هكذا توجهت بالسؤال الى الزملاء المنهمكين في اعداد هذا العدد وارساله الى الطباعة.
ادار البعض رؤوسهم نحوي مستغربين سؤالي غير المتوقع و«البلاطعم»، فيما اختار البعض الآخر تجاهل سؤالي بما يوحي ان عدم الجواب هو ابلغ جواب.. خصوصاً ان المشتغلين بالصحافة يترفعون في العادة عن ابداء اي نوع من «الحب» تجاه رجال السياسة، والعلاقة التي تربط الصحافي بالسياسي هي بالاجمال علاقة نكد وتشكيك وانتقاد.
غير ان «طعم» سؤالي سرعان ما تبدى وانا اتفحص امامهم صندوق الحلوى اللبنانية الذي يحتوي على معينات من نوع السنيورة وهي الحلوى اللبنانية التي يحمل اسمها رئيس الحكومة اللبنانية.
ولئن يرى بعض اللبنانيين ان رئيس حكومتهم السنيورة قد «فقد الشرعية» فإن «السنيورة» اللبنانية لم تفقد نكهتها ولا تزال تجذب قلوب كل اللبنانيين الى طعمها اللذيذ.
هكذا لم يتأخر الزملاء في اكتشاف مبرر سؤالي «وشرعيته» وانا ارى على المنضدة الموازية لرؤوس الزملاء «سنيورة» لبنانية جلبتها احدى العاملات في «صدى الوطن» خلال زيارة حديثة الى لبنان، دون ان تدري على الارجح ان اسم الحلوى التي حملتها مرادفة لاسم السياسي اللبناني الاكثر اثارة للجدل والانقسام في هذه الاوقات اللبنانية العصيبة.
استذكرت وانا اتناول «معيناً» من السنيورة واضعه في فمي زيارة رئيس الوزراء اللبناني الراحل الشهيد رفيق الحريري الى مدينة ديربورن بعد مجزر قانا في العام 1996 ومخاطبته حشداً من ابناء الجالية اللبنانية في فندق «حياة ريجنسي». يومها، صرخ احد الحضور سائلاً الرئيس الحريري: اين السنيورة؟ (وكان يومها وزيراً للمال) لماذا لم يحضر برفقتك؟
اجاب الرئيس الحريري: خفنا ان تأكلوه!
اللبنانيون جميعاً يحبون «السنيورة» وهي منتج صيداوي عريق في عالم الحلوى اللبنانية.
«الخشية» من ان يؤكل السنيورة والتي ابداها الرئيس الحريري عليه قبل 12 سنة، باتت اقرب الى الحقيقة هذه الآونة، وفي اي يوم قد يستفيق اللبنانيون ولا يجدون رئيس وزرائهم في «السراي الكبير» لكثرة الطامحين الى«اكله» ليس حباً «بنكهته» السياسية، بل بسبب انقساماتهم السياسية والمذهبية التي وصلت حتى الى اصناف الحلوى.
الا يجوز تصنيف حلوى «السنيورة» في فريق 14 آذار مثلاً ومثلها «عيش السرايا» لان السرايا الحكومية وعيشها الحالي «ينكّدان» على فريق من اللبنانيين عيشه منذ ان حاصرها قبل سنة ونصف السنة سعياً لاسقاط «سنيورتها» من رئاسة الحكومة «الفاقدة للشرعية»؟
بالنسبة لي تيقنت بعد تذوقي السنيورة اللبنانية إثر انقطاع دام سنوات طويلة، انها لا تزال «شرعية وميثاقية» لانني لا اظن ان لبنانيين اثنين يختلفان على طعمها اللذيذ. وعلى امل ان يعثر اللبنانيون على قواسم مشتركة أخرى في السياسة توحد صفوفهم المشرذمة وتنقذهم من حال اليأس التي ادخلتهم فيها صراعات طوائفهم على السلطة وارتباطاتها بالخارج ومشاريعه الخطيرة على مستقبلهم وكيانهم
Leave a Reply