.. يعرض حاليا فـي ميشيغن
مكارثي: أحببت أن أكتبا فيلما أجسد فيه شخصيات التقيتها في بيروت
بلومفيلد هيلز – خاص «صدى الوطن»
مكارثي متحدثا الى بطلي الفيلم |
قد يكون فيلم «الزائر» (ذا فيزيتور) من الأفلام النادرة التي يتم فيها معالجة موضوع الهجرة، بطريقة مختلفة وبانتاج عالي المستوى. وقد يكون فيلم «الزائر» تجربة نادرة تظهر فيها صورة العربي بطريقة ايجابية على عكس السائد في انتاج الافلام الاميركية. ويعد هذا الفيلم من الافلام القليلة التي تناقش موضوع الهجرة غير الشرعية بطريقة انسانية، الموضوع الذي مازال يأخذ مجالا واسعا في النقاش الداخلي في الولات المتحدة.
تدور احداث الفيلم حول صداقة تنشأ بين موسيقي اميركي، والتر فايل (يمثل الدور ريتشارد جينكين) وآخر عربي، طارق خليل (يلعب الدور هاس سليمان) في مدينة نيويورك. وتتطور العلاقة ما بين الموسيقيين بسبب موهبتهما حتى تأتي اللحظة ويعتقل فيها طارق بسبب هجرته غير الشرعية. يجاهد فيها والتر لمساعدة صديقة وتتوطد علاقته مع ام طارق منى (تلعب الدور هيام عباس).
يشكل الفيلم بتصويره للعرب الاميركيين بتلك الطريقة الايجابية، على عكس المتعارف عليه في انتاج السينما الأميركية، حالة فريدة اذا اثار اعجاب الكثير من العرب الاميركيين. كما ان مقاربة موضوع الهجرة بتلك الطريقة الانسانية شكل لكثيرين وقفة مغايرة لاعادة التفكير بالموضوع من زاوية اخرى.
يعرض الفيلم حاليا في مدينة بلومفيلد هيلز في ميشيغن في
Landmark Apple Art Theater.
لإلقاء مزيد من الضوء على الفيلم التقت «صدى الوطن» بمخرج وكاتب «الزائر» طوم مكارثي وكان هذا اللقاء.
– يعد فيلم «الزائر» من الافلام القليلة التي قدمت صورة العرب والعرب الاميركيين بطريقة انسانية بعد ان درجت العادة على تقديمهم بصورة عنيفة وغير انسانية في الافلام الاميركية. وذلك بالنسبة لنا، وكأننا نرى انفسنا للمرة الاولى على شاشة السينما. فكيف تشعر حيال ذلك وهل كنت واع للمهمة التي تقوم بها عند كتابتك قصة الفيلم؟
– نعم، كنت واعيا لما اقوم به، فشخصية طارق، وهو بطل الفيلم، كانت اولى الافكار في مخيلتي عند كتابة القصة. فانا كنت ذهبت الى بيروت. امضيت هناك بعض الوقت عندما بعثت من قبل الخارجية الاميركية في فيلمي الاول «عميل الموقع». وعدت الى بيروت مجددا اكثر من مرة. اصبح لدي الكثير من الاصدقاء هناك. ثم خطرت على بالي ان اجسد بعض الشخصيات التي رأيتها في فيلم لي فأنا لم اكتب او اخرج فيلما يحتوي على ذلك النوع من الشخصيات المتنوعة والرائعة من قبل. من ذلك انطلقت فكرة شخصية طارق، ولكي افهم الشخصيات اكثر امضيت الكثير من الوقت هناك اراقب الناس واقرأ عنهم واتكلم اليهم كما انني امضيت الكثير من الوقت بين الجالية العربية الاميركية في نيويورك. وكان من الرائع ان ارى انعكاس ذلك على العرب الاميركيين في ديربورن عندما ابدوا اعجابهم ورضاهم بالطريقة التي صورتهم بها. هذا يحمسني اكثر.
– هناك بالفعل نوع من تصوير واقعي لصميم الشخصية العربية رأيناها في الفيلم، فهل قصدت ذلك بالفعل ام ان ذلك التجسيد للشخصية العربية كان محض سليقة من الممثلين انفسهم؟
– انها طريقتي في العمل، ان اختار الممثلين وامضي الكثير من الوقت لاخراج العمل مطابقا بدقة للواقع، والحوار مهم مع الممثل كي اعرف، مثلا، طريقة العلاقات العائلية وطبيعتها وكيفية تحركها، او اساليب الأكل وطقوسه. لاحظت مثلا في بيروت ان الاكل ممارسة صميمة في حياة العربي، وتمارس بقدر من المحبة والكرم وروح الالفة. فهذه خاصية مميزة عند العرب.
– شخصية طارق، بطل الفيلم، كانت تمتاز بروحية ايجابية وكان دائما مبتسما حتى عندما كان في الحجز، فهل هذا كان عفويا ام انك اردت ان توصل فكرة معينة عن طبيعة الانسان العربي؟
– نعم، لقد كان ذلك مقصودا. فهذا الشاب قوي رغم كل الذي مر فيه، فقد والده، سافر من سوريا الى ميشيغن، ثم انتقل الى نيويورك. فهو يعرف كيفية الاهتمام بنفسه وتدبر اموره. وذلك كله يرجع الى طبيعته. فذلك بالنسبة لي تراجيديا لكنها على الرغم من ذلك لا تستطيع ان تدمر روحية شخصيته. لقد زرت الكثير من المحتجزين ووجدت اناسا رائعين واندهشت من الاهانة التي توجه اليهم دون ان يدمر ذلك في داخلهم هي الروح.
– هل كنت تحاول من خلال الفيلم ان تسلط الضوء على موضوع الهجرة غير الشرعية او ان الامر فقط مجرد مصادفة قصصية ظهرت من خلال الفيلم؟
– في البداية ابتدأ الامر مع فكرة الشخصية. لكن مع الوقت ومع محاولتي رسم ملامح واضحة لها بدأت بالقراءة حول المهاجرين المحتجزين. وعندما زرت بعض مراكز الاحتجاز احسست بأهمية ان يكون ذلك جزءا من السيناريو لأن الفكرة ذات مدلول مهم. والامر ايضا محاولة انسانية لتسليط الضوء على تلك المشكلة. فهي شيء جديد يستحق الكتابة عنه على الاخص وانا اقدم في هذا الفيلم ثقافة جديدة على المشاهد، وكان الاحتجاز جزءا من واقع هذه الثقافة التي اكتب عنها.
– في احدى اللحظات المفصلية في الفيلم، قالت الشخصية منى: «اشعر انني في سوريا». وهذا شعور طبيعي بدأ العرب الاميركيون يشعرونه هنا في السنوات الاخيرة. حيث انهم يهاجرون طلبا لحياة تتحلى ببعض الحقوق المدنية، لكن يجدون احيانا ان حقوقهم هنا ليست محفوظة، وان مشاكل البيروقراطية في دائرة الهجرة او في وزارة الامن القومي بالغة السوء. فبماذا كنت تفكر وانت تكتب ذلك المقطع؟ هل عرفت اننا حقيقة نفكر بتلك الطريقة؟
– عرفت ذلك من خلال حواري مع العرب من مختلف الدول العربية اذ شعرت بذلك اكثر من مرة، فليس الناس من يخلقون تلك المشاكل بل الادارة الرسمية. انها البيروقراطية. وكأن الامر يخرج من ايدينا ولا نملك عليه اي سيطرة. عندما كتبت تلك الجملة التي قالتها منى قال لي بعض الاميركيين «تمهل، لا يمكنك المقارنة بين الدولتين!» لكن الحقيقة انني لا اقارن بين الدولتين، الممثلة لا تقارن بين الدولتين، بل تعبر عن شعور مشترك راودها وهو شعور قلة الحيلة، شعور الضياع.
– لكن البعض ينظر الى المشكلة من منظور مختلف: يعتبرون ان قضية الهجرة غير الشرعية هي مجرد خرق للقانون وعلى هؤلاء المهاجرين ان يدفعوا ثمن ذلك. فماذا تقول؟
– بعض الناس لا يرى المشكلة من منظور انساني فالسؤال «ما إذا كان ذلك الفرد او عائلته يستحقون ذلك ام لا» يبتعد عن الموضوع. السؤال ليس ان كان هؤلاء المهاجرين ارتكبوا خطأ ام لا، فالامر واضح، نعم، ارتكبوا خطأ، لكن السؤال هو هل على هذا الشخص ان يكون في هذا المكان، ان يكون محتجزا. وعندما يكون لدينا الكثير الكثير من المهاجرين غير الموثقين فكيف يجب ان نعالج المشكلة؟ وهل يمكننا ان نعالجها بشكل افضل من الطريقة التي نمارسها الآن. فهذا هو السؤال الذي يطرحه الفيلم.
– استطاع الفيلم خصوصا بعد عرضه في منطقة ديترويت ان يشعل شرارة الحماسة في كثيرين ويحفزهم على التحرك والعمل على الكتابة للكونغرس للتحدث عن حقوق المهاجرين ولطرح رؤى اخرى لعلاج المشكلة. كيف تشعر حيال ذلك؟
– هذا يسعدني. انا اصلا افكر بطريقة سياسية. ولدي رأي خاص حول الموضوع. ولم يطرح الفيلم كل رؤيتي. والفيلم هو جزء من توعية الناس. اذهب الى موقع
وتستطيع ان تتعلم المزيد حول الموضوع. ومهمتي الاولى والاخيرة هي ان انقل قصة الى الناس واثير اهتمامهم. واذا دفع الفيلم من يشاهده الى التحرك فإنني اكون قد قمت بواجبي.
Leave a Reply