بحضور رسميين:
الإسلام لا يشرعن مبدأ ممارسة العنف المنزلي تحت مبررات التأديب والتربية
ديربورن – خاص صدى الوطن
ظاهرة العنف المنزلي الموجه في أغلب الأحيان نحو النساء، هي ظاهرة ليست مرتبطة بأمة بعينها أو دين بذاته، وكون الجالية العربية الأميركية يحدث فيها هذا النوع من العنف مثلها في ذلك مثل بقية أطياف الشعب الأميركي، فليس معنى ذلك أن تعاليم الإسلام تحض على العنف ضد المرأة، هذا ما توصلت إليه نتائج ندوة عقدتها قيادات إسلامية في جنوب شرق ميشيغن الأسبوع الماضي، وذلك يوم 25 تشرين الثاني (نوفمبر) وهو اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء الذي كانت هيئة الأمم المتحدة تبنته إعتبارا من العام 1999 وفق المادة (54/134) حيث دعت الهيئة الحكومات والمنظمات الدولية لإقامة نشاطات لتسليط الأضواء على المشكلة وعمل كل ما يمكن عمله للتقليل من إنتشار هذا النوع من العنف ومحاربته ومراقبته، خاصة إذا ما أدركنا أن ضحايا جرائم الإغتصاب في العالم هن من النساء، وهن أيضا من يتعرضن للعنف المنزلي وغيره من صنوف العنف، وغالبا ما يتم التستر على حيثيات هذه الجرائم وإخفائها.
المحافظ فيكانو متحدثا والي اليمين شريف مقاطعة وين ايفانز ومدعي عام المقاطعة وورثي الى اليسار |
ندوة لـ«إشاعة الوئام الأسري»ذلك هو شعار ندوة عقدت الأسبوع الماضي تحت رعاية دائرة الصحة العقلية بمحافظة وين في مركز نادي بنت جبيل الثقافي في ديربورن بمساهمة من المركز العربي للخدمات الإجتماعية (أكسس) وجمعية أويسز لحماية ضحايا الجرائم، وصدر عنها لائحة مباديء لنشر السلام في أوساط العائلات في ميشيغن، قام بالتوقيع عليها سبعة عشر من أئمة المساجد في المنطقة، وبموجب هذه اللائحة تم إتخاذ مواقف صارمة ضد منفذي جرائم العنف المنزلي، وبضرورة تثقيف الجالية في هذا الصدد، ودفع التهم الملصقة زورا بالإسلام من أنه دين يحضّ أو يشرعن مبدأ ممارسة العنف المنزلي تحت مبررات التأديب أو التربية، ومن أن هكذا مبررات ليس لها أصل في الدين الحنيف.وكانت ساندرا أمين-براين مستشارة الصحة العقلية في «أكسس» وعريف الحفل حذرت الحضور في بداية الندوة من أن بعضا من النقاشات سوف لن تعجبهم مضيفة «إن المشاكل مثل العنف العائلي تتفاقم حين يتم السكوت عليها»، في حين رحّب مدير مركز الصحة والبحوث في (أكسس) د. عدنان حماد بالمئات الذين حضروا الندوة وقال «العنف العائلي مشكلة تخترق جوهر جاليتنا» وأضاف أن «هذه الأمسية جاءت تتويجا لعمل دام 15 عاما مع القيادات المدنية والدينية والغاية هي إستهداف العنف».من جانبها أشارت ليلى أمين رئيسة المركز العربي الأميركي لمكافحة العنف المنزلي «أي أي دي في سي» التابع لـ«أكسس» إلى أن طاقمها يعمل منذ أواخر الثمانينيات للفت أنظار الجالية إلى هذه المشكلة، وقالت «كثيرون من أبناء الجالية لا يقدرون حجم المشكلة».
فيلم تسجيليكان عرض فيلم وثائقي في الندوة وصف فيه عدد من الضحايا تجاربهم، وتمت فيه مناقشة لأشكال العنف المنزلي والذي ليس بالضرورة أن يكون مقصورا على الإيذاء الجسدي، ومن بين تلك الأشكال التهديدات اللفظية والشتيمة، والمراقبة الحثيثة والتتبع، والإستجوابات المطوّلة عن نشاطاتهم وعلاقاتهم العاطفية، والتي من شأنها إضعاف الضحية أمام مرتكبي العنف، إضافة إلى منع الضحايا من الإتصال بالأصدقاء أو ملاقاتهم أو إستخدام التلفون أو السيارة بحرية.وجاء في الفيلم أن 50 بالمئة من الرجال المتعسفين الذين يمارسون العنف ضد زوجاتهم يمارسونه كذلك ضد أبنائهم. وظهر في الشريط رجل يدعى براين قال «إن ديننا يقول أن الرجال هم حماة النساء» فكرة تطورت لدى الرجال وكأنهم منوط بهم إضطهاد النساء. وفي هذا اشارت جوانا لادقي من «أكسس» «بأن لا علاقة للدين بهذا، لكن مجتمعنا هو الذين منح الرجل السيطرة».الإمام باقر بري دعى إلى مناقشة كافة المسائل المتعلقة بالزواج قبل الدخول فيه «نحن نعمل الكثير لحفل الزفاف وليس للزواج نفسه»، قال ذلك في أحد مشاهد الفيلم. لادقي حذرت من المبالغة في مسألة «غضب» الرجل الذي يفضي إلى إنتهاكه لحقوق المرأة وقالت «لماذا لا يظهر هذا الغضب خارج المنزل» معتبرة أن ليس الغضب وراء إيذاء الرجل لزوجته أو أطفاله.
العنف المنزلي جريمةوكانت الأمسية تضمنت بكثير من النقاش مسألة ما إذا كان العنف المنزلي قضية خاصة لا يجب لأحد التدخل فيها، اعتبرت لادقي أن هذه النظرة من جملة الأخطاء الشائعة، فالعنف المنزلي جريمة يعاقب عليها القانون وليس قضية خاصة. وهذه النقطة تطرقت إليها متحدثة رئيسية في الندوة هي نانسي ديهل من مكتب الإدعاء في محافظة وين التي قالت «إن هذه الليلة بمثابة إحتفال كونها تناقش مكافحة العنف المنزلي» مشيدة بأئمة المساجد و«أكسس» وجمعية «أويسز» بعد أن تلت عددا من العناوين الرئيسية والقصص المنشورة في وسائل الإعلام حول أحداث عنف منزلي محلية. وأضافت «المكان الأكثر أمانا يفترض أن يكون هو المنزل» لكن الواقع هو أن منازلنا في المدينة والولاية وعموم أميركا أصبحت هي الأكثر خطرا.تحدثت ديهل عن قصة أحد الموظفين في مكتب رئيس بلدية ديترويت الذي تم إعتقاله الأسبوع الماضي في حادثة عنف عائلي وحين سئل نائب الرئيس عن الموضوع قال «إنها مسألة خاصة». وفي اليوم التالي قال قائد شرطة ديترويت الشيء ذاته، ديهل أكدّت أن تلك ليست قضية خاصة، إنها «جريمة يعاقب عليها القانون». ديهل دعت إلى عدم التسامح مطلقا مع من يرتكبون هذا النوع من الجريمة «لو أن كلا منا احترم الآخر لساد السلام، فأنت لن تضرب شخصا تكن له الإحترام».أضافت ديهل إن لرجال الدين دور كبير في تصفية النفوس واشاعة الوئام في الأوساط الأسرية، باعتبار أن معظم الضحايا ومرتكبي العنف المنزلي هم من المؤمنين، وحين يصادفون مشاكل من هذا النوع فإنهم يلتجئون إلى رجال الدين لمساعدتهم.
محافظة وين تطلق مشروع «الأمان المنزلي»
المسؤولون في محافظة وين اختارو هذا الأسبوع بداية لإستهداف مرتكبي العنف المنزلي الذين تمت إدانتهم ووضعوا تحت المراقبة الأمنية (بروبايشن) أو تم تحميلهم التزامات أو عينت لهم مواعيد محكمة، ومن ثم اختفوا عن الأنظار «نقول لهم يمكنهم التهرّب لكنهم لن يستطيعوا الإختفاء».
والذين وضعوا هذا البرنامج ويشرفون على تنفيذه هم: شريف المقاطعة وورن إيفانز، المدعي العام كيم وورثي والمحافظ روبرت فيكانو وهؤلاء يستهدفون حوالي 300 من الفارين من وجه العدالة في جرائم عنف عائلي، وسيصار بحسب الخطة إلى القيام بزيارات مفاجئة إلى بيوت الفارين وإلقاء القبض على المطلوبين.إحصائياتبحسب آخر الإحصائيات المتوفرة عن العنف المنزلي فإن ولاية ميشيغن سجلت في العام 2005 حوالي 40 ألف حادثة عنف منزلي في مقابل 55 ألفا في العام الذي سبقه، فيما وصلت حالات جرائم القتل إلى 58 مقابل 30 في العام 2004، شكلّت فيها محافظة وين ثلث الحالات المرتكبة في عموم ولاية ميشيغن. وأشارت الجهات الرسمية إلى أن معدلات العنف المنزلي تتصاعد خلال العطل والأعياد حين تجد العائلات نفسها معرضة لضغوط مالية كبيرة.
Leave a Reply