السنيورة استنتج ان حرباً جديدة تعد لها اسرائيل فهل استعد لها؟
التقرير احرج قوى 14 شباط حول قرار الحرب المتخذ من قبل تل أبيب
لم ينتظر اللبنانيون ولا الاسرائيليون ولا العرب والعالم تقرير لجنة «فينوغراد»، ليكشف لهم ان اسرائيل انهزمت في لبنان وان جيشها الذي وصفه التقرير بانه اكبر جيش في الشرق الاوسط قد خسر الحرب امام منظمة عسكرية تضم بضعة الاف من العناصر. فمنذ الايام الاولى لعدوان تموز، عام 2006، سجلت المقاومة انتصارها على العدو الاسرائيلي الذي كان رئيس اركانه دان حالوتس قد وضع مهلة زمنية لا تتعدى ثلاثة ايام لاعلان تدمير المقاومة وسلاحها في لبنان، وانتهاء دور صواريخها التي كانت تشكل قلقاً للمستوطنين الصهاينة واطمئنانا للشعب اللبناني، لانها كانت قوة ردع في مواجهة اي عدوان.
فبعد ساعات من بدء غارات الطيران الاسرائيلي على مواقع المقاومة ومراكزها ومنازل قياداتها وكوادرها وعناصرها، اتصل حالوتس برئيس الحكومة ايهود اولمرت، وابلغه ان 80 بالمئة من قوة «حزب الله» قد انتهت وبسرعة لم نكن نتوقعها حسب زعمه، الا ان المفاجأة كانت ان المقاومة وبعد 24 ساعة على العدوان، قصفت البارجة «ساعر» في المياه الاقليمية اللبنانية، في الوقت الذي كانت الصواريخ تتساقط على المستوطنات، وتتكبد القوات البرية الاسرائيلية خسائر بشرية وعسكرية في بلدات مارون الراس وعيتا الشعب وبنت جبيل وغيرها.
اصيبت القيادة السياسية والعسكرية الاسرائيلية بالذهول، وبدأ الارباك عليها، وتبين ان حالوتس عديم التجربة، كما ان وزير الدفاع عمير بيريتس كان لا يفقه شيئاً عن سير المعارك، في وقت كان قائد الجبهة الشمالية مربكاً في زج المزيد من قواته في عمق لبنان.
دامت الحرب 33 يوماً، وانتهت بهزيمة اسرائيل وتقهقر جيشها، الذي حاولت قيادته انقاذ معنوياته في الساعات الستين التي سبقت وقف الاعمال العسكرية بعد قرار مجلس الامن الدولي في 12 اب، فزج ايهود اولمرت بالقوات البرية في المعركة لتغيير موازين القوى والتأثير على قرار مجلس الامن الذي اعطى فرصة سماح لرئيس لحكومة الاسرائيلية وبدعم اميركي لتحسين وضعه العسكري، والخروج بانتصار ما يقيه المساءلة والمحاسبة، فكانت النتيجة انه خسر في المعارك التي دارت في وادي الحجير 33 عسكرياً، يطالب اهاليهم بمحاكمة اولمرت.
فالقاضي الاسرائيلي الياهو فينوغراد الذي كلف بوضع تقرير عن الحرب الثانية الفاشلة على لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، اعلن عن هزيمة جيش كيانه الصهيوني، وعرض في حوالى 560 صفحة كل الثغرات والاخفاقات والفشل والارباكات التي واجهتها قوات الاحتلال في عدوانها على لبنان.
فالتقرير الذي كان صدرت عناوينه قبل سنة، كان متوقعاً ان يصل الى النتيجة التي وصل اليها، في اعلان الهزيمة، التي اودت وقبل تشكيل اللجنة وبعد تشكيلها وبدء تحقيقاتها، بكل من رئيس الاركان الى التنحي ووزير الدفاع بيريتس الى الاستقالة بعد ان اسقطه حزب العمل من رئاسته، وانتخب مكانه ايهود باراك، اضافة الى عدد كبير من الضباط.
وكشف التقرير ان الحرب كانت مقررة على لبنان قبل اسر الجنديين الاسرائيليين من قبل المقاومة حيث يأخذ التقرير على اولمرت انه لم يتمكن من تحريرهما، وهذا الاعتراف الاسرائيلي بقرار الحرب، يدحض كل مزاعم قوى 14 شباط التي كانت وما زالت تتحدث عن ان «حزب الله» يملك قرار الحرب والسلم، وهو انفرد في اخذ لبنان الى حرب لم تكن الحكومة اللبنانية على علم بها، كما اعلنت في بيان لها وبعد ساعات على بدء العدوان، وذهب قياديون من الفريق الحاكم الى اتهام المقاومة بـ«المغامرة» على غرار ما اعلن سعد الحريري الذي ردد ما صدر عن السعودية التي وصفت اسر الجنديين بالمغامرة بعد ثلاث ساعات على بدء العدوان الاسرائيلي.
لقد اسقط تقرير «فينوغراد» مقولة المغامرة عن المقاومة، كما سخّف كل الشعارات التي يرددها الفريق الحاكم عن قرار الحرب والسلم، حيث ترد مصادر في «حزب الله» على ذلك، بان المقاومة لم تشن حرباً على اسرائيل، بل قامت باسر جنديين كما في عمليات سابقة، وان الحرب مقررة مسبقاً، وكانت ستبدأ في اثناء شهر رمضان بعدوان شامل كان سيستهدف وجود قيادة المقاومة في احد افطارات رمضان، وجاءت عملية الاسر لتفاجىء العدو، وتدفع بالمقاومة الى اخذ الاحتياطات الامنية واعلان الاستنفار العام، وهذا ما سبب بخسارة الحرب الاسرائيلية، بعد ان تمكنت المقاومة من ربح 50 بالمئة منها بفعل المباغتة التي لجأت اليها في عملية الاسر.
ولقد اضاعت اسرائيل فرصة كبيرة في الحرب، كما اعلن التقرير الذي بين ان الجيش لم يكن في جهوزية استخبارية وعسكرية تمكنه من تحقيق النصر، وهو ما طلب التقرير من القيادات السياسية والعسكرية تسديد هذه الثغرات، واعادة تأهيل الجيش الذي لم يعد يمثل قوة ردع لاسرائيل، وان فشله في لبنان يشبه فشل الجيش الاميركي في العراق، واعلن منسق الامم المتحدة في لبنان غير بيدرسون ان اسرائيل حاولت خلال حرب تموز هزيمة «حزب الله» وفشلت، وان سلاحه لا يمكن حله الا بالحوار وليس بالقوة، وهذه اشارة الى ان القرار 1559 لم يعد ذي جدوى، ولا معنى له، بعد ان فشلت اسرائيل في تطبيقه، وهو ما اكده اولمرت والمسوؤلين الاسرائيليين، بان هدف الحرب كان تنفيذ القرار بتدمير سلاح المقاومة.
ومع اعلان اسرئيل هزيمتها، بمواجهة منظمة عسكرية، فان استعدادها لحرب جديدة ليست مستبعدة، وهو ما استنتجه الرئيس فؤاد السنيورة من التقرير، دون ان يعلن كيف سيواجه هذه الحرب، وهل طلب من الجيش اعداد خطة تسليح وتأهيل، طالما ان قرار الحرب بيد اسرائيل، وهي تعد له، وهل سيطلب السنيورة من حليفه الرئيس الاميركي جورج بوش تزويد الجيش بالسلاح الفعال لمواجهة اي عدوان اسرائيلي، ومنح لبنان مليارات من الدولارات لبناء قوة الجيش كما يفعل مع اسرائيل.
لقد احرج تقرير فينوغراد السنيورة وحلفاءه في 14 شباط، مع استمرار مطالبتهم المقاومة تسليم سلاحها، وهو سيضعهم امام خيارات صعبة، بعد ان اعترف العدو الاسرائيلي بهزيمته امام المقاومة التي طالب قائدها السيد حسن نصرالله بوضع سياسة دفاعية استراتيجية للدفاع عن لبنان، تكون المقاومة من ضمنها، لكن الفريق الحاكم تنصل من ذلك، لان المطلوب منه اميركياً، هو نزع سلاح المقاومة وليس ادراجه ضمن منظومة دفاعية يكون الجيش فيها، والذي ترفض اميركا تسليحه لانها تريده ان يكون «حرس حدود» لاسرائيل يمنع عمليات المقاومة ضدها ويحفظ امن مستوطناتها.
Leave a Reply