واشنطن – بعدما تلازم موقفا الحزب الجمهوري واليمين الديني الاميركيين منذ حوالى ثلاثين عاما، بدأت اصوات الناخبين المحافظين تتفتت فيما اخذ الديموقراطيون يغزون المجال الديني. وبلغ التطابق في المواقف بين الحركات الانجيلية والجمهوريين المحافظين ذروته في الانتخابات الرئاسية السابقة التي فاز فيها جورج بوش في العام 2004 بولاية رئاسية ثانية. غير ان الائتلاف المتدين الذي اوصل رونالد ريغان و«الغالبية الاخلاقية» الى السلطة في واشنطن في العام 1981، مرشح للتفكك في ظروف انتخابات العام الحالي. وفي المقابل، يفاخر المرشحان الديموقراطيان باراك اوباما وهيلاري كلينتون في حملتهما الانتخابية بانتمائهما المسيحي فيما يتذرع «التقدميون» بايمانهما الراسخ بيسوع المسيح لدعم قناعاتهم السياسية ومطالبتهم بالعدالة الاجتماعية. واوضح جيفري لايمان الذي تناول العامل الديني في التاريخ السياسي الاميركي في كتاب بعنوان «الشقاق الكبير: الصراع الديني والثقافي في السياسات الحزبية الاميركية»، ان زوال الائتلاف بين الجمهوريين والانجيليين يعود الى حرب العراق والقيادة المسيحية الجديدة في الولايات المتحدة والمراجعة التي اجراها الديموقراطيون بعد هزيمة مرشحهم جون كيري امام جورج بوش. وقال لايمان وهو استاذ في جامعة ميريلاند ان «ذلك يتزامن مع ما يناقشه القادة الديموقراطيون منذ هزيمتهم عام 2004 ومفاده انه لا يمكنهم ان يسمحوا للجمهوريين بان يكونوا الحزب الديني الوحيد في السياسة الاميركية». وأضاف انه «بالنسبة للجيل الجديد من القساوسة الانجيليين، فان القيم الاخلاقية لا تقتصر على معارضة زواج مثليي الجنس او الاجهاض والابحاث حول خلايا المنشأ، بل تعني ايضا مساعدة الفقراء وحماية البيئة والنضال من اجل العدالة». والمشكلة مطروحة بصورة خاصة بالنسبة للمرشح الجمهوري جون ماكين الذي ينظر اليه اليمين الديني بريبة بسبب مواقفه بشأن مواضيع مثل الهجرة او اصلاح نظام تمويل الحملات الانتخابية. وبحسب استطلاع للرأي نشرته مجلة «ناشونال ريفيو» التي تصدر مرتين في الشهر، فان ماكين لن يحصل سوى على 36 بالمئة من اصوات الناخبين المسيحيين في مقابل 45 في المئة للمرشح الديموقراطي. وتتوزع اصوات البروتستانت بالتساوي بين الديموقراطيين والجمهوريين، فيما يصوت الناخبون الكاثوليك بغالبيتهم مع الديموقراطيين. وقال مؤسس المجموعة المحافظة النافذة «فوكوس اون ذي فاميلي» جيمس دوبسون الشهر الماضي انه «لا يسعه ولا يريد ضميريا التصويت مع السيناتور جون ماكين». اما القس وحاكم ولاية اركنسو السابق مايك هاكابي الذي ترشح في بداية الحملة الانتخابية واعتبر افضل من يمكن ان يمثل اليمين الديني، فلم يحصل سوى على نسبة ضئيلة من الاصوات تركزت بصورة رئيسية في ولايات الجنوب الشديدة التدين. واقحم المرشحان الديموقراطيان الموضوع الديني في النقاش السياسي. واستشهد باراك اوباما مؤخرا بـ«عظة الجبل» التي القاها يسوع المسيح بحسب الانجيل فاعتبرها من النصوص المؤسسة للديانة المسيحية اكثر بكثير من بعض «المقاطع الغامضة» في الكتاب المقدس التي تحمل على مثليي الجنس. وجاهرت هيلاري كلينتون من جهتها مرارا بانتمائها الى الكنيسة الميثودية التي ساعدتها على حد قولها في التغلب على محن شخصية مثل علاقة زوجها بالمتدربة السابقة في البيت الابيض مونيكا لوينسكي.
Leave a Reply