مجازر اسرائيلية تحصد عشرات الشهداء فـي فلسطين بينهم نجل الزهار وقائد «سرايا القدس» فـي الضفةزيارة بوش أعطت زخماً جديداً للعدوان على غزة.. ومشعل يعلن نهاية «التهدئة»
غزة – مسار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية لم يقف عند حدود مجزرة أو اثنتين في قطاع غزة، إذ يبدو أن غياب أي رادع داخلي أو دولي يمنح سلطات الاحتلال ضوءاً أخضر لمزيد من الإجرام. إذ لا يكاد فلسطينيو قطاع غزة يصحون من هول مجزرةً حتى تباغتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي بمجزرة ثانية وقد سقط في القطاع وحده أكثر من 40شهيداً خلال الأسبوع الماضي نصفهم في مجزرة حي الزيتون.
وباتت قوافل الشهداء مشهداً يومياً معتاداً في غزة، التي حضّرت نفسها لدفع ثمن السلام المدعوم عربياً ودولياً، لكنها تشتكي من نفاد الأكفان.وأسهم العدوان على غزة في خلق مظهر وحدة بين القطاع والضفة الغربية، اللتين توحدتا في مظاهر الحداد. وأسهم في إجراء أول اتصال تعزية بين الرئيس محمود عباس والقائد في «حماس» محمود الزهار، الذي فقد نجله خلال الأسبوع الماضي وقال مصدر في «حماس» إن عباس والزهار «تبادلا عبارات دافئة بما في ذلك ما يتعلق بالوضع السياسي، وأكدا أن الدم الفلسطيني يوحّد الشعب الفلسطيني رغم كل ما جرى من خلافات». وأضاف أنهما «شدّدا على أن الوحدة الوطنية خيار الجميع».
وقال الزهار الذي كان قد فقد ابنه البكر خالد في غارة جوية اسرائيلية على منزله في غزة في أيلول (سبتمبر) 2003«هذه ضريبة ندفعها من دمائنا ودماء أبنائنا» مضيفا «هذه اولى نتائج زيارة بوش… لقد شجع الإسرائيليين على قتل شعبنا». وتابع «سوف نرد باللغة التي يفهمونها»، معتبراً ان «قيادة السلطة وفتح تتآمران مع الرئيس الأميركي جورج بوش وإسرائيل على حصار أبنائنا وقتلهم، وليس أمامنا إلا أن ندافع عن أنفسنا». وفي وقت حافظت فيه قوات الاحتلال على وتيرة عملياتها العدوانية، خيمت أجواء من الحزن الشديد على مدن القطاع، احتجاجاً على المجازر الإسرائيلية. وأغلقت الجامعات والمدارس، والمؤسسات الحكومية والأهلية، والمحال التجارية، أبوابها، التزاماً بدعوتين منفصلتين بإعلان الحداد والإضراب العام أصدرتهما حكومة هنية في غزة، وحكومة سلام فياض في رام الله.ورداً على العدوان، أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، وقف أي صفقة لإطلاق الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط ووقف التهدئة مع الاحتلال، مطالباً عباس بوقف المفاوضات مع تل أبيب. غير أن المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة رفض ذلك، معتبراً أن «تعليق المفاوضات مع إسرائيل بسبب ما ترتكبه في الأراضي الفلسطينية ليس قراراً فلسطينياً بحتاً بل هو قرار عربي».واتفقت دمشق وطهران على اعتبار أن جريمة غزة تمّت بضوء أخضر من الرئيس الأميركي جورج بوش، الذي اختتم من شرم الشيخ جولته الشرق أوسطية الأولى بتجديد تفاؤله بإمكان إبرام اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فيما رأى الرئيس المصري حسني مبارك أن «القضية الفلسطينية هي القضية المحورية في المنطقة».وفيما تواصلت ردود الفعل والإدانات لجرائم الاحتلال ولا سيما من طهران أعلن رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، أنه لا مكان للتهدئة بعد اليوم، مشيراً إلى إلغاء أي صفقة تبادل كان من الممكن عقدها لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي هدّدت الحركة بـ«حسم مصيره».وقد أعلن خالد مشعل من دمشق أن العدوان الإسرائيلي بدّد احتمالات إتمام عملية تبادل سجناء. وقال «هذا الذي تفعلونه سيحرمكم من أي خطوة يمكن أن تراهنوا عليها. لا تبادل جلعاد شاليط ولا تهدئة ولا من يحزنون». وأضاف «إذا ظن (رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت) أنه سيخفض سقفنا بهذه المجازر فهو واهم. مطالبنا هي مطالبنا، لن يرى جلعاد شاليط النور إلا إذا رأى أبناؤنا وبناتنا البواسل النور والحرية».وقال مشعل، في مؤتمر صحافي، «هذا الدم الفلسطيني لن ينقذكم بل سيغرقكم، هذا سيظل لعنة عليكم وعلى كيانكم المسخ الإرهابي». وطالب السلطة الفلسطينية باتخاذ موقف صارم من الهجمات الإسرائيلية عن طريق وقف كلي لمفاوضات الحل النهائي، التي وصفها بالعبثية.وفي السياق، هدد الناشط في حركة «حماس»، ربحي الرنتيسي، في حديث إلى إذاعة الجيش الإسرائيلي، بحسم مصير شاليط. وقال «لا أريد أن أبدو كمن يهدد، لكنكم على ما يبدو تنسون أن لديكم رهينة اسمها جلعاد شاليط، وأنتم لا تريدون حسم مصيره».وذكر متحدث باسم الحكومة الفلسطينية المقالة أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أكد في اتصال هاتفي الأربعاء مع هنية أن «مجزرة غزة» الإسرائيلية جاءت بضوء أخضر من بوش. وأضاف أن الرئيس الإيراني «قدم التعازي للشعب الفلسطيني وللدكتور محمود الزهار». كذلك، عبّر وزير الإعلام السوري، محسن بلال، عن «استنكار سوريا الشديد للجريمة البشعة في غزة»، ورأى أن بوش «أعطى الضوء الأخضر خلال زيارته المنطقة لهذا العدوان على الشعب الفلسطيني».وفي الضفة الغربية، اغتالت وحدة المستعربين في مدينة قباطية، القريبة من جنين، قائد «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، وليد العبيدي «أبو القسام»، الذي وصفته مصادر إسرائيلية بأنه «صيد ثمين». وأعلنت قيادة «سرايا القدس» في الضفة، في بيان صحافي، حالة النفير العام في صفوف مجاهديها، مؤكدة أن عملية اغتيال «أبو القسام» لن تقابل إلا بردّ موجع في الوقت والمكان المناسبين.ويعتبر العبيدي المطلوب الرقم واحد للاحتلال في الضفة منذ أكثر من سبع سنوات، وتعرض لمحاولات اغتيال عديدة نجا منها، كان آخرها في 9 آب (أغسطس) 2006حين أصيب عندما أطلقت مروحية إسرائيلية صاروخين على منزل في جنين كان يتحصن فيه العبيدي، الذي كان آنذاك نائباً لقائد «سرايا القدس» في الضفة حسام جرادات الذي نجا هو الآخر من تلك المحاولة إلا انه استشهد في عملية اغتيال لاحقة، في 30آب 2006فيما أسفرت تلك العملية عن استشهاد اثنين من قادة «سرايا القدس» محمد عتيق وأمجد العجمي. وتتهم أجهزة الأمن الإسرائيلية العبيدي بالمسؤولية عن عملية «نفي شأنان» جنوبي تل ابيب التي نفذها الشهيد سامر سميح محمد حماد في 17نيسان 2006وأسفرت عن مقتل 11 إسرائيليا وإصابة العشرات. ويتهمه الاحتلال ايضا بالمسؤولية عن إرسال فدائي من جنين لتفجير نفسه في إحدى المدن الإسرائيلية، في 31آذار 2006إلا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تمكنت من اعتقاله قبل تنفيذ العملية. إلى ذلك، قال وزير الصحة في حكومة اسماعيل هنية، الدكتور باسم نعيم، إن «أكفان الشهداء والموتى على وشك النفاد من القطاع، بعدما نفد الكثير من الأدوية والمستلزمات الطبية، في ظل التصعيد العسكري الخطير، والحصار وإغلاق المعابر». وحذر من «كارثة صحية وإنسانية ستحول غزة إلى منطقةمنكوبة في ظل استمرار العدوان».
تهديدات من ناحية ثانية قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إن الاحتلال يشن «حربا» على النشطاء الفلسطينيين الذين يطلقون صواريخ من قطاع غزة.وقال أولمرت في كلمة ألقاها أمام جمعية الصناعيين الإسرائيليين «أكثر جنودنا وأكثر أفراد الأمن جرأة وشجاعة يشاركون في هذه الحرب… لن تتوقف سيجيء وقت تحسم فيه هذه الحرب وسيجعل ذلك إطلاق الصواريخ في الجنوب يختلف عما هو عليه الآن».وأضاف أن عمليات الجيش الإسرائيلي سترغمهم على وقف الهجمات.وكان حاييم رامون نائب رئيس الحكومة قد قال في تصريح لإذاعة جيش الاحتلال إن «الضغوط العسكرية والاقتصادية والعزلة الدولية لقطاع غزة ستثمر في نهاية المطاف». وأضاف أن هذا التكتيك الذي يستبعد حاليا عملية عسكرية برية واسعة النطاق دفع حركة حماس إلى السعي «لوقف لإطلاق النار» على حد زعمه. وتابع يقول «لا حاجة إطلاقا للتفاوض مع حماس. إذا توقف إطلاق الصواريخ سنكف عن شن العمليات في غزة».
Leave a Reply