحة الى الحريري، بانه اذا سار في اي تسوية، فان السنيورة سيبقى رئيساً للحكومة، حيث ذكر ان سعد الحريري توافق مع الرئيس بري على التسوية، حيث تم التداول بمعلومات بان رئيس «تيار المستقبل» قد يقبل بعون رئيساً للجمهورية على ان يكون هو رئيساً للحكومة.ويبدو ان فريق 14 شباط يعيش ازمة داخلية قد تهدد وحدته، بعد ان بدأ يفقد الاكثرية المطلقة من خلال مواقف بعض نوابه من نصاب جلسة انتخاب الرئيس على اساس الثلثين، حيث بات من المؤكد، ان عدم تأمين النصف زائداً واحداً سيضرب كل مشروع قوى السلطة والرهان الاميركي عليه، وفرض التوافق كممر اجباري، وبالتالي المجيء برئيس للجمهورية سيكون لحلفاء سوريا الدور الاساسي في تسميته ووصوله.امام هذه التطورات التي تتفاعل مع الاستحقاق الرئاسي، فان موعد 12 تشرين الثاني الذي حدده الرئيس بري لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، سيكون مفصلياً، لجهة ان تحصل الانتخابات بعد الوصول الى مرشح توافقي، حيث ما زال التفاؤل يتقدم في هذا الاتجاه، وهو ما يتسرب من عين التينة ويوزع رئيس مجلس النواب ايجابيات، ويؤكد ان الاتجاه هو نحو انتخاب رئيس للجمهورية قبل 24 تشرين الثاني، وان ما تلقاه من دعم وتأييد عربي واقليمي ودولي يؤكد على ان الاستحقاق الرئاسي لن يخرج عن السيطرة.
Leave a Reply