القاهرة – لم يفلح لقاء القاهرة بين الرئيسين المصري حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس في تغيير موقف الأخير من الحوار مع حركة «حماس»، سواء على المستوى الوطني أو على معبر رفح، في وقت تسعى فيه القاهرة إلى دفع الجانبين للتوصّل إلى اتفاق، في ظلّ حديث متزايد عن مساع مصريّة-سعوديّة لرأب الصدع في البيت الفلسطيني مع وصول وفد من «حماس» الى العاصمة المصرية لإجراء لقاءات مع مسؤولين مصريين.
وعقب محادثات مع مبارك، جدّد عبّاس رفضه الحوار مع «حماس». وقال «أكّدنا أكثر من مرّة أنّنا مستعدّون للتفاوض، لكن على حماس أن تتراجع عن انقلابها وأن تقبل بانتخابات مبكرة وبالشرعية، وعند ذلك القلوب والعقول ستكون مفتوحة»، مشيراً إلى أنّه إذا لم تُلبّ هذه الشروط فإنّ الحوار «معهم لا فائدة منه».
وعن اقتحام معبر رفح الأربعاء الماضي، قال الرئيس الفلسطيني «تطرّقنا إلى ما جرى في غزة والحصار الإسرائيلي وما جرى بعد ذلك من اجتياح للحدود المصرية وموقف الرئيس مبارك في مساعدة الفلسطينيين». وأضاف «ندين بكل شدّة الاعتداءات التي جرت على قوّات الأمن المصري وعلى الممتلكات المصريّة»، مشدّداً على أنّ «الأسوأ من ذلك أنّهم حاولوا رفع العلم الفلسطيني على مؤسّسات مصرية ولا نقبل هذا التصرف».
وأبدى عباس استعداد السلطة الفلسطينية لتسلّم المعابر إنّما بشروط. وقال «نحن مستعدون لتسلّم المعابر بشرط تطبيق الاتفاقيات الدولية. نحن لا نقبل بأيّ اتفاقيات جديدة، يجب تطبيق الاتفاقيات الموجودة»، في إشارة إلى اتفاقيّة عام 2005، التي تفترض وجود مراقبين أوروبيّين عند المعبر، مع احتفاظ إسرائيل بحقّ المراقبة عبر كاميرات، وبإمكان إغلاق المعبر ساعة شاءت.
بدوره، رأى ممثّل عبّاس في مصر، نبيل شعث، أنّ تسلّم حرس الرئاسة الفلسطينية المعابر الحدوديّة بهدف رفع الحصار عن القطاع يمكن أن يكون خطوة مهمة تمهّد لحوار شامل بين «فتح» و«حماس». إلا أنّه حمّل الحركة الإسلاميّة «مسؤوليّة إفشال أيّ حلّ لمسألة المعابر وإبقاء الحصار المفروض على القطاع وإحراج السلطة والرئيس عباس».
ووصل وفد من «حماس»، على رأسه رئيس مكتبها السياسي، خالد مشعل، إلى القاهرة الخميس الماضي لإجراء محادثات مع رئيس الاستخبارات العامّة المصرية اللواء عمر سليمان، ورأت الحركة الإسلاميّة أنّ تصريحات عباس «تؤكّد نيّته إفشال لقاء القاهرة وتمثّل تحدياً للرأي العام الفلسطيني».
وبحث وفد «حماس» في القاهرة مع المسؤولين المصريين الوضع على الحدود مع غزة وأسلوب تنظيم العمل بمعبر رفح، في ظل الحصار الإسرائيلي على القطاع.
واستبق قياديون من الحركة تلك المباحثات بدعوة مصر للإبقاء على الحدود بين مصر وقطاع غزة مفتوحة. وفي تصريحات أدلى بها للصحفيين لدى وصوله إلى الأراضي المصرية عبر معبر رفح الحدودي، قال القيادي في الحركة محمود الزهار إنه لا ينبغي أن تستخدم هذه «الحدود التاريخية» لفرض الحصار على الشعب الفلسطيني.
ويرفض الزهار أن تلعب حماس دورا جزئيا في إدارة معبر رفح واعتبر أن الحديث عن لعب دور جزئي يتناقض مع الواقع، قائلا إن هناك حكومة شرعية، في إشارة إلى الحكومة الفلسطينية المقالة برئاسة إسماعيل هنية.
وقال المتحدث باسم «حماس»، فوزي برهوم، إنّ حركته «ترى أنّ تصريحات عباس، باعتباره حركة حماس غير شرعية وإصراره على تطبيق الخطة الأمنية الإسرائيلية لإدارة المعابر، تؤكّد نيته إفشال لقاء القاهرة وإدارة الظهر لعذابات وآلام وجراح أبناء قطاع غزة». فيما شدّد القيادي «الحمساوي»، سامي أبو زهري، على أنّ «حماس لا تقبل بأقلّ من دور رئيسي على معبر رفح»، مشيراً إلى أنّ «كل المحاولات التي تهدف إلى تجاوز رؤية الحركة الخاصّة بترتيب معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر لن تفلح، وستبوء بالفشل».
أمّا القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، محمد الهندي، فطالب بالتوافق على تأليف «هيئة وطنية» لإدارة معبر رفح بشكل مؤقت. وقال، في مؤتمر صحافي في مدينة غزة، «بعد كل ما حدث من حصار ظالم تجاوز كل الحدود، الشعب الفلسطيني يرفض أن يتحكّم العدو الصهيوني في طعامه وشرابه ودوائه وحرية حركته وكل مفاصل حياته».
وعن الحوار المنفصل الذي تديره القاهرة بين «حماس» و«فتح»، قال الهندي «نؤكد ضرورة التوافق على إعادة تشغيل معبر رفح كمدخل لحوار شامل ومدخل لترتيب البيت الداخلي وقضايا وهموم الوطن.
وقد استكملت مصر بسط سيطرتها على المعبر بعدما نشرت نحو 20 ألف جندي شمال شبه جزيرة سيناء، يقوم معظمهم بالإمساك بفلسطينيين وإعادتهم إلى غزة.
وفي السياق، نقلت صحيفة «الأهرام» الرسمية عن مصدر أمني قوله إنّ الموعد النهائي لعودة الفلسطينيّين إلى غزة هو «بداية الأسبوع المقبل»، وأنّه ستتّخذ «الإجراءات القانونيّة ضدّ أيّ شخص يقيم بطريقة غير شرعية» في مصر، مشيراً إلى أنّه «سيتمّ استبدال الجدار الحدودي الحالي بجدار آخر أكثر تطوّراً لمنع محاولات التسلّل بشكل نهائي حفاظاً على الأمن القومي» لمصر.
كما نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصادر سياسيّة إسرائيليّة قولها إنّ الحكومة قد توافق على دراسة احتمال زيادة عدد أفراد الشرطة المصريّين المنتشرين على الحدود بين مصر وقطاع غزة «لتتمكن الشرطة من فرض سيطرتها بفعاليّة أكبر»، موضحةً أنّ تل أبيب تأخذ بعين الاعتبار إمكان «زيادة عدد المصفحات والمعدات الأخرى التي تمتلكها قوات الشرطة وحرس الحدود المصريّة»، لأنّه «من مصلحة إسرائيل ومصر أن يستتبّ الهدوء والنظام على الحدود».
Leave a Reply