كثر الحديث في الوسط الطلابي عن ظاهرة سيئة لا تليق والمستوى الذي وصل اليه الطلاب والطالبات على الصعيدين التربوي والتعليمي فقد إزدادت الشكوى من مسألة لا نعرف مدى حجمها ولا تأثيرها ولكن كثرة الشكوى منها أصبحت ظاهرة مزعجة إلا وهي الإشاعة وما أدراك ما الإشاعة.لهذا الامر الخطير لا بد أن نقرع الأجراس وندق ناقوس الخطر لتدارك إمتداد هذه المصيبة والحد من إنتشارها، لأن نارها لا سمح الله لا تميز بين الأخضر واليابس، والإشاعة هي ضرب من ضروب الشيطان وهي أمضى سلاح يمزق العلاقة بين الأرحام ويحطم أواصر المحبة بين الأخوان والأصدقاء ويزعزع الثقة بين أفراد الأسرة المحافظة ويجرح كرامة الإخوان ويخدش شرف المؤمنين ويعرض سمعتهم للخطر. إسمع أيها القارىء الكريم ماذا يقول ربنا سبحانه وتعالى عن هذه الجريمة وكيف توعد الفاعلون لها بالعذاب الأليم في الدنيا والأخرة يقول سبحانه {ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والاخرة والله يعلم وانتم لا تعلمون}.إن الامر في غاية الأهمية ويستدعي منا أن نعلن الإستنفار وذلك لتساهل بعضنا في نقل المعلومة بحسن نية أو بسوء نية، فمن يحسن الظن في أخيه يحمل المعلومة عنه على محامل ثلاث:- محمل التقيم فينشر غسيل أخيه في مجلس واحد ويقوم كأنه لم يفعل شيء.- محمل النصح فيفتح ملافات أخيه للآخرين بعنوان إيصال النصح له.- المحمل الثالث تحذير الأخوان من عمل أو سلوك أو تصرفات طرف ما دون مراعاة.أما من يسيء الظن بالإخوان فإنه لا ولن يتورع في الزيادة والنقصان وقد يقع في مصيدة الفسق فينطبق عليه قول الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }.ولكن ما فائدة الندم في هذا الزمان إذا استمر الواشي بنقل الإشاعة وأصبحت وظيفة يمتهنها وقد يعدّ العدّة لمواجهة المانعيين لهذا المنهج الجاهلي، ولكن يحذونا الأمل في قوة وإرادة المستقبلين السامعين للإشاعة والكلام على الأشخاص والجماعات والوقوف بحزم أما من يتحدثون عن أعراض الناس ويأكلون لحوم أخوانهم لا لشيء إلا لإرضاء نزواتهم الشيطانية.أيها الأحبة أننا جميعاً معرضون للسقوط في حبائل الشيطان فتتبلد أحاسيسنا وتموت ضمائرنا ونقف مشدوهين أمام ناقل الشر وهو يوغل في حرمات الناس ونحن نقول هل من مزيد، وكلما كشف لنا مستوراً أخفاه الله على عباده، ظننا أن من حقنا معرفة أسرار الناس وخصوصياتهم فنكون شركاء مع من باع نفسه للشيطان.والحال أيها الأخوة والاخوات أننا منهيون عن الظن بالناس والتجسس عليهم وتتبع عثراتهم، أسمعوا قول الله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيم} ما ابلغٌ هذا التعبير في وصف الغيبة كأنها أكل لحم ألإخوان وهم أموات.سؤال لماذا يقدم بعض الطلبة لتشويه سمعة زملائهم؟ ويسمحوا لإنفسهم بنقل معلومات تسيء لإخوانهم سواء كانت تلك المعلومات صحيحة أو ملفقة، ومن أعطاهم الأذن الشرعي بالقيام بدور الرقيب على أولاد الناس وبناتهم؟ هل هي الغيرة على شرف المؤمنين وأخلاقهم، أم هو واجب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! والجواب هو {إن من يقوم بهذه الأعمال ليس في قلبه ذرة من الغيرة ولا يعرف واجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل ران على قلبه مرض العداوة والحسد فتعتمر في نفسه جمرة الإنتقام مع من يختلف معه على أبسط الأمور، ونسي هذا المسكين أن العداوة مع أي أحد من الناس ليست ممتعة ولا مريحة، فهي عبء على نفس الإنسان، واستهلاك لاهتماماته وجهوده، وهدر لطاقاته، وتمزيق لعلاقاته وانسجامه مع زملائه من أبناء وطنه الذين هم في أمس الحاجة للرعاية والمحافظة على سمعتهم.لذلك على الإنسان العاقل الواعي أن يتجنب العداوات والخصومات، فلا يبادر أحداً بخصومة، ولا يصدر منه ما يسبب نزاعاً أو عداءً من قول أو فعل يستهدف النيل من أحد والتقليل من شانه والإستهزاء به وتحقيره وعدم الإكتراث به وتهميشه، ونبزه بألقاب يستاء منها، فربما كان المستهدف هو أكرم عند الله وأشرف عند عباد الله، يقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون}.ولو أستطاع الفرد منا أن ينأ بنفسه عن التحامل على الإخوان وأن لا يقع فريسة الإستدراج على أتفه الاسباب وإذا ما حاول أحد أن يستدرجه لعداوة أو صراع، فليتحلى بالذكاء وضبط النفس كي لا يقع في الفخ، فإن العداوة نفق لا يعرف الإنسان إذا دخله كيف يخرج منه؟ إنه من المحزن أن نسمع بعض القصص التي يختلف عليها الناس ثم تتحول إلى معارك تستدعي التقاطع والتدابر والهجران، وحين تبحث عن السبب تجده أتفه من لعب الأطفال إذا ما قورن بعقولهم وطموحاتهم هذا فضلاً عن وعيهم وإيمانهم، فمن صفات المؤمنين الواعين، التي يشيد بها القرآن الكريم، أنهم لا يستجيبون لإثارات العداء الصادرة من الجاهلين والمخالفين، بل يعرضون عنها كأنها لم تكن، ولا يقفون عندها بل يمرون عليها مرور الكرام، ويرفعون تجاهها شعار المسالمة والموادعة، لنسمع قول الله تعالي وفي وصفه للمؤمنين يقوله {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُون}.
Leave a Reply