تكاد ان تصبح المبادرة العربية لحل الازمة اللبنانية كالمبادرة العربية للسلام التي اطلقها ولي العهد السعودي آنذاك الامير عبدالله في قمة بيروت عام 2002، والتي بقيت حبراً على ورق حتى اللحظة، والمضحك عندما يهدد العرب بسحبها والتراجع عنها، فترتعد فرائس اولمرت خوفاً وخشية ويوقف حملاتة الاجرامية ضد الشعب المحاصر في غزة!.
وجه الشبه بين المبادرتين هو انهما تنطلقان من جهة واحدة يلفها الوهن والضعف، وهي عاجزة عن فرض الحلول او اتخاذ المواقف والقرارات الحازمة. ففي الشأن الفلسطيني فشل العرب في اقناع الادارة الاميركية بتبني المبادرة، وعجزوا عن تسويقها اوروبياً، بالرغم من ان مبادرتهم لا تعطي الشعب الفلسطيني كامل حقوقه خاصة فيما يتعلق بحق العودة للاجئين.
اما في الشأن اللبناني، فإن العرب مجتمعين عجزوا عن تقديم نص واضح في مبادرتهم غير ذلك النص المبهم الذي اريد منه تمديد الازمة وتقطيع الوقت، ومرد ذلك الى المعضلة الاساسية والطامة الكبرى: الضعف العربي والخوف العربي وعند بعض الدول العمالة العربية.
فعندما يدخل العرب اطرافاً في الصراع ويناصرون فريقاً على حساب آخر، تسقط قدرتهم على تقديم الحلول الوسطية والوفاقية، ويبدو ذلك جلياً في التعامل العربي مع الملف الفلسطيني منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات وحتى الوقت الراهن. فلا يمكن للسعودية ان تدعم محمود عباس حتى الرمق الاخير وتحاصر حكومة اسماعيل هنية سياسياً ومادياً ثم تقدم نفسها على انها وسيطاً نزيهاً. كذلك لا يمكن لمصر ان تساهم في حصار غزة وقهر الشعب الفلسطيني ثم تسعى لانجاز تسوية بين فتح وحماس.
وعندما يكون تيار المستقبل في لبنان عمقاً استراتيجياً للسعودية في مواجهة التمدد الشيعي وفي مواجهة «العدو السوري» الجديد، تسقط مصداقية ونزاهة السعودية وتتحول الى طرف غليظ في الصراع، فكيف بالذي نعت المقاومين بالمغامرين وبارك سفك دمائهم وقتل اطفالهم وهدم بيوتهم في حرب تموز.
وعليه فإن الحل لن يكون وفقاً لمبادرة عربية كالتي بين ايدينا ولن يكون وفقاً لمعادلة الرئيس نبيه بري سين-سين القائلة بتسوية العلاقات السورية-السعودية اولاً، انما يكون عندما يقتنع العرب بأن مصالحهم في الخروج من حلف «الرباعية العربية» التي ترعاه واشنطن وتستعمله ستارة لها لمقارعة حركات المقاومة والممانعة في المنطقة، والخروج يبقى مستبعداً لانه يستدعي طرد الضعف المستفحل في نفوس ملوك وامراء ورؤساء العرب، الا اذا اقتنع العرب بأن المواجهة في المنطقة، اذا وقعت بين ايران والولايات المتحدة، ستجر عليهم الويلات وستطيح برؤوسهم، وفي احسن الاحوال لن تكون في صالحهم، فعندها قد نشهد مرونة عربية تعيد خلط الاوراق في المنطقة وتجبر الادارة الاميركية على مراجعة حساباتها.
اما فيما يتعلق بالقمة العربية المزمعة في دمشق اواخر الشهر الحالي فإن ورقة استغلالها للضغط على سوريا قد سقطت، وهي لن تقدم جديداً للقضايا العربية كسابقاتها، سوى خطابات حامية تعكس مدى الشرخ العربي وعمق المأزق العربي، وفي بعض الخطابات سنرى مدى الانحطاط العربي ومدى الوضاعة التي بلغتها بعض الدول. ومسألة مشاركة حكومة السنيورة او عدمها اصبحت من الشكليات التي لن تقدم او تؤخر. فالقمة مرحلة من المراحل المتعددة التي قطعتها الازمة اللبنانية وبنهايتها تفتح مرحلة اخرى على امل ان تبقى مرحلة سياسية غير ساخنة كمرحلة تموز 2006.
Leave a Reply