الدين يزيد مليون دولار كل دقيقة
و30 ألفاً حصة كل مواطن أميركي منه
واشنطن – يكاد الدين الداخلي الأميركي المتصاعد بسبب حروب إدارة الرئيس جورج بوش، يخنق الأميركيين الذين صاروا في معظمهم ساخطين على تلك المغامرات العسكرية غير المدروسة، وخاصة مغامرة العراق التي ظن رجل الشارع الأميركي أنها مغامرة محسوبة ومدروسة وستنتهي بثمار طيبة في مدة وجيزة!
مع نهاية هذا العام، سيصل حجم الديون الأميركية إلى 10 تريليونات دولار. إذ تزيد نحو 4 ،1 مليار دولار يومياً، أي نحو مليون دولار كل دقيقة. وصارت هذه الديون، على حد قول الخبراء والمحللين، أشبه بقنبلة زمنية موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.
حجم الدين الداخلي حالياً يبلغ 13,9 تريليونات دولار. وهو يعني أن مديونية كل مواطن أميركي 30 ألف دولار تقريباً.
وتفيد وكالة «أسوشيتدبرس» بأن المواطن الأميركي إذا استطاع النجاة من أزمة القروض العقارية وتجاوز ارتفاع أسعار الوقود، فإنه لن يسلم من أن يعاني من البؤس الاقتصادي، في حال عولجت هذه الديون بارتفاع كبير في الضرائب أو الاقتطاع من الخدمات وتخفيض تكاليف برامج الرعاية الاجتماعية التي يستفيد منها المواطن الأميركي.
الأرقام تؤكد أن إدارة بوش هي سبب التأزم الاقتصادي الحالي الذي تعيشه أميركا، كان حجم الدين الداخلي، عندما تولى بوش مهام منصبه في كانون الثاني (يناير) 2001، حوالي 7,5 تريليونات دولار، وعندما يغادر البيت الأبيض في كانون الثاني المقبل سيصل الدين إلى عشرة تريليونات دولار.
بالنسبة لتكاليف حربي العراق وأفغانستان، يقول مكتب الموازنة التابع للكونغرس الأميركي بأنها ستتجاوز 4,2 تريليون دولار خلال العقد المقبل.
ولا يمكن أن ننسى أنه في بداية حرب العراق زعمت إدارة بوش أن الحرب سوف تتكلف 50 مليار دولار. وها هو المبلغ نفسه لا يكفي سوى للإنفاق لمدة 3 شهور على تلك الحرب.
ويشير تقرير للجنة الاقتصادية التابعة للكونغرس إلى أن إجمالي تكلفة الحربين بلغ نحو 6,1 تريليون دولار، أي حوالي ضعفي ما طلبه البيت الأبيض. وهذا يعني أن تكلفة الحرب على أسرة أميركية من أربعة أفراد ستصل إلى قرابة 21 ألف دولار.
وتشير تقديرات لجنة الكونغرس إلى أن تكلفة الحربين معاً بين عامي 2003 و2017 ستصل إلى 5,3 تريليونات دولار، أي أن الأسرة ستتحمل، مستقبلا، عبئاً يزيد على 46 ألف دولار.
وفي كتابهما المثير بعنوان «حرب الـ30 مليار دولار»، قال الأميركي جوزف ستيغليتز الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد وليندا بيلمس الأستاذة في جامعة هارفارد، ان حرب العراق ستكلف الأميركيين ما لا يقل عن ثلاثة آلاف مليار دولار وهو رقم أعلى بكثير من الرقم الذي أعلنه مكتب الموازنة، ويمثل أكثر من ضعف ما كلفته الحرب في كوريا.
وأكدا أن ثلث تكلفة الحرب، ألف مليار دولار، كان يمكن أن تستخدم من أجل تمويل بناء ثمانية ملايين مسكن، وتوظيف 15 مليون استاذ، وتقديم العلاج لـ 530 مليون طفل، ومنح تعليمية إلى 43 مليون طالب، وتغطية صحية للأميركيين على مدى السنوات الخمسين المقبلة. وأوضحا أن إدارة بوش تسقط من حساباتها عند دراسة الكلفة عوامل عدة أساسية، مثل الحوافز التي تدفع لجذب المجندين في الجيش وتكلفة الرعاية الصحية للمحاربين القدامى والنفقات التي تدفع لعائلات الجنود القتلى وتحديث التجهيزات على الأرض وغيرها من الأمور.
ويرى الكتاب ان خمسة إلى عشرة من الـ75 دولاراً التي أضيفت إلى سعر برميل النفط، هي نتيجة الحرب التي ليست أمراً مثمراً بالنسبة إلى الاقتصاد.
ولم تصمت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على ما جاء من أرقام في الكتاب، فقد علق الناطق باسم الوزارة جيف موريل بالقول ان «هذه الأرقام مبالغ بها في نظرنا»، مشيراً إلى أن المؤلفين يضعان في حساباتهما كل شيء وأي شيء. كما زعم البنتاغون كان شفافاً بشكل غير معقول حول ما يعرفه عن كلفة الحرب.
بعيداً عن الديون والإنفاق العسكري، الذي وصف بأنه قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت، هناك إرهاق نفسي ومعنوي يعاني منه الجندي الأميركي.
فقد كشفت دراسة مستقلة نشرتها مجلة السياسة الخارجية ومركز الأمن الأميركي الجديد، عن أن حرب العراق أرهقت الجيش الأميركي إلى درجة أنه لم يعد قادراً على خوض حرب أخرى واسعة النطاق. أظهرت الدراسة أن 9 من بين كل عشرة ضباط أميركيين اعترفوا بأن تلك الحرب أرهقت جيشهم وعلى نحو خطير.
وذكرت أن 60 بالمئة من الضباط المشاركين في الدراسة، اعترفوا بأن الجيش الأميركي حالياً أضعف مما كان عليه قبل خمس سنوات. وأشارت إلى أن 80 بالمئة من المشاركين اعتبروا تكليف الجيش بخوض حرب أخرى ضخمة اليوم غير عقلاني، فيما رأى 37 بالمئة منهم أن إيران حققت مكاسب استراتيجية ضخمة من وراء حرب العراق بالمقارنة مع 19 بالمئة اعتبروا أن الولايات المتحدة هي التي حققت المكاسب الأكبر.
لقد حلت الذكرى الخامسة للحرب على العراق، والتظاهرات تجتاح العالم، وبالأخص الولايات المتحدة والدول الحليفة لها. ويحيي الأميركيون الذكرى الخامسة لاجتياحهم العراق، في وقت تتصاعد الخسائر البشرية في قواتهم، والمعلن هو أن القتلى الأميركيين يبلغ قرابة أربعة آلاف قتيل.
ولكن هناك من يرى أن الرقم ربما لا يعبر عن الحقيقة. وعموماً ان كان الرقم صحيحاً، فهناك على الأقل جيش من الجرحى الأميركيين، من بينهم الكثيرين الذين تحولوا إلى معاقين سيكون عليهم أن يتحملوا ما أصابهم من إعاقة، وعليهم أن يعيشوا مع ذكريات السقوط في المستنقع العراقي.
Leave a Reply