بري يؤجل جلسة 23 الى 30 نوفمبر – لحود يكلف الجيش حفظ الامن ويغادر القصر .. وحكومة السنيورة ترى القرار «كأنه لم يصدر»
اخفقت الساعات الاخيرة الفاصلة عن انتهاء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية في حسم هذا الاستحقاق ايجاباً، واضعة جلسة مقررة (يوم الجمعة) لانتخاب رئيس جديد في مهب رياح الانقسامات حول الصيغة التوافقية، ومعرضة اياها لتأجيل مفتوح على كل الاحتمالات.ومع صدور هذا العدد من «صدى الوطن» يكون لبنان قد دخل في مرحلة «فخامة الفراغ» بعد منتصف ليل الجمعة في 24 نوفمبر بتوقيت بيروت (الخامسة عصراً بتوقيت ديترويت).فبعد اخفاق فريقي المعارضة والموالاة في الاتفاق على اسم المرشح التوافقي من اللائحة الخطية التي سلمها البطريرك الماروني نصرالله صفير تكون هذه المبادرة البطريركية قد استنفدت اغراضها الداخلية ووقع البطريرك الماروني مجدداً في «فخ العام 1988» حيث علقت عند عقدة آلية الاختيار بين فريقي النزاع معيدة مفهوم التوافق وشروطه الى سيرته الاولى بين التفسيرين المتناقضين لدى الفريقين، وتمترسهما عند مقولة «هذا المرشح او الفراغ».
كانت اللائحة البطريركية قد ضمت ستة مرشحين زائداً واحداً هو حاكم مصرف لبناني رياض سلامة (اذا لم يكن هذا الاخير بحاجة الى تعديل دستوري للترشح) اما الاسماء الستة الاخرى فكانت ميشال عون (معارضة). بطرس حرب ونسيب لحود (موالاة) وميشال خوري وميشال ادة وروبير غانم (توافق). واذ تم مباشرة استبعاد مرشحي المعارضة والموالاة الثلاثة كان البحث بين زعيم الاغلبية النيابية النائب سعد الحريري ورئيس المجلس النيابي نبيه بري يتركز حول اسمي المرشحين ميشال ادة وروبير غانم، انطلاقاً من اعتراض حاسم من قبل المعارضة على اسم المرشح ميشال خوري (حاكم سابق لمصرف لبنان) باعتباره من مؤسسي لقاء قرنة شهوان المسيحي المناهض للنفوذ السوري، واعتراض اقل حسماً على اسم النائب روبير غانم حيث ربطت المعارضة الموافقة عليه بموافقة زعيم التيار الوطني الحر الجنرال ميشال عون ولكن هذا الاحتمال بقي بعيد المنال.واصطدم اسم المرشح ميشال ادة باعتراض قوي من قبل النائب سعد الحريري والفريق المسيحي في قوى 14 آذار حيث حاول الحريري اقناع بري والمعارضة باسم المرشح روبير غانم الذي رأت فيه المعارضة مرشحاً لـ14 اذار.كانت حركة الجهود والاتصالات الحثيثة قد توجهت في الايام القليلة الماضية نحو الرابية مقر اقامة الجنرال ميشال عون الذي استقبل عدداً كبيراً من الوسطاء والمبعوثين وتوجت هذه الحركة باتصال اجراه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالجنرال عون متمنياً عليه لقاء النائب سعد الحريري وتسهيل عملية اختيار اسم من لائحة بكركي. عقد هذا اللقاء بين عون والحريري الذي كان تلقى اتصالاً مماثلاً من ساركوزي، لكنه بقي «في اطار المجاملات» وجرى الاتفاق بعده على ابقاء الاتصالات مفتوحة في تعبير عن فشل اللقاء في التوصل الى اي نتيجة ايجابية.
ومع دخول المهلة الدستورية للانتخاب ساعاتها الاخيرة بدا ان الوسطاء والمبعوثين العرب والدوليين قد القوا «سلاحهم» امام الحائط اللبناني المسدود والمدعوم بجدران اقليمية ودولية شاءت على الارجح ان يتأجل الاستحقاق الرئاسي اللبناني الى ما بعد مؤتمر آنا بوليس في 72 نوفمبر الجاري الذي من شأنه ان يؤرخ لمسار الازمات الاكبر في الشرق الاوسط سلباً او ايجاباً.ولقد ساد اعتقاد لاسابيع خلت ان الاتصالات والجهود الدولية كانت مضبوطة على التوقيت الرئاسي اللبناني باعتباره «الساعة الصفر» التي يتحدد معها اتجاه الامور في المنطقة.غير ان الاطراف الاقليمية والدولية توافقت على الارجح، على تمديد المأزق الرئاسي اللبناني وبالتالي محاولة رعاية الفراغ الرئاسي وإبقاء الاوضاع الداخلية تحت سقف تفاهمات غير معلنة على منع اي فوضى او انفجار في الوضع اللبناني الى حين تبلور المبادرات الدولية واهمها مؤتمر آنا بوليس الذي ينظر اليه كآخر جهد دبلوماسي تبذله الادارة الجمهورية الاميركية الحالية على جبهة الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي قبل ان تدخل مرحلة الجمود التي تواكب الحملات الانتخابية لمعركة الرئاسة في الخريف القادم.
مبادرة عونوفي حين كان الوسطاء العرب والدوليون يحزمون حقائبهم استعداداً لمغادرة العاصمة اللبنانية بعد فشل كل جهود التوافق على مرشح رئاسي مقبول من فريقي المعارضة والموالاة، اطل زعيم «التيار الوطني الحر» الجنرال ميشال عون على وسائل الاعلام بمبادرة اللحظة الاخيرة اطلق عليها اسم «المبادرة الانقاذية» وقضت بأن يقوم هو بتسمية مرشح رئاسي يتم انتخابه لمدة سنتين ولا ينتمي الى كتلته النيابية (علمت «صدى الوطن» من مصادر مطلعة على هذه المبادرة ان الجنرال عون اقترح اسم النائب بيار دكاش لهذه الفترة الانتقالية التي تنتهي بعد اجراء انتخابات نيابية في ربيع العام 2009). وتضمنت المبادرة شرطاً ان يلتزم هذاالرئيس الانتقالي بتفاهم التيار العوني و«حزب الله» ونصت مبادرة عون على قيام النائب سعد الحريري بتسمية مرشح لرئاسة الحكومة من خارج تيار المستقبل «على ان يلتزم بالمحكمة الدولية».
بيان قوى 14 آذارغير ان المبادرة العونية لقيت رفضاً فورياً من فريق 14 آذار الذي التقى اركانه في فندق فينسيا يوم الخميس الماضي واصدروا بياناً دعوا فيه النواب الى حضور جلسة يوم الجمعة التي لم يكن الرئيس بري قد اعلن عن تأجيلها رسمياً رغم طغيان الاتجاه نحو هذا التأجيل. ووصف بيان هذه القوى مبادرة عون دون ان يسميها بأنها مبادرة لتجزئة الفترة الرئاسية خلافاً للدستور، محذراً من مغبة الاخذ بها ومحملاً فريق المعارضة مسؤولية الفراغ وما قد ينجم عنه من مخاطر.
كلمة لحودوبالتزامن مع هذه التطورات المتسارعة كان الرئيس اللبناني اميل لحود يوجه كلمة الى اللبنانيين بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لاستقلال لبنان، جدد فيها التعهد بالعمل حتى اللحظة الاخيرة من ولايته على الحفاظ على الوحدة الوطنية معلناً انه يغادر قصر بعبدا وهو مطمئن الى ان الجيش اللبناني لن يسمح بحصول اية احداث مخلة بالامن اذا حصل الفراغ، ومؤكداً ان حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لن يكون بمقدورها ملء الفراغ في سدة الرئاسة نظراً لعدم ميثاقيتها وشرعيتها وان بقاءها سيحمل عاجلاً او آجلاً نتائج خطيرة على البلاد.ومثلت كلمة لحود والذي كان استقبل وفد كتلة «حزب الله» النيابية لتهنئته بعيد الاستقلال، اول اشارة الى عدم نيته اللجوء الى اجراء من نوع تشكيل حكومة بديلة معتبراً بصورة ضمنية ان اجراءات الجيش اللبناني كفيلة بمنع الفوضى الامنية في البلاد.
رفع حالة التأهبوكان قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان قد شدد في «امر اليوم» الى العسكريين بمناسبة ذكرى الاستقلال على التصدي لاي محاولات للاخلال بالامن من اية جهة اتت محذراً من ان اي سلاح يوجه الى الداخل هو سلاح خائن وسيجري التعامل معه بالحزم والشدة على غرار ما حصل في «نهر البارد».وقامت قيادة الجيش اللبناني برفع مستوى الاستنفار والجهوزية في منطقة بيروت الكبرى وامتداداً الى معظم مناطق المتن الجبلية الى نسبة 90 بالمئة وعلى امتداد 30 كيلومترا على الخط الساحلي الموصل الى العاصمة شمالاً وجنوباً.
واستقدم الجيش لهذه الغاية لواء «كاملاً من منطقة الجنوب وجرى تشديد الاجراءات الامنية بالتعاون مع القوى الامنية الاخرى حول الوزارات والمؤسسات الرسمية.وبدا مع انقضاء المهلة الدستورية وعدم النجاح في انتخاب رئيس جديد للجمهورية ان معادلة سوف تحكم حالة «فخامة الفراغ» مفادها ان يسيطر الجيش اللبناني على الاوضاع الامنية، فيمنع اي فوضى او اخلال بالامن على ان تقوم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بتصريف الاعمال باعتبارها حكومة بحكم المستقيلة بعد 24 نوفمبر علماً ان ثلاثة من الوزراء المستقيلين على الاقل لم ينقطعوا اصلاً عن تصريف اعمال وزاراتهم وهم وزراء الخارجية والصحة والزراعة.ومع دخول لبنان مرحلة الفراغ الرئاسي تكون الاطراف الداخلية قد وضعت مصير البلاد ووجهة الاوضاع فيه في عهدة القوى الاقليمية والدولية التي سوف تتقرر على ضوء خياراتها اوضاع شرق اوسطية كبرى ولم يكن الفشل في اتمام الاستحقاق الرئاسي سوى انعكاس لتعقيداتها.وعلى الرغم من التطمينات الظاهرة بأن الاوضاع اللبنانية ستظل تحت السيطرة في مرحلة الفراغ الرئاسي، إلا ان مخاطر مواجهات عسكرية في المنطقة مثل توجيه ضربة الى المشروع النووي الايراني او احتمال شن حرب اسرائيلية ضد سوريا اذا لم تنجح محاولات فك تحالفها مع ايران، سيجعل لبنان مسرحاً مفتوحاً لكل الاحتمالات مع غياب الوحدة الوطنية وحالة الفراغ الرئاسي والانقسام السياسي الحاد الذي يحكم سيطرته على مجمل الاوضاع الداخلية.
ليونة جنبلاط المفاجئةولقد كان لافتاً في الايام القليلة الماضية الليونة السياسية الصادرة عن احد اركان فريق 14 آذار الاساسيين زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي بادر الى الاتصال برئيس المجلس النيابي نبيه بري مؤكداً له «ان الوحدة الوطنية تبقى فوق اي اعتبار».وكان لافتاً ايضاً تصريح جنبلاط «باننا لسنا على استعداد لتنفيذ القرارات الدولية على جثثنا»، بعدما دأب على التشديد في السنتين الاخيرتين على تنفيذ هذه القرارات وعدم قدرة لبنان على التنصل من موجباتها، واهمها القراران 1559 1701و.وبرز في اطار هذه الليونة الجنبلاطية تأكيده على عدم الذهاب الى خيار الانتخاب بالنصف زائداً واحداً خلال الاتصال ذاته الذي اجراه مع الرئيس نبيه بري وفقاً لمعلومات حصلت عليه «صدى الوطن» من مصادر مقربة من الرئيس نبيه بري.
صفير الصامت الاكبرورغم شيوع انباء نقلت عن مصادر مقربة من الصرح البطريركي ان البطريرك الماروني نصرالله صفير شديد الاستياء من عدم الاتفاق على مرشح من لائحته التوافقية وشعوره بانه قد خدع مرة جديدة عندما وافق تحت ضغوط داخلية وعربية ودولية على اصدار اللائحة الخطية باسماء المرشحين السبعة، الا ان البطريرك الماروني آثر الصمت مع تقدم الايام والساعات الفاصلة عن موعد الاستحقاق الرئاس
ي. وثمة من يعتقد بأن صمت البطريرك لن يطول بعد الرابع والعشرين من نوفمبر وبعد ان يكون الموقع الماروني الاول في السلطة قد غيب عن معادلتها وتركت ادارة الفراغ الرئاسي لتدبير الثنائي السني – الشيعي المرعي من المرجعيتين السعودية والايرانية، وتفاهمهما القائم حتى الآن على تجنب حدوث اي فتنة مذهبية سيكون فيها الطرفان خاسرين.ويرتقب ان البطريرك الماروني عندما يقرر الخروج عن صمته الذي املته دقة الاتصالات والمفاوضات حول لائحته سوف يتوجه الى زعماء الموارنة السياسيين بـ«كلام كبير» يحملهم فيه مسؤولية تضييع الموقع الماروني في السلطة بسبب انقساماتهم وتموضعهم على ضفتي الانقسام الاسلامي – الاسلامي.
بري يعلن عن تأجيل الجلسة الى 30 نوفمبروفي تطور لاحق يوم الجمعة وخلال وجوده في مجلس النواب اعلن الرئيس نبيه بري عن تأجيل جلسة انتخاب الرئيس الى يوم الجمعة في 30 نوفمبر الجاري وذلك لعدم توافر النصاب القانوني ( الثلثين) لانعقاد الجلسة. وجاء اعلان بري عن هذا التأجيل بعد اجتماعين عقدهما في مكتبه في المجلس مع كل مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط وزعيم الاكثرية النيابية سعد الحريري.
وادلى جنبلاط بعيد اجتماعه ببري بتصريح الى مراسلي الاعلام داخل مجلس النواب شدد فيه على «خط التوافق والسلم الاهلي والطائف الذي التزم به فريق 14 آذار منذ اكثر من سنتين».وتعهد جنبلاط بالسير في هذا الخط حتى الوصول الى الوفاق. وعلى خط آخر قام النائب سعد الحريري بزيارة خاطفة الى الصرح البطريركي والتقى بالبطريرك الماروني نصرالله صفير. واعلن الحريري عن تأكيده للبطريرك العمل على انتخاب رئيس للجمهورية وتجنب الفراغ رافضاً، في اشارة الى مبادرة الجنرال عون، انتخاب رئيس لفترة سنتين ومعتبراً ان هذا الاقتراح يحمل هرطقة دستورية ومتسائلاً لماذا علينا ان تنتخب رئيساً لمدة سنتين بدلاً من ست سنوات كما ينص الدستور اللبناني اذا كنا قادرين على تأمين التوافق حول هذا الرئيس.
.. لحود يكلف الجيش حفظ الامن
وقبل حوالي ثلاث ساعات من مغادرته قصر بعبدا اصدر رئيس الجمهورية العماد اميل لحود بياناً رئاسياً اذاعه الناطق الرسمي باسمه رفيق شلالا اعلن فيه «وجود اخطار تنطبق عليها حالة الطوارئ» ومعلناً تكليف الجيش بحفظ الامن ووضع كل القوى الامنية تحت تصرفه.وعلل البيان هذه الخطوة بافتقار حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الى الشرعية الميثاقية، واوضح البيان ان الاجراءات التي يتخدها الجيش يجب ان تعرض امام حكومة جديدة تتوافر فيها الشرعية، وردت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة برفض هذا الاعلان واعتبرته غير ذي قيمة و«كأنه لم يصدر».
سجالات نيابية على هامش الجلسةوعلى هامش جلسة الانتخاب المؤجلة شهدت اروقة المجلس النيابي سجالات بين نواب من فريقي المعارضة والاكثرية النيابية.فقد دعا النائب عن حزب «القوات اللبنانية» ايلي كيروز الجنرال ميشال عون ونواب كتلته الى الحضور الى المجلس النيابي والمشاركة في انتخاب رئيس جديد للجمهورية داعياً عون الى انهاء تحالفه مع «حزب الله» «الذي يشكل خطراً على السيادة والاستقلال» كما قال.ووصف نائب رئيس المجلس فريد مكاري مقاطعة نواب المعارضة بالتصرف البعيد عن الديموقراطية واعتبر ان الملجس في حالة انعقاد دائم بموجب المادة 34 من الدستور مؤكداً حق النواب في الانتخاب بالاكثرية المطلقة.ورد النائب في كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله) الدكتور حسين الحاج حسن على تصريح نائب القوات اللبنانية ايلي كيروز مفنداً كلامه عن السيادة والاستقلال وقال «ان بلداً محتلة ارضه هو بلد منتقص السيادة، وذكر الحاج حسن كيروز بمواقف القوات اللبنانية خلال الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 سائلاً اياه اين كانت السيادة اللبنانية في ذلك الوقت وماذا فعلت القوات الاجل هذه السيادة.ورد النائب في كتلة التحرير والتنمية (كتلة بري) علي حسن خليل على نائب رئيس المجلس وقال: كنا نعتقد ان دولته بما له من موقع برلماني يعرف ما هي الاصول البرلمانية والدستورية. ويعرف ان حق النواب في المشاركة او المقاطعة هو حق ديموقراطي. وراى النائب خليل في تصريحات نائب رئيس المجلس فريد مكاري خروجاً على الجو الايجابي الذي ساد اجتماع الرئيس بري مع رموز بارزة من الاكثرية، في اشارة الى لقاء بري مع جنبلاط والحريري على هامش الجلسة.واكد خليل ان المادة 34 من الدستور التي اشار اليها مكاري لا تجيز للاكثرية عقد اي جلسة طالما ان رئيس المجلس لا يزال يدعو الى عقد جلسات حتى يتوفر النصاب القانوني وينتخب رئيس جديد.وبهذه التطورات يكون الاستحقاق الرئاسي اللبناني قد اقفل يوم «الجمعة الطويل» على فشل سلسلة من الجهود المتصلة والمضنية منذ 23 ايلول الماضي، للخروج بهذا الاستحقاق من عنق الزجاجة دون كسر الزجاجة نفسها، وانفتح الوضع اللبناني الهش على مخاطر كبيرة قد تحملها التطورات الاقليمية والدولية في الفترة التي ستعقب انعقاد مؤتمر آنا بوليس الذي قرر مجلس وزراء الخارجية العرب المنعقد في القاهرة المشاركة فيه واعلنت سوريا مشاركتها اذا جرى ادراج بند يتعلق بمرتفعات الجولان المحتلة على جدول اعماله.ومع عدم توقع نتائج ملموسة لهذا المؤتمر اذا كان له من نتائج اصلاً – على المدى القريب، تكون الازمة اللبنانية قد دخلت في نفق انتظار الازمات الكبرى في المنطقة وطرق ادارتها سلماً ام حرباً. وتكون تطورات يوم «الجمعة الحزينة» قد اكدت المؤكد ان الملف اللبناني لم يكن اصلاً في عهدة اللبنانيين واعاد الفرنسيون والاوروبيون تسليم «الوديعة اللبنانية» للادارة الاميركية ليكون هذا الملف واحداً من الملفات العديدة في ازمات المنطقة ويكون اللبنانيون قد اضاعوا اقتناص فرصة تاريخية نادرة لصياغة عقد اتفاق وطني جديد في ظل عدم قدرة الولايات المتحدة استثمار موازين القوى الدولية التي تمسك بها، في الوضع اللبناني في لحظة تعثر مشروعها الشرق اوسطي، بما يفتح الساحة اللبنانية مجدداً على اشد الاحتمالات خطراً على الكيان اللبناني برمته.
Leave a Reply