القنصل طوق: دماء شهداء قانا مهدت الطريق أمام إنتصار الشعب اللبناني
ديربورن – خاص «صدى الوطن»
أحيت لجنة تخليد ذكرى شهداء قانا بالتعاون مع كونغرس المنظمات العربية الأميركية في ولاية ميشيغن، الذكرى الثانية عشرة للمجزرة الرهيبة التي ارتكبتها إسرائيل ضد أهالي البلدة الجنوبية في مقر قوات الأمم المتحدة فيها، خلال عدوان «عناقيد الغضب» الذي شنته إسرائيل ضد لبنان في شهر نيسان العام 1996 وسقط خلالها مائة وتسعة شهداء من أبناء البلدة معظمهم من الأطفال والنساء.
أقيم الإحتفال مساء يوم الجمعة 18 نيسان الجاري في المركز الإسلامي في أميركا في مدينة ديربورن وشهدت حضوراً متواضعاً تقدمه قنصل لبنان العام بالوكالة في ديترويت بشير طوق وممثلون عن بعض المراكز والجمعيات والأندية اللبنانية والعربية ورجال دين.
إستهل الإحتفال بالنشيدين الوطنيين الأميركي واللبناني وآيات من الذكر الحكيم لأرواح شهداء المجزرة تلاها الشيخ محمد دبوق. وأدار برنامج الإحتفال الزميل عدنان بيضون وتحدث خلاله عدد من الخطباء من وحي الذكرى.
الزميل بيضون إستهل الإحتفال بأبيات شعرية فقال:
أميمماً شطر الجنوب أصيلا
عرّج على قانا الجليل قليلا
وسلِ الوجوه عن الألى بدمائهم
رفعوا على موتِ الضميرِ دليلا
إلثم ثراهم إنه لمطهر
ودع البكاء وحسرة وعويلا
صلّ على الأرواح في عتباتها
الله أكبر واقرأ التنزيلا
وأضاف بيضون: السلام على جراح قانا الجليل المفتوحة أبداً على الذاكرة، والسلام على الأرواح الطاهرة والدماء الزكية للكواكب والأقمار من قانا التي أضاءت دروب الكرامة واشتعلت زيتاً قدسياً في قنديل إبن مريم معرجاً على مغارتها ومحيلا ماءها خمراً في الطريق إلى الناصرة.
قانا ما قتلوك ولكن شبّه لهم، فأنت الأعجوبة الثانية التي أحالت دم الشهادة إلى فعل إيمان بوطن واحد احتشدت قلوب أبنائه على أعتابك الطاهرة، قانا أنت الوعد ووردة الحزن أنت، وصرخة الدم التي زعزعت بدوي الشهادة كل الأوهام المزيفة حول سلام القتل والتشريد وفضحته بالأحمر القاني على نحرك الذبيح.
وختم بيضون: أخطأ سفاح قانا شمعون بيريز الظن وجلب لنفسه ولكيانه المزيد من العار عندما أورق الدم في قانا والمنصوري والنبطية حاملاً بعد أربع سنوات ثمار التحرير العظيم. قانا سلام على إسمك المنارة وبوصلة الهداية، سلام على مجدك الأزلي المكلل بغار الشهادة.
القنصل طوق
القنصل بشير طوق |
ثم قدم الزميل بيضون قنصل لبنان العام بالوكالة بشير طوق «بإسم لبنان الذي صهرت وحدته شهادة قانا» فألقى كلمة معبرة من وحي المناسبة هذا نصّها:
رئيس وأعضاء لجنة تخليد شهداء قانا،
رجال الدين الأفاضل،
الحضور الكريم
تمر ذكرى مجزرة قانا بالأسى والحزن على اللبنانيين المقيمين والمغتربين، إثنا عشر عاماً على «عناقيد الغضب»، عدوان لم يولّد سوى المجازر والإنتهاكات الفادحة لكافة القوانين والمعايير الدولية الإنسانية، ومجرزة قانا هي قمة الإنتهاك الصارخ للقوانين الدولية الإنسانية، وكم كنا نتمنى أن ينقل ملف مجزرة قانا إلى المحافل والمحاكم الجنائية الدولية لمحاكمة إسرائيل وإرهاب الدولة المنظم.
لقد شاء القدر أن تكون قانا الشهيدة الضحية في المجزرة الأولى والثانية منذ عامين (عدوان تموز 2006). وكأن قدر هذا الشعب أن يدفع ضريبة دم غالية في سبيل الحفاظ على الكرامة والعنفوان.
لقد أراد العدو أن تكون قانا الصليب والموت دون القيامة، لكنهم لم يدركوا أن شعب لبنان لن يركع ولن يموت، لبنان وطن القيامة، لبنان وطن النصر، إن لبنان سيكون مقبرة لكل محتل ولكل طامع.
غابت شمس العدالة والقيم الإنسانية يوم مجزرة قانا عام 1996، لكن ما لبثت أن حلّت علينا شمس الحرية عام 2000 من خلال تحرير الجنوب والبقاع الغربي وانكفاء العدو. إن دماء شهداء قانا والجنوب كانت هي السبيل للوصول إلى هذا الإنتصار للشعب اللبناني عام 2000.
في هذه المناسبة نستذكر نزار قباني عندما كتب عام 1996،
«وجه قانا ..
شاحبٌ كما وجهُ يسوع
وهواءُ البحرِ في نيسانَ،
أمطارُ دماء ودموع..
دخلوا قانا كأفواجِ ذئاب جائعة..
يشعلون النارَ في بيتِ المسيح
ويدوسونَ على ثوبِ الحسين
وعلى أرض الجنوب الغالية..»
ولكن هذه المجزرة كانت وفي مرّتي حدوثها بشارة إنتصار لبنان ومجده القادم فألف تحية لشهداء قانا وإلى أهلنا في الجنوب الصامد.
الحضور الكريم، يا أبناء لبنان، لا شك أن ذكرى مجزرة قانا هي ذكرى أليمة ودامية، لكنها وفي الوقت نفسه تذكرنا وتذكر العالم أن شعب هذا الوطن هو شعب مقاوم وعظيم وأن فجر العرب القادم ومطلعه إنما هو لبنان.
أخيراً وبإسم الدولة اللبنانية، وبإسم وطنكم لبنان الذي سيظل دائماً منتصراً بكل أبنائه وإن اختلفوا في محبته ووسائل إظهارها، بإسم لبنان أقول لكم نحن شعبٌ نعتز بتضحياتنا وبشهدائنا الذين هم خبزُ الغد الواعد وملحه الذي بدونه لن تكون حرية ولا كرامة ولا إستقلال. رحم الله شهداء قانا وكل شهداء الوطن والمجد والخلود للبنان.
عشتم وعاش لبنان
سبلاني
وألقى الزميل أسامة السبلاني كلمة بإسم كونغرس المنظمات العربية الأميركية إستهلها بشكر الحضور ومنتقداً قلة الإقبال على هذه المناسبة التي شاء العرب الأميركيون إستمرار إحيائها تحت شعار «قانا .. كي لا ننسى» وحمّل سبلاني مسؤولية التقصير للمؤسسات العربية الأميركية أولاً.
وتطرق سبلاني إلى واقع الجالية العربية الأميركية التي تعيش حالة من الإنقطاع عن قضاياها مقارناً بينها وبين الجاليات اليهودية التي تنشط لصالح دولة إسرائيل في مختلف ميادين التأثير.
واعتبر سبلاني «ان الدم العربي صا أرخص من النفط» بسبب إستهتار الحكام وأكد أن العرب لو إحترموا دماء شعوبهم مثلما يفعل اليهود لما تجرأ هؤلاء على إرتكاب المجزرة تلو الأخرى وأشار سبلاني إلى المحارق التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة متسائلاً كيف ترتدع إسرائيل عن جرائمها في ظل هذا الصمت العربي المشين.
حجازي
وألقى ممثل حركة أمل في أميركا الحاج حسين حجازي كلمة بإسم الحركة تضمنت في مقدمتها بعض الأبيات الشعرية والكلمات الوجدانية. وتطرق حجازي إلى الأزمة القائمة في لبنان مؤكداً على «أهمية التجاذب مع مبادرة دولة الرئيس نبيه بري الحوارية التي تشكل المدخل الوحيد لإخراج لبنان من أزمته الحالية بعدما تعثرت المبادرة العربية في منتصف الطريق وأن لا خيار أمام اللبنانيين سوى الحوار والتفاهم والوفاق».
وختم الحاج حجازي كلمته معاهدا وقائلا: «قانا ورب الكعبة قانا، لم ننس ولن ننسى ضحاياك وآلامك التي تتوأمت مع آلام السيد المسيح (ع) وإننا سنبقى على العهد ندافع عن أرضنا وشعبنا حتى ردع العدوان وتحقيق العدالة».
وألقى مرشد المركز الاسلامي السيد حسن القزويني كلمة من وحي الذكرى حيّى في شهداء قانا وكل الشهداء الذين سقطوا على طرق الحق والدفاع عن المقدسات. كما القى ممثل المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى في اميركا السيد ابراهيم صالح كلمته حيّاني مستهلها الارواح الطاهرة لشهداء قانا والوطن، وحث على بذل الجهود للتواصل الدائم مع الناس لابقائهم على صلة بقضاياهم ومنتقداً واقع اللامبالاة الذي يحكم العلاقة بين المؤسسات والقيمين عليها وبين ابناء الجالية.
واختتم الاحتفال بكلمة باسم لجنة تخليد ذكرى شهداء قانا ألقاها عضو المركز الاسلامي الحاج علي فايز وتميزت بالتأثر على ضحايا المجزرتين الاولى والثانية (خلال عدوان تموز) وقال: كلما ازور بلدتي قانا اشعر بالفجيعة التي طالت اولئك الابرياء الذين سقطوا ضحايا لغدر العدوان الذي لا يميز بين طفل وامرأة وشيخ.
وتقدم الحاج فايز بالشكر لكل الحضور والمتحدثين على عواطفهم النبيلة تجاه هذه الذكرى الغالية على قلوب ابناء قانا والوطن.
Leave a Reply