احتدام المنافسة بين أوباما وكلينتون يقلق حزبهما
فيلادلفيا – يدخل السباق الديمقراطي الى الرئاسة الأميركية منعطفا جديدا الأسبوع المقبل مع إجراء الانتخابات التمهيدية في ولاية بنسلفانيا الثلاثاء 22 نيسان (أبريل) الجاري. وتسود المخاوف داخل الحزب الديمقراطي من استمرار المعركة بين المرشحين باراك أوباما وهيلاري كلينتون لمدة أطول الأمر الذي يمنح المرشح الجمهوري جون ماكين الكثير من الأوراق التي يمكنه ان يستعملها ضد أيهما في 22 تشرين الثاني (نوفمبر) القادم. حيث يقع المرشحان الديمقراطيان خلال معركتهما بالعديد من الهفوات ويكشفان العديد من الزوايا المخفية في حياتهما السياسية.
مناظرةأجرى السناتور باراك أوباما ومنافسته السناتور هيلاري كلينتون منتصف الأسبوع الماضي أول مناظرة بينهما منذ سبعة أسابيع.وساد المناظرة جو من التوتر وحاول الاثنان فيها شرح تصريحات سابقة أثارت جدلا وشهدت مواجهات ساخنة بين سناتور ايلينوي الذي يطمح لأن يكون أول رئيس اسود للولايات المتحدة وسناتور نيويورك السيدة الأميركية الاولى السابقة التي تحلم بالعودة إلى البيت الابيض لكن هذه المرة كأول رئيسة أميركية.وتعرض أوباما لانتقاد عنيف من جانب منافسته كلينتون وأيضا من جانب المرشح الجمهوري جون مكين اللذين اتهماه بالانتماء إلى الصفوة وانه لا يشعر بنبض الشارع لانه قال ان سكان البلدات الصغيرة يتشبثون بالدين والبندقية لشعورهم بالمرارة من المشاكل الاقتصادية التي تحيق بهم.وقال أوباما في المناظرة التي اجريت في وسط فيلادلفيا «المشكلة التي تواجهنا في السياسة وهي مشكلة تقليدية للغاية هي انك تقتطع تصريحا لشخص ما خاصة اذا خانه التوفيق في صياغته وتدق عليه حتى الموت وهذا ما تفعله السناتور كلينتون».وكانت كلينتون قد خففت من هجومها على أوباما بسبب هذه التصريحات خلال اليومين الماضيين لكنها دشنت إعلانا تلفزيونيا في بنسلفانيا محطة السباق التالية تهاجم فيه هذه التصريحات وقالت في المناظرة ان تصريحات أوباما هذه «تكشف عن عدم فهم أساسي للدين والإيمان».وحذرت من ان مثل هذه التصريحات ستضر الديمقراطيين اذا فاز أوباما بترشيح الحزب الديمقراطي ليخوض أمام ماكين سناتور أريزونا الجمهوري انتخابات الرئاسة الأميركية التي تجري في الرابع من تشرين الثاني.وقالت «ما علينا ان نفعله كديمقراطيين هو ان نضمن حصولنا على أصوات كافية في نوفمبر. الجمهوريون وهم أذكياء فيما عليهم القيام به لتحقيق النصر سارعوا بانتهاز الفرصة وهاجموا هذه التصريحات». حينها رد أوباما قائلا «اسمعي.. ما من شك ان الجمهوريين سيهاجمون أيا منا».ومن جانبها اعتذرت كلينتون عن تصريح سابق لها أثار جدلا حين قالت انها تعرضت لنيران قنص أثناء زيارتها للبوسنة كسيدة أميركية أولى عام 1996. وأظهر فيلم تسجيلي لهذه الواقعة ان هذا التصريح غير صحيح.وقالت كلينتون «اذا استرجعت الخمسة عشر شهرا الماضية.. تجد اننا نحن الاثنين قلنا اشياء اتضح انها لم تكن دقيقة. هذا يحدث حين تتحدث كثيرا كما نفعل. لكني اسفة جدا لانني قلت هذا».
وقال أوباما متحدثا باسمه واسم كلينتون فيما يبدو «بالنسبة لنا التهوس بمثل هذه الاخطاء.. اعتقد انه خطأ».وشهد السباق الديمقراطي هدوءا نسبيا لمدة سبعة اسابيع منذ الانتخابات الاولية التي اجريت في تكساس وأوهايو في الرابع من آذار وحتى الانتخابات القادمة في بنسلفانيا في مطلع الاسبوع.وأمام أوباما وكلينتون عشرة سباقات متبقية وحصل أوباما على تأييد عدد أكبر من المندوبين مقارنة بكلينتون لكن من غير المرجح ان يفوز اي منهما بالعدد الكافي من مندوبي الولايات ليحقق النصر دون مساندة من المندوبين الكبار وهم نحو 800 من كبار مسؤولي الحزب الذين يحق لهم اعطاء أصواتهم لأي مرشح يريدون بغض النظر عن نتائج الانتخابات الاولية في الولايات.
الطبقة المتوسطةووسط ظروف اقتصادية غير معتادة في الاقتصاد الأميركي بدأ مرشحا الحزب الديمقراطي الأميركي للبيت الأبيض في تركيز انتباههما في الحملة الانتخابية على كسب ود الطبقة المتوسطة الأميركية والعمال والمدن الصناعية التي تعاني اسعارا مرتفعة غير مألوفة ونسبة تضخم متصاعدة وشبح انكماش اقتصادي وشيك وفقدان وظائف. حيث أدعى كل واحد من السيناتور الديمقراطي باراك اوباما، الذي يمثل ولاية إلينوي، والسيناتور هيلاري كلينتون، التي تمثل نيويورك، انه هو الافضل لتمثيل مصالح الطبقة المتوسطة الأميركية وتحقيق مكاسب اقتصادية لها في لقاءات لهم مع العمال يوم الإثنين.وجاء موضوع التجارة الحرة والاتفاقيات الحرة كأحد القضايا المحورية في هذا السياق وهي الاتفاقات التي ندد بها اتحاد عمال صناعة الحديد والصلب في أميركا على أساس انها أدت لنقل بعض الوظائف الاميركية خارج الولايات المتحدة، حيث تسعى الشركات الكبرى لتأمين العمالة الرخيصة وبدون التزامات كبيرة بحقوق العمال في العالم الثالث كما يحدث في أميركا.والمعروف ان الكثير من هذه الاتفاقات التي أزعجت العمال وبعض افراد الطبقة المتوسطة في أميركا كان قد بدأها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، زوج السيناتور هيلاري كلينتون وهو ما يضعها تحت اتهام انها ربما ستكون تكرار لإدارة زوجها في النواحي التجارية الدولية وبالتالي تزايد ضياع الوظائف الصناعية من ايدى العمال الأميركيين.غير ان كلينتون نأت بنفسها عن سياسات زوجها وقالت في ولاية بنسلفانيا، حيث يوجد تجمع كبير لعمال الحديد وحيث ستجرى الجولة التالية من التصفيات التمهيدية، قالت «على الرغم من ذكاء زوجي إلا انه يخطئ أحيانا».وحاولت كلينتون مهاجمة اوباما على انه لن يستطيع تمثيل العمال والطبقة المتوسطة فقالت لهم «لا اعتقد انه يفهم ان الناس تبحث عن رئيس يدافع عنكم، لا رئيس يحتقركم».وتأتي تعليقات كلينتون ضمن حملتها الأخيرة لاستغلال تعليقات كان قد قالها السيناتور اوباما في سان فرانسيسكو يوم 6 نيسان (أبريل) قال فيها ان الأميركيين في المدن والقرى، أي الطبقة المتوسطة والفقيرة، يشعرون «بالمرارة والحنق» نتيجة الأوضاع الاقتصادية وهو ما اعتبرته حملة كلينتون سبا وتحقيرا للأميركيين ذوي الدخول البسيطة.وقد دشنت كلينتون في ولاية بنسلفانيا حملة إعلانات تليفزيونية تستغل هذه التصريحات وتهاجم اوباما على انه «متعال» على الطبقة المتوسطة. وشمل الاعلانات التي بثت في ولاية بنسلفانيا اناسا قالوا ان تصريحات اوباما قد جرحت مشاعرهم.وكان اوباما قد اعتذر عن هذه التصريحات فيما بعد.هذا وقد حضر المتسابقان الديمقراطيان ندوة مفتوحة نظمتها جمعية تمثل العمال الأميركيين في مدينة بيتسبرغ، جنوب غرب بنسلفانيا، عن الصناعة في أميركا وتأثير الصين عليها. وتقول هذه المنظمة ان أميركا خسرت 200 الف وظيفة في مجال الصناعة منذ عام 2000 نتيجة الاتفاقات التجارية الدولية.وتعهد المتسابقان انهما سيتخذا مواقف اكثر «عدوانية» تجاه الدول التي تتاجر مع أميركا للحفاظ على الوظائف الأميركية وخصوصا الصين التي تحتفظ بفائض تجاري ضخم مع أميركا.واتهم المتسابقان الصين بالتلاعب في سعر عملتها القومية لجعلها ارخص امام الدولار ومن ثم تقليل ثمن المنتجات الصينية وتشجيع الأميركيين ودول العالم على شرائها وضرب المنتجات والمصانع الأميركية.وتعهد اوباما ان يعمل من أجل الطبقة المتوسطة الأميركية عن طريق إحياء صناعة الحديد والصلب الأميركية وعن طريق احياء صناعة السيارات في اميركا التي تلاقي منافسة عاتية من المصنعين الأسيويين وبخاصة في اليابان.
أوباما يتقدم على كلينتونأفادت نتائج استطلاع للرأي بأن السيناتور الديمقراطي باراك أوباما، يتقدّم على منافسته السيناتور هيلاري كلينتون بعشر نقاط بين الديمقراطيين، ولكن لا توجد إشارات تدل على حسم المنافسة الحامية للفوز بتسمية الحزب إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في وقت قريب.وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية، التي أجرت الاستطلاع بالاشتراك مع شبكة «آي بي سي» الإخبارية الأميركية، أن «هذه المعركة الحامية أثرت على ما يبدو على صورة كلينتون التي كانت تعتبر الحصان الرابح بالنسبة للحزب الديمقراطي، مقابل تعزيز أوباما لتقدمه عليها منذ فبراير الماضي خصوصاً في مسائل تعتبر رئيسية في خيار الناخبين».وأشارت نتائج الاستطلاع «أن 51 بالمئة من الديمقراطيين يفضلون إجمالاً فوز أوباما بتسمية الحزب الديمقراطي لمواجهة مرشح الحزب الجمهوري السيناتور عن ولاية أريزونا جون ماكين، في الانتخابات الرئاسية العامة المقررة في نوفمبر المقبل، مقابل 41 بالمئة قالوا إنهم يفضلون فوز كلينتون بالتسمية». كما قالت نسبة 90بالمئة انه لا توجد إشارات تدل على حسم المنافسة الحامية للفوز بتسمية الحزب إلى الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في وقت قريب.واضافت ان «54 بالمئة من الذين استطلعت آراؤهم إنهم يملكون رأياً سلبياً عن السيناتور كلينتون، مقابل 40 بالمئة قالوا الشيء نفسه قبل فوز السيناتور عن نيويورك في الانتخابات التمهيدية بولاية نيو همشاير في مطلع يناير الماضي». وكذلك تراجعت نسبة تفضيل السيناتور كلينتون بين الديموقراطيين والمستقلين حيث أصبح 6 من أصل كل عشرة ناخبين ديمقراطيين يقولون إنهم لا يفضلونها. وأشارت الصحيفة إلى أنه «على الرغم من أن كلينتون لا تزال تتقدم على أوباما في مسألة الخبرة، إلا أن انطباع الرأي العام تجاهها اتخذ منعطفاً سلبياً حاداً حيث أصبحت وجهة نظر الأميركيين عنها اليوم في أسوأ موقع منذ أن كانت الصحيفة والشبكة الإخبارية تستطلعان الرأي العام عنها منذ العام 1992.وفي بنسفانيا أفاد استطلاع جدي تفوق كلينتون على اوباما في معركة ترشيح الحزب الديموقراطي لخوض السباق الى البيت الابيض في ولاية بنسيلفانيا، وذلك وسط الاستياء من تصريحاته بخصوص الناخبين من الطبقة العاملة. واظهر الاستطلاع الذي اجرته جامعة «كوينيبياك» تفوق كلينتون على اوباما بنسبة 50 الى 44 بالمئة قبل اسبوع من الانتخابات التمهيدية في الولاية. الا ان ذلك لا يعتبر تراجعا في تاييد سناتور ايلينوي وسط الهجمات التي يتعرض لها، حيث لم تختلف نتيجة هذا الاستطلاع كثيرا عن استطلاع جرى الاسبوع قبل الماضي.
Leave a Reply