بعيداً عن الضحيج الاعلامي اجتمع يوم الاحد الفائت قائد الجيش العماد ميشال سليمان بأمين عام«حزب الله» السيد حسن نصرالله، كان هذا اللقاء الاول بين الرجلين منذ ترشيح العماد سليمان لرئاسة الجمهورية والذي يبدو انه استعجل اللقاء بالسيد نصرالله بعد ان كثر الكلام عن اجتماعه بسمير جعجع وغيره من اعضاء فريق «14 آذار»، وبعد ان كثر الكلام أيضاً عن قرب قائد الجيش من فريق السلطة ورفضه تقديم اية ضمانات للمعارضة قبل انتخابه رئيساً. اضافة الى المعلومات التي تناقلتها وسائل المعارضة عن دخول فرنسي جديد على خط الازمة اللبنانية عبر تقديم ورقة اسماء جديدة للرئاسة تستثني العماد سليمان ما يعني اسدال الستار على مسلسل ترشيحه واعتباره من الماضي.واياً تكن الاسباب، فإن اي مرشح للرئاسة يعلم بأن حظوظه الرئاسية معدومة (الا اذا ارتضى لنفسه ان يكون رئيسا يورّخ معه لحرب اهلية جديدة) اذا لم يقف على خاطر المعارضة بقطبيها الاساسيين: الجنرال ميشال عون والسيد حسن نصرالله.إلا ان الاجتماع لم يكن مثمراً سياسياً بالرغم من الاجواء الايجابية التي أضفاها على علاقة «حزب الله» بالجيش، وهو ما عكسته اوساط «حزب الله» من ارتياحها للوضع الامني، وذلك ما اكده قائد الجيش للسيد عن حيادية الجيش وعن عدم زجه بالصراع السياسي واستخدامه في المعركة الرئاسية.فقد طرح السيد على قائد الجيش عدة اسئلة لم يستطع الاخير تقديم اجوبة واضحة عليها، فتارة كان يلقيها على عاتق الحكومة كونها السلطة الاجرائية، وتارة أخرى يُبهم اجابته بتحويلها الى ما يقوله الدستور. ففي طرح مسألة الثلث المعطل القى قائد الجيش بالموضوع على فريق السلطة معتبراً انه حتى لو قبل هو فإن الاكثرية لن تقبل. وفي موضوع قانون الانتخاب احال قائد الجيش الموضوع الى المجلس النيابي، وفي موضوع سلاح المقاومة اجاب قائد الجيش بإنه يلتزم بما يتوافق عليه اللبنانيون من خلال مؤتمر للحوار يرعى تقديم استراتيجية دفاعية ضد اسرائيل. الى ان احرجه السيد بسؤاله من ترشح لقيادة الجيش اذا انتخبت رئيساً؟ فكان رد قائد الجيش: نتبع الآلية الدستورية، فعاجله السيد بالرد وهل انت اتيت (الى الرئاسة) بطريقة دستورية؟ وانتهى اللقاء الذي دام ثلاث ساعات من دون ان يحرز تقدماً يمكن ان يترجم خطوات عملية على المستوى السياسي، بل على العكس من ذلك، فقد تأكّد لدى حزب الله بأن قائد الجيش يملك نظرة خاصة للاوضاع في لبنان والمنطقة، فهو وان لم يكن في صف الاكثرية حتى الآن، بالرغم من علاقته الممتازة بالنائب سعد الحريري، فإنه ليس في صف المعارضة، لا بل يملك نظرة مغايرة بالمطلق في بعض الامور لما تراه المعارضة التي تتخوف من ظهور حلفاً مضمراً بينه وبين الاكثرية ما يؤدي الى شل المعارضة وتقطيع اوصالها وتعطيل تأثيرها في القرار والسلطة.من غير ان ننسى الهاجس العوني الذي يرى في دخول العماد سليمان الى سدة الرئاسة شبحاً يهدد امبراطورية الجنرال البرتقالي من خلال سحب بساط التمثيل الشعبي من تحت اقدام التيار الوطني الحر. وهذا ما يسعى اليه كل رئيس جديد وهو ترسيخ حضوره الشعبي الماروني بالدرجة الاولى من خلال خلق هالة شعبية حوله تعطيه الشرعية الوجودية (في حالة العماد سليمان) وتزيل عنه اثار سنوات قضاها في العسكر، وذلك لا يكون الا على حساب الجنرال عون، لان المنبت واحد والمدرسة واحدة والجمهور واحد يدين بالولاء للجيش ومؤسسته العسكرية.وبمعزل عن التأكيد الذي ساقه الرئيس بري من ان العماد سليمان ما زال المرشح الوحيد للرئاسة، فإن خط المواجهة في المرحلة المقبلة بين السلطة والمعارضة يتمثل بالتالي: سعي حثيث من الاكثرية وضغط عربي واسع لتكريس معادلة «العماد سليمان او لا احد» ومن هذه الزاوية بُحث امر اجراء قمة عربية استثنائية ببند واحد وهو انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية.وفي المقابل فإن المعارضة تعمل على خطين، الاول تكريس معادلة «الثلث المعطل او لا رئيس» بغض النظر عن هوية الرئيس. والثاني العمل على استبدال اسم العماد سليمان او ادخال اسماً آخر الى جانبه يزاحمه السباق الرئاسي في خطوة لماحة الى عدم تبني ترشيح العماد سليمان للرئاسة حتى يصار الى المقايضة بين سليمان للرئاسة والثلث المعطل للحكومة مع سائر التفاصيل من قانون الانتخاب وقائد الجيش الجديد والبيان الوزاري.حتى اللحظة ليس من مؤشر يدل على قرب الحسم او الانفراج سوى تقاذف اتهامات متبادلة في محاولة من الطرفين لاستنزاف المبادرات وتعريتها.
Leave a Reply