رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس رضي أن يلعب دور «كبش فداء» على مذبح الصراع في الأرض المحتلة، بأن أخذ على عاتقه مهمة ما كان أحد غيره يقبلها، أسقط البندقية وحمل بكلتا يديه غصن الزيتون، وبذلك شطر الشعب الفلسطيني إلى نصفين، ليفاجئه الإسرائيليون بضربة ربما تكون القاضية أن اعتبروه زعيما لا يمثّل إجماعا وطنيا، وبالتالي لا يمكن الوثوق به في التوقيع على إتفاق سلام.حتى حكومته التي شكلّها سلام فياض يسخر منها كتّاب المقالات السياسية في الصحف الإسرائيلية ويعتبرونها حكومة لصرف الرواتب، غير مؤهلة لإتخاذ قرارات إستراتيجية، وهي حتى في الأصل يغيب عنها رموز طالما حفلت بها الساحة الفلسطينية من أمثال نبيل شعث وياسر عبد ربه وهاني الحسن وأحمد عبد الرحمن وجبريل الرجوب ومروان البرغوثي ونبيل عمرو وعباس زكي وحنان عشراوي وحتى محمد دحلان، ناهيك عن شخصيات من حماس ذي وزن في الشارع الفلسطيني ثقيل. كل هؤلاء تم تغييبهم عن مسرح الأحداث ولم يعد لهم صوت يُسمع في وسائل الإعلام ومن على المنابر المحلية والإقليمية والدولية، ليصار إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في أنابوليس أواخر هذا الشهر، لا أحد يدري من سيمثّل الفلسطينيين فيه غير أبو مازن، وكأنه بذلك يقدم على عملية إنتحار سياسي، لا يود لأحد أن يشاركه فيها، حتى لا تفرغ الساحة الفلسطينية من رجال يواصلون المسيرة، في.وحال غياب الرئيس عن المشهد السياسي.الشاهد على أن مؤتمر أنابوليس سيكون بمثابة محرقة لمشاريع أكل عليها الدهر وشرب، وسياسيين غابت شمسهم هو ذلك الجمع من قادة وزعماء لا تبحهم شعوبهم ولا تثق بهم، جورج بوش الذي أغرق بلاده في حروب وديون، وأيهود أولمرت الذي جلب لإسرائيل إنتكاسة عسكرية في حرب تموز، ومحمود عباس الذي شهدت فلسطين في عهده إنقساما وحربا أهلية، وطوني بلير الذي تنفّس برحيله البريطانيون الصعداء.ومن فرط هشاشة مؤتمر أنابوليس والخشية من تحقيقه لفشل ذريع، سعى القائمون عليه بربطه بمؤتمر آخر سيعقد في باريس منتصف الشهر القادم لمنح السلطة الفلسطينية معونات مالية تصل إلى نصف مليار دولار، في حين أعلن أولمرت نيته للإفراج عن مئات الأسرى في السجون الإسرائيلية معظمهم من فتح، وأبدى وزير الدفاع أيهود باراك بدء تحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين في الضفة الغربية.بالأمس وزعت الدعوات على دول ومنظمات وشخصيات لحضور المؤتمر من بينها أندونيسيا وأستراليا والسودان وفاتهم دعوة النيجر وجزر القمر وبلاد الواق الواق، وكان الأجدى دعوة دول مركزية في الشرق الأوسط كسوريا ولبنان باعتبارهما طرفين لا يمكن للصراع الإسرائيلي الفلسطيني أن يتم تسويته دون حضورهما، وكان من الأجدى أن تدعى حماس إلى المؤتمر باعتبارها تمثل نصف الفلسطينيين وقد جاءت إلى السلطة في إنتخابات ديمقراطية.أما وقد استبعدت هذه الأطراف من الحضور فليس من حق المؤتمرين مطالبتها مستقبلا بدعم مقررات المؤتمر وتوصياته، بل على العكس فهي من حقها المجابهة، وهذا ما قامت به فعلا عبر مؤتمر عقد مؤخرا لها في دمشق ضم أطرافا مقاومة، لا أحد يدري حتى اللحظة كيف تترجم هذه المجابهة على الأرض.
Leave a Reply