السلام عليك أبا الأحرار في ذكرى إستشهادك، السلام عليك يوم ضحيت بنفسك وثرت من أجل إحقاق الحق وحفظ أعراض الناس وكراماتهم ، لقد قتلت ظلماً، لكن ذكراك ياسيد الثوار أضحت نبراساً ومناراً يهتدي بها كل من ينادي بالحرية والعزة والكرامة، وتتوهج ذكراك شعلة خالدة تنير مسيرتنا في حالك الظلام وحين إستبداد الظالمين، وتبقى قوة ودافعاً لنا للعمل على نيل الحقوق وتحقيق الحرية في كل زمان ومكان.أجل فأنت ياسيدي مدرسة علمت وتعلم الأجيال مباديء الإنسانية في بعديها الإجتماعي والإصلاحي والإنساني، وأنت مأثرة من المآثر التاريخية التي كرست مبادىء الحرية، وانت أمثولة تاريخية نادرة في التضحية والفداء، ولهذا ستبقى ياسيدي قبساً وهاجاً يبعث فينا روح الثورة والتحرر، ويحث اليائسين عن مقاومة القهر والظلم والظالمين على الصمود ومواصلة النضال في الدفاع عن قضاياهم العادلة التي من غير الممكن أن تنهزم. وأنت أيها الإنسان زرعت في التاريخ ملحمة إنسانية كبيرة وتجربة إنسانية عادلة، فأنت لم تكن تجربة إسلامية فحسب، ولم تكن أبداً تجربة شيعية كذلك ، ولم تكن تجربة محصورة بمجموعة أو طائفة أو دين، بل كنت ثائراً للإنسانية كلها وستبقى راية لكل المناضلين والشرفاء من جميع الأديان والإتجاهات.وأنت ياسيدي لست قصة تتلى كل عام في ذكرى إستشهادك ، لأنك جوهر الصراع بين الحق والباطل ، هكذا عرفتك وتعلمت وآمنت بك وبثورتك ومبادئك منذ طفولتي ونعومة أظافري، منذ الصغر وأنا أستمع دون كلل أو ملل الى تفاصيل سيرتك وملحمتك وموقفك البطولي، عهداً مني ان أسير على طريقك الرحب وأن لا أتنازل عن الحق والكرامة والعزة مهما تجبر الطغاة وقهرنا الظالمون.هكذا كنا نقارع الظلم ونخرج لنقيم المواكب الحسينية علناً أحياناً عندما تسمح السلطات الحاكمة بذلك، ونقيمها سراً أحياناً أخرى في البيوت والأماكن المغلقة وبعيدا عن عيون الرقابة عندما تمنعها السلطات وتتم ملاحقة القائمين عليها والمشاركين فيها.لقد تعلمنا ياسيدي أن نقيم شعائر عاشوراء كل عام لنجدد العهد ونشحذ الهمم ونقوي العزائم، لقد أقمنا المجالس الحسينية وأحييناها في مدينة الدم والشهادة كربلاء المقدسة حيث كانت بيوتنا وبيوت الأهل والأقرباء تحيط بمرقدك الشريف ومرقد أخيك أبي الفضل العباس (ع) حتى تكاد تكون متلاصقة بهما، وإيماناً منا بك فأننا أحييناها لاحقاً حيث ما أقمنا وحللنا، ولم نمتنع يوماً عن المشاركة في إحياء ذكراك، ولكننا في نفس الوقت إمتنعنا عن لطم الصدور والضرب بالسيوف على الرؤوس أو ضرباً بالزناجير على الظهور، إمتنعنا عن فعل ذلك لأننا لم نر في شهادتك وثورتك ما يبكينا أو يحزننا أو يخزينا، ولم نر في ثورتك الهزيمة والفشل والذل والهوان حتى نبكي عليك ونذرف الدموع، ولا نعتقد أن ذلك الإنتصار العظيم الذي سجلته في ملحمة كربلاء والذي خلده التاريخ، يستحق أن يقابل منا باللطم والضرب والدماء والبكاء والنحيب، بل إننا نرى أنه من الواجب علينا وعلى كل محبيك وشيعتك والمؤمنين بك وبقضيتك وثورتك أن ينتصروا للحق في يوم ذكراك، وذلك بإعلان إستعدادهم للتضحية والصبر والمقاومة وتقديم الغالي والنفيس قرباناً من أجل الحفاظ على الكرامة والحرية ، وأن يحملوا شعار الأصلاح الذي رفعته في يوم شهادتك.مرةً أخرى نعاهدك ياسيدي بأننا للعهد صائنون وأننا لن نتغير كما تغير الوصوليون والنفعيون، ولن نتنازل عن المباديء التي زرعتها فينا، وسوف لن نبيع الأرض والعرض أو نفرط بالمقدسات كما فعل المنهزمون، وسوف لن نلبس الجبة والعمامة سوداء كانت أم بيضاء كما لبسها البعض، حيث غدا لبس العمامة غدى تجارةً ومصالح وغايات شخصية ونفعية رخيصة في الغالب، وسوف لن نطلق اللحى أو نلبس الخواتم الفضية المزينة بالأحجار والمنقوشة بالأسماء والأرقام والتعويذات ونحلي بها أصابعنا، وسوف لن نحمل المسابح الطويلة ونجول بها في المساجد والحسينيات والمجالس والأجتماعات، وسوف لن نكوي جباهنا بالحصى والحجارة الساخنة لنظهر للآخرين بأننا من الراكعين الساجدين كما فعل الكثير من الكذابين والمنافقين والمدعين وتجار الدين.نعم هكذا يفعلون ياسيدي وأكثر من ذلك بكثير، فبإسم الله والدين والطائفة يتقاتل الأخوة ويذبح بعضهم بعضاً ويعتدون على الأعراض والأموال ويستبيحون البيوت ويدنسون طهارة المساجد ودور العبادة، وبإسمك الطاهر وإسم أبيك البطل يتفننون في القتل والتذبيح والإغتيال وتقطيع الأجساد، وبإسم جدك المصطفى ورسالته المحمدية يفعل الآخرون بإخوانهم في الدين أفعالاً أكثر بشاعةً وعنفاً وحقداً وإجراماً.هكذا غدت عليه اليوم أمة الأسلام ياسيدي، وهكذا أضحى رجال الفقه والدين في بلادنا، فهم يتقاتلون في بعض الساحات على المراكز السياسية والحكومية والبرلمانية، ويتصارعون في ساحات أخرى على تقاسم ما تبقى من الكعكة الغنية المغمسة بالدم، وتقطيع ما تبقى من الوطن الجريح والمذبوح والمقطع الأوصال أصلاً، ويلهث آخرون لنهب البترول وثروات وخيرات البلاد، ويتناحرون للسيطرة على المؤسسات ومفاصل الحياة ، فيما يستمر الطائفيون بإطلاق الشعارات المفرقة والمقيتة والمحرضة على التقاتل والتناحر بين الأخوة وأبناء العمومة، لِما لا وهم ممن تاجروا بالدين والقرآن والطائفة والبلاد والعباد وتنازلوا عن قضايا الناس والوطن والأمة. أردتَ ياسيدي أن تكون ثورتك مدرسة تعلم الأجيال المتعاقبة محاربة الباطل ورفض الظلم والعبودية والإذعان والإذلال، أردت أن تبعث فينا القوة ومعاني الرجولة والعزة والكرامة والكبرياء، أردتنا أحراراً نخرج لنقاتل الطغاة والغزاة وكل الأشرار الذين يريدون إفساد المجتمعات والقضاء على السلام ودمار الإنسانية في كل مكان، أردتنا شامخين مرفوعي الرأس ، هاماتنا عالية تناطح السحاب. لكن غيرك أرادوها إستسلاماً وضعفاً وإنكساراً وهزيمة، فأخرجوا ملايين الرجال في ذكراك لتلطم الخدود والصدور وتضرب الرؤوس وتبكي وتنحب كالنساء. أرادوا أن يحولوا إنتصارك العظيم على الظلم والظالمين الى هزيمة، وأن يكرسوا في نفوس الناس معاني الإستسلام والعجز والخنوع، ذلك لأن الناس اذا ما ثارت وسارت على خطاك ياسيدي فسوف لن يبقى مكان بينها لهؤلاء القتلة والمأجورين مصاصي دماء شعوبنا، ولا مكان لهؤلاء النفعيين الذين يتحكمون في مصير البلاد والعباد.تحية لك أبا الأحرار وسيد الثوار أيها القائد الأبدي لكل الشرفاء في الإنسانية جمعاء، تحية لك في هذا اليوم وكل يوم وصرخة نطلقها في ذكراك الشريفة لنقول للجميع تعالوا لنستفيد من ذكرى ملحمة إستشهاد الحسين، تعالوا لنوحد صفوفنا وكلمتنا ونتجه بصدق وعزيمة وأخلاص لبناء الإنسان والوطن والسلام، نعم لبناء الإنسان والسلام في كل مكان.
تحية لك أبا الأحرار و سيد الثوار يا من علمتنا الصمود والتضحية بالغالي والنفيس من أجل الحفاظ على حرياتنا وكراماتنا، وعهداً منا أن نبقى رافعين شعلة الحرية والتحرر وأن نعمل من أجل تحقيق النصر في كل قضايانا العادلة مهما جار الزمان علينا.السلام عليك ياسيدي يوم ولدت وسلام عليك يوم أستشهدت وسلام عليك يوم تبعث حياً.
أميــــر العطيـــــةالأمين العام لحركة أحرار العراق
Leave a Reply