اقامة قواعد عسكرية فـي العرقوب وتكفير «حزب الله» لإثارة الغرائز
«الطريق الى فلسطين تمر من الجنوب وتبدأ بطرد القوات الصليبية»!
لم يعد خافياً ان لبنان تحول الى ارض خصبة لتنظيم «القاعدة»، وبات يستحوذ على اهتمام المسؤولين في هذا التنظيم وعلى رأسهم الرجل الثاني ايمن الظواهري الذي كشف عن «وجود جيل جهادي في لبنان له دور محوري في طرد القوات الصليبية من لبنان، وفي المعارك المقبلة مع الصليبيين واليهود».
وهذا التصريح توقفت عنده القوى السياسية والحزبية والمراجع الامنية، و نظرت اليه بكثير من القلق، مع اقتراب الذكرى السنوية لإندلاع معارك مخيم نهر البارد، التي اكدت التحقيقات ان «القاعدة» كانت وراء هذه الحرب المدمرة، التي خاضها شاكر العبسي بإسم «فتح الاسلام» الذي تبين انها فرع من فروع «القاعدة»، التي سبق للظواهري ان اعلن ان العبسي قد حصل على عضويته فيها، وقد ارتبط بها منذ ان كان في العراق يقاتل مع «ابو مصعب الزرقاوي» الذي تعرف عليه في الاردن، وقد انتقل رئيس حركة «فتح الاسلام» الى لبنان اثناء العدوان الاسرائيلي في صيف 2006، للتصدي له ومقاتلة قوات الاحتلال اذا ما اجتاحت الاراضي اللبنانية، وهو جمع قواته في المخيمات تحت هذا الشعار، بعد ان استقدم عناصرها من المقاتلين الذين كانوا في العراق وآخرين حضروا من دول كالسعودية وتونس والمغرب وباكستان وغيرها من الدول، وقد تم ابلاغ هؤلاء العناصر ان مهمتهم في لبنان، هي القيام بعمليات ضد القوات الدولية (يسميها الظواهري القوات الصليبية)، لان استحضارها عبر قرار مجلس الامن الدولي 1701، هو لحراسة اسرائيل ومنع المقاومة من الوصول الى فلسطين لتحريرها من اليهود.
وقد اعلن الظواهري في ايلول 2006، وبعد انتشار القوات الدولية جنوب الليطاني، ان لبنان تحول الى «ارض جهاد» بعد ان كان «ارض نصرة»، ولم يأخذ احد كلامه على محمل الجد، الى ان تم استهداف دورية اسبانية عاملة في القوات الدولية في سهل الدردارة قرب الخيام وادت الى مقتل سبعة عناصر فيها، وجرح آخرين، واتهمت اطراف في السلطة اللبنانية، سوريا بانها تقف وراء هذه العملية لطرد هذه القوات، كما حاولت التلميح الى دور لـ«حزب الله» في الاعتداء، الا ان ما لبث الامر ان انكشف حيث تبين من التحقيقات ان تنظيم «القاعدة» هو من نفذ العملية، بعد ان قام بمحاولة تفجير سيارة «للقوات الدولية» قرب القاسمية، فإعتقل الفاعلون وعرفت هوياتهم الفلسطينية، وانتمائهم الى تنظيم اسلامي اصولي فلسطيني له وجود في مخيم عين الحلوة، الذي قام ايضاً بعملية ضد دورية اخرى عند نهر الاولي قرب صيدا.
هذه العمليات التي كانت تتعامل معها السلطة اللبنانية، بعدم الاكتراث، كشفت ان «القاعدة» فاعلة وقوية وهي متواجدة في اكثر من منطقة لبنانية ومخيم فلسطيني، وان ثمة خلايا نائمة لهذا التنظيم الاسلامي العالمي الذي قرر الظواهري تفعيلها، وان تفتح طريق تحرير فلسطين من لبنان، اذ تتحدث المعلومات ان هذا التنظيم يركز عمله في مناطق العرقوب التي تضم كفرشوبا وشبعا والهبارية وكفرحمام، وهي مناطق ذات كثافة سكانية سنية، ويحاول ان يقيم قواعد عسكرية فيها كما كانت ايام المنظمات الفلسطينية التي اتخذتها كقواعد لها في نهاية الستينات من القرن الماضي، وتحاول «القاعدة» ان تستعيدها من خلال عمق لها يمتد الى البقاع الغربي، حيث كشفت التقارير الامنية عن تغلغل المنظمات الاصولية الاسلامية، وتم اعتقال العشرات من عناصرها والبعض منهم قاتلوا في العراق.
فقرار الظواهري تحويل لبنان، وهو «ثغر من ثغور المسلمين»، الى «ارض للجهاد»، يكشف بأن المرحلة المقبلة، ستكون معركة السيطرة على هذه الارض التي يعتبرها تنظيم «القاعدة» انها لا يمكن ان يطأها «الكفار الصليبيون» ولا بدّ من اخراجهم منها، وان المعركة المقبلة ستكون مكشوفة مع القوات الصليبية، وهو ما دفع برئيس الوزراء الايطالي السابق برلسكوني الى المطالبة بتعديل قرار قواعد الاشتباك، بإستخدام القوة المباشرة.
الى ان اخطر ما طرحه الظواهري، هو ان المجاهدين اللبنانيين ويقصد عناصر القاعدة هم بين نارين، نار من يرتبط بالقوى الاقليمية ومخططاتها ويقصد «حزب الله»، ومن هو مرتبط بأميركا ومشاريعها، ويشير الى الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة، مما يعكس ان قرارا اتخذ بتوسيع رقعة المواجهة التي حددها الرجل الثاني في «القاعدة» بـ«حزب الله» كحليف لإيران، وينظر اليه من منظار مذهبي وهذا ما يثير القلق، ويحاول ان ينقل ما حصل في العراق الى لبنان، بإشعال فتنة مذهبية، بدأت بأعمال تفجير المساجد الشيعية واماكن تجمعهم، وتم الرد عليها بردود فعل ثأرية وانتقامية.
واذا كان بعض الشيعة وتنظيماتهم تعاونوا مع اميركا في العراق، وغطوا احتلالها، ويحاول الظواهري اسقاط الوضع العراقي على لبنان، فهو يخلط بين من قاوم الاحتلال الاسرائيلي، ومن تعاون مع الاحتلال الاميركي، وكأنه بذلك يسعى الى تحريك الغرائز المذهبية لإستمالة السنة في مواجهة الشيعة، بعد ان امنت قوى 14 شباط، و«تيار المستقبل» تحديداً الارضية المناسبة، بالتحريض على المقاومة و«حزب الله»، واعتبار سلاحه انه موجه ضد السنة، ليأتي تنظيم «القاعدة» ليحصد ما زرعه الفريق الحاكم الذي بدأ متأخراً يشعر مدى خطورة ما فعل، بعد ان ظهرت خطورة ما حصل في نهر البارد، وما يتحضر لمخيم عين الحلوة.
فـ«عرقنة» لبنان بدأت، وان رسائل الظواهري كافية، لتؤكد ان «القاعدة» قررت تحريره من الصليبيين والشيعة المرتدين، وتحويله الى «ارض جهاد» بإتجاه فلسطين، بما تعنيه كدولة مرجعية للشيعة، في وقت لا تنظر الجمهورية الاسلامية الايرانية الى المسألة الفلسطينية من زاوية مذهبية، بل من منظور اسلامي عام، وهي اعلنت يوماً للقدس، وتدعم المقاومة في دون النظر الى لونها السياسي او الطائفي او المذهبي، بل هي تقف الى جانب كل من يقاوم ويواجه الاستكبار العالمي الممثل بأميركا واسرائيل.
Leave a Reply