رسائل متعددة الاتجاهات وتصب كلها ضد زيارة بوش هل تستلم الادارة الاميركية ملف الامن في لبنان بظل سلطة حلفائها؟
بيروت – لم يكد الرئيس الاميركي جورج بوش ينهي زيارته الى بعض دول المنطقة، حتى وقع انفجار استهدف سيارة دبلوماسية تابعة للسفارة الاميركية في لبنان الذي تسربت معلومات ان بوش قد يزوره بالرغم من انه لم يكن على جدول جولته، وهو لم يتجرأ على الحضور خوفاً من غضب اللبنانيين عليه، بسبب موقف ادارته الداعم والمغطي للعدوان الاسرائيلي عام 2006والذي تميز بعدد من المجازر بحق المدنيين كان ابرزها مجزرة قانا الثانية، التي ومنذ وقوعها لم تعد وزير الخارجية الاميركية كونداليزا رايس تطأ بقدميها الارض اللبنانية.
واعتبرت مصادر سياسية ودبلوماسية ان التفجير الذي وصل هذه المرة الى المراجع الدبلوماسية، وتحديداً الاميركية، رسالة واضحة الى الادارة الاميركية من الجهات التي تناصبها العداء، وتحديداً من تنظيم «القاعدة» الذي اعلن ومع بدء جولة بوش انه سيلقنه درساً، حيث استبق وصوله الى اسرائيل، بإطلاق صاروخي «كاتيوشا» من الجنوب بإتجاه مستعمرة شلومي الصهيونية، حيث اشار رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت ان من يقف وراء هذه العملية «تنظيم ارهابي عالمي» في اشارة الى «القاعدة» دون ان يسميها، مستبعداً «حزب الله» او منظمات فلسطينية ان تكون وراءها.وترافقت عملية اطلاق الصاروخين مع تفجير عبوة بسيارة تابعة لدورية ايرلندية تعمل ضمن القوات الدولية في الجنوب، حيث ذكرت التقارير الامنية، الى احتمال ان يكون تنظيم «اسلامي اصولي فلسطيني» وراء العمل الاجرامي.ولم يمض اسبوع على متفجرة الدورية الايرلندية، حتى انفجرت سيارة مفخخة بأخرى تابعة للسفارة الاميركية، لم يقتل اي من ركابها وكانوا جميعهم من الموظفين اللبنانيين، ولم يكن من بينهم اي دبلوماسي او موظف اميركي، وقد جاء هذا الانفجار قبل ساعات من حفل استقبال كان سيقيمه السفير الاميركي جيفري فيلتمان لمناسبة مغادرته لبنان نهائياً، وانتقاله الى مركز آخر داخل وزارة الخارجية الاميركية كمعاون لمساعد وزيرة الخارجية ديفيد ولش وقد الغي الحفل بعد الانفجار.وبدأت اعمال العنف تتدرج من استهداف نواب وشخصيات سياسية واعلامية ومراكز سكنية وتجارية الى اغتيال مدير العمليات في الجيش اللبناني اللواء فرنسوا الحاج، وصولاً الى الشخصيات الدبلوماسية، مما يشير الى ان من يقف وراء هذه العمليات، يهدف الى تفكيك الدولة وانهيارها وتحويل لبنان الى بلد تسود فيه الفوضى الدستورية والسياسية والامنية.ومع استمرار اعمال الاغتيال والتفجير، فان مسلسل الاتهامات الذي كان يركز بشكل فوري على سوريا، قد تراجع، لا بل تلاشى، ولم تعد اطراف الموالاة توجه الاتهام المباشر نحو النظام السوري، الا بعض الشخصيات والاحزاب التي تتعاطى بحقد ضد سوريا، ووصل بها الامر الى حد الطلب من الفنانة فيروز عدم الغناء في دمشق التي احتضنت الرحابنة منذ عقود، وكانت لفتة من الرئيس الراحل حافظ الاسد عندما كان شديد الاهتمام اثناء مرض الفنان الراحل عاصي الرحباني.فإستهداف سيارة دبلوماسية اميركية، كان جواباً على نتائج زيارة بوش وفق مصادر دبلوماسية التي قرأت في عملية التفجير، رسالة متعددة الاتجاهات، فهي ارادت ابلاغه، ان دعمه «للدولة اليهودية» على حساب حقوق الفلسطينيين، لن يمر، وان اسقاطه لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ثمنه غالٍ جداً، وان عدم اعترافه بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية، يكشف عن تورطه في المس بمقدسات المسلمين والمسيحيين، وجاءت المجازر في غزة لتؤكد ان بوش اعطى امر العمليات لاسرائيل للمباشرة بإنهاء حركات المقاومة فيها وتدمير مقومات الحياة للفلسطينيين.وفي القراءة ايضاً، ان التفجير جاء على خلفية التحريض على الحرب ضد ايران ومحاولة تجميع الدول العربية الذي يقول انها معتدلة، في مواجهة الارهاب والتطرف، وبيعها السلاح لتقف ضد التمدد الايراني ونفوذه في الخليج، مع امتلاك ايران لسلاح نووي كما يزعم بوش الذي ردت عليه الاستخبارات الاميركية بأن طهران اوقفت برنامجها في العام 2003.والعمل الاجرامي تزامن وفق قراءة المصادر الدبلوماسية، مع زيارة بوش الى السعودية التي يعتبرها الاسلاميون الاصوليون، بانها تدنيس للأماكن الاسلامية المقدسة، في الوقت الذي يقوم بتعزيز القواعد العسكرية، في دول الخليج واستقدام المزيد من القوات الصليبية الكافرة، التي يجب مواجهتها وفق بيانات ومواقف القوى الاسلامية المتطرفة وعلى رأسها تنظيم «القاعدة».واعتبرت هذه المصادر ان هذه العملية فتحت باب الاسئلة على كثير من الاحتمالات، والبعض يتذكر مقتل السفير الاميركي في لبنان ميلوي مع بداية انطلاق شرارة الحرب الاهلية، بالرغم من انه لم يقتل بالتفجير الاخير اي دبلوماسي، لكنه مؤشر خطير، وان اللبنانيين ينتظرون الرد الاميركي، الذي اكد مسؤولون في الادارة الاميركية، انه سيكون مزيداً من الشراكة مع حكومة فؤاد السنيورة، مما يشير الى ان الاوضاع قد تحمل المزيد من التصعيد السياسي الذي كان يشجع عليه الرئيس بوش بانتخاب رئيس الجمهورية بالنصف زائداً واحداً، وهو يعني حرباً اهلية كما اعلن احد اقطاب 14شباط وليد جنبلاط.والسؤال الذي طرحه المراقبون، هو حول التحقيقات في كل الجرائم والاغتيالات والتفجيرات، ويسأل عنها ايضاً المواطنون الذين لم تكشف لهم السلطة اللبنانية جريمة واحدة، بالرغم من انها القت القبض على متورطين بإنفجار باصي عين علق، اضافة الى اعتقال شبكات ارهابية اسرائيلية واسلامية اصولية، وصدور قرارات ظنية من القضاء فيها.ومن الاسئلة المطروحة ايضاً هي عن وجود عناصر من الشرطة الفدرالية الاميركية في لبنان، تحقق بأعمال ارهابية، ويجب ان تكون لديها معلومات كافية عن من يقف وراء هذه العمليات، لا سيما وان حلفاء اميركا هم من يمسكون بالسلطة والاجهزة الامنية التي تم تطهيرها من كل العناصر التي كانت من الحقبة السورية، وباتت خاضعة كلياً لـ«ثورة الارز»، التي لم يتمكن قادتها حتى الآن من تحقيق اي انجاز امني.فهل يعجل تفجير سيارة السفارة الاميركية، في ان تفتح الادارة الاميركية ملف الامن في لبنان، نتيجة المعلومات التي تجمعت لديها، وتكشف ان المخابرات الاسرائيلية تعمل في لبنان، وان التنظيمات الاصولية الاسلامية، تقوى في ظل حلفائها؟
Leave a Reply