بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح النبي عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام لا بد من تسجيل موقف في هذا البلد.أولاً ماذا يعني السيد المسيح للمسلمين، وما هو فهمنا لإحياء ذكرى ميلاد المسيح عليه السلام، وكيف يستفيد المسلمون من هذى الذكرى لمد الجسور بين هاتين الامتين-الأمة المسلمة والأمة المسيحية.
مقدمة:من هو السيد المسيح عند المسلمين؟ يعتقد كل مسلم بما جاء في القرأن عن جميع الإنبياء بل يدينون به ويتعبدون ومن ينكر ذلك فأنه ينكر ضرورة من ضرورات الاسلام يقول تعالى: {قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون}84 آل عمران. والسيد المسيح عليه السلام هو واحد من أولي العزم جاء ذكره في القرأن الكريم في أربعة عناوين: ويهمنا التركيز على العنوان الرابع في هذه المقالة.
العنوان الأول: تفاصيل ولادته عليه السلام التي تفرد بها، ويكتفي القاريء الكريم بالإطلاع على نصوص القرأن الكريم في سورة آل عمران من آية: 35 الى آية 47 التي تحكي مقدمة وتفاصيل ولادته عليه السلام في صورة نادرة لم يسبقه ولم يلحق أحد من البشر إلا أشتراكه في صفه واحد مع سيدنا آدم عليه السلام ذكرها القرأن، يقول تعالى: {ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}. العنوان الثاني: تفاصيل الآيات والمعجزات التي أختص بها عليه السلام، يقول تعالى {وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين}، آل عمران آية 49.العنوان الثالث: تفاصيل تأكيد عبوديته، لله قال تعالى: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نبيا}وقال تعالى: {واذ قال الله يا عيسى ابن مريم اانت قلت للناس اتخذوني وامي الهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس لي بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب}العنوان الرابع: تفاصيل رفع الشبهات عن كونه بشر، يقول تعالى {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُون} 59 آل عمران.
موقف المسلموهذا المفصل من حياة السيد المسيح هو الأبرز حيث يشكل نقطة المفارقة بين أتباع السيد المسيح وبقية الأمم، ولو إطلع أي باحث في حياة السيد المسيح عند الطرفين يجد تمسك كل طرف بموقفه وفق الأدلة والبراهين التي تشكل قناعة لا يمكن التنازل عنها أو حتى مناقشتها، وأستمر الحال أكثر من ألفي عام, ظهرت محاولات جادة لإيجاد سبل الحوار بين المسلمين والمسيحيين تحت عناوين مختلفة منها على سبيل المثال ( الحوار الإسلامي المسيحي ) في القرن المنصرم إنطلقت صيحات تدعو للحوار بين أتباع الأديان وحينها كانت الفرصة مؤاتية والسبب أن نظرة الكنيسة الكاثوليكية للإسلام كانت موضوعية وكان للتصريح الذي صدر من الكنيسة عام يقول التصريح إن الشعوب كلها جماعة واحدة أصلها واحد أسكنها الله وجه الارض كلها وتتجه نحو غاية واحدة قصوى هي الله الذي يشمل الكل بغاية وبآيات لطفه وتدابير الخلاص حتى يجتمع المختارون في المدينة المقدسة 1965 التي يضيئها مجد الله وفي نوره تسلك الشعوب جميعاً، إن نظرة الكنيسة بالتقدير إلى المسلمين وتعتبرهم عباد الله الأحد الحي القيوم الرحمن القدير فاطر السماوات والأرض، وتضيف الكنيسة واصفة المسلمين بقولها «إنهم يجتهدون في التسليم بكل نفوسهم لأحكام الله وان خفيت مقاصده كما سلم إبراهيم الذي يفخر الدين الإسلامي بالإنتساب إليه».
أزمات تدمّر المنجزاتولم يستمر ذلك الموقف الجميل على حاله وبسبب إحتدام الصراع السياسي وتضارب المصالح ظهرت أزمة خطاب البابا الأكاديمي الأخير التي قدم عنها اعتذرا غير مرة قد تكون فرصة طيبة نجلو بها في العالمين العربي والإسلامي ما لصق في الصدور من بقية ضغائن ولدتها عصور مظلمة وتمحو من الذاكرة رواسب خلافية عقائدية لا محل لها في القرن الحادي والعشرين، وتؤسس لنقله جديدة من الحوار أساسها الاحترام المتبادل والفهم الواعي لدى الأطراف المتحاورة.
حوار الحضاراتأما عن النظريـة الأخرى (حوار الحضارات) والتي طرحها الكثير من العلماء الغربيين والشرقيين بعـد شعورهم بأن مفتاح العلاج بين الحضارات ليس الاحتراب بل على العكس من ذلك هو الحوار والتداخل ، وبعتبر أنضج ما طرح في هذه النظريـة للمفكر الفرنسي (روجيـه غارودي) في كتابـه «من أجل حوار بين الحضارات» الذي هو عبارة عن نقـد لحضارة الغرب من حيث السلوك في تاريخ العلاقـة بالأمم والحضارات الأخرى ، فهو من خلال الكتاب أيضا كان لديـه الكثير من البواعث لتعزيز الحوار بدلا من الصدام، فهو بهذا يدعو الغرب إلى إعادة النظر في الذات والآخر الحضاري، بل دعاه إلى الاستفادة من الحضارات الأخرى في بلورة مشروع الأمل لديـه والذي عبر عنـه في كتابـه قدم الرئيس الجمهورية الإسلامية السيد محمد خاتمي مشروعه بشأن حوار الحضارات، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة 1998. بهذا الحوار بين الحضارات وحده يمكن أن يولد مشروع كوني يتسق مع اختراع المستقبل. وفي عام أسس في هذه السنة مركزا دوليا لمتابعة تنشيط اقتراحه، يعـد إنجازا واضحا.
صراع الحضاراتتحولت هذه المقولة إلى واحدة من أنشط الأفكار تداولاً ونقداً وسجالاً بين المفكرين والنخب في العالم، وفجرت جدلاً هو الأوسع من نوعه في1993 حينما أطلق صامويل هانتنغتون مقولته الشهيرة «صدام الحضارات» في صيف السنوات الأخيرة من القرن العشرين. وانخرط المثقفون المفكرون والكتاب العرب باهتمام كبير في تلك النقاشات الاحتجاجية المثيرة للجدل ولم تنتج غير الكم الهائل من الخطب النقدية الرنانة التي أشتهر بها المثقفون.
الخلاصةما أحوجنا اليوم لإستثمار هذا المناسبات ومشاركة من نختلف معهم على جسر المحبة والود وهم يعيشون غمرة الفرحة بالإحتفاء والإحتفال بذكرى ميلاد شخصية عظيمة هي محل إحترام وتقدير وتقديس عند طرفي الخلاف، ولا تكفي المشاركة في المظاهر إذا لم ندخل الى قلوب وعقول الشريحة التي حثنا الآسلام على مخاطبتهاولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا منهم وقولوا امنا بالذي انزل الينا وانزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون.
Leave a Reply