هامترامك – خاص «صدى الوطن»
لم يقبل القاضي بول باروك في محكمة البداية في الدائرة 31 في مدينة هامترامك مثول المدعية غينا محمد امامه بسبب رفضها نزع نقابها للتعرف على هويتها قبل ادلائها بشهادتها، الامر الذي يشكل انتهاكا لحق دستوري اساسي يكرسه الدستور الاميركي في الحق في حرية ممارسة الشعائر الدينية. وبرر القاضي موقفه بأنه بحاجه ان يرى وجه المدعية وهي تدلي بأقوالها لمعرفة انفعالاتها وما اذا كانت تقول الحقيقة ام لا.
وكان موقف المدعية المنقبة، في القضية التي رفعت في اواخر العام الماضي، انها لم تواجه اية مشكلة في السابق مع اي سلطات قضائية او غيرها حيث اعتادت ان تكشف عن وجهها امام موظفة انثى للتأكد من هويتها ومطابقتها للهوية الرسمية التي تقدمها.
وشرحت المدعية للقاضي ان معتقداتها الدينية تمنع عليها فعل ذلك غير ان القاضي خيرها ما بين الكشف عن وجهها او عدم قدرته على المضي في سماع القضية. فما كان من المدعية الا ان رفعت دعوى ضد القاضي على ارضية ان قراره يمنعها حقها في المثول امام القضاء بسبب معتقداتها الامر الذي يشكل تمييزا بسبب المعتقد الدينية.
وربما يندهش بعض المسلمين لموقف المنقبة حيث يعتقد اغلبية المسلمين ان ليس ثمة مشكلة في كشف الوجه دون نزع الحجاب، غير ان للمحامي نبيه عياد تفسير آخر: فـ عياد يؤكد ان المشكلة واقعية، فهناك آلاف المسلمين ممن يعتقدون ان النقاب هو جزء من العقيدة الدينية وبغض النظر عن الموقف الديني، لا يمكن لقاضي ان يمنع موكلته من الحق في المثول امام القضاء، واذا كان قرار القاضي مقبولا فإن عددا كبيرا من المواطنين الاميركيين سيحرمون من حق اساسي وهو الحق في استعمال القضاء.
اما تفاصيل القضية فهي ان غينا محمد رفعت دعوى في محكمة البداية في الدائرة 31 في مدينة هامتراميك في سبتمبر 2006، في قسم «الدعاوى الصغيرة» للمطالبة بمبلغ 3000 دولار بسبب اضرار تسبب بها طرف آخر.
وفي يوم المحاكمة، تشرين أول (اكتوبر) 11 رفض القاضي بول بوراك سماع القضية لعدم قبول المدعية نزع نقابها لتأكد من هويتها ولمراقبة وجهها اثناء ادلائها بأقوالها وخيّرها ما بين ذلك او رد القضية. وعندما رفضت المدعية انطلاقا من معتقداتها الدينية رد القاضي بأن النقاب ليس ممارسة دينية بل هو من العادات التي تستند الى الاعراف الاجتماعية، فكان رد المدعية ان هذا رأيه هو ولكن بالنسبة لها الامر معتقد ديني. والنتيجة ان رد القاضي الدعوى وخسرت المدعية ادعاءها.
ويؤكد المحامي عياد ان هذا قد يدفع اي شخص الى رفع دعوى ضد اي منقّبة متأكدا انها لن يُسمح لها المثول امام القضاء لأنها لن ترضى نزع نقابها وستخسر القضية لا محالة إن كان قرار القاضي هو الذي سيعتمد كسابقة للتعاطي مع المنقّبات. كما اشار المحامي الى ان ليس من حق القاضي ان يقرر ما اذا كان النقاب جزء من المعتقد الاسلامي ام انه عادات وتقاليد فهذا يعود الى الشخص الذي يعتنق المبدأ وطالما ان هناك رجال دين مسلمون يفسرون النقاب على انه جزء من المعتقد الديني وطالما ان المدعية تمارس المتعارف عليه في معتقدها ولا تبتكر هذا المعتقد من نفسها فعلى القاضي ان لا يجادل في ذلك.
وعليه، ما كان من امر المدعية الا ان رفعت دعوى امام محكمة البداية الفدرالية امام القاضي جون فيكين ضد القاضي باروك على ارضية التمييز ضدها دينيا.
وانعقدت اول جلسة للاستماع الى المرافعات الشفهية في 29 نيسان (إبريل) الماضي. وابدى المحامي عياد في تسبيبه الذي ادرجه في الاستدعاء المقدم الى المحكمة الفدرالية ان فعل القاضي سبّب وسيسبب ضررا لعدد كبير من العرب الامركيين بسبب وجود عدد لا يستهان به من المنقبات الذي سيقفون في يوم من الايام امام المحكمة وسيواجهون موقفا مماثلا وسيمنعون من حق المثول امام القضاء.
ولكن على اي نص قانوني يستند المحامي المختص بشؤون الهجرة وقضايا الحقوق المدنية؟ يجيب: هناك قضية تشكل سابقة قضائية فحواها ان طائفة دينية في الولايات المتحدة الاميركية لديها ممارسة دينية غريبة بعض الشيء. فهذه الطائفة تتعاطى اثناء ممارستها شعائرها الدينية مادة تعد من جملة المواد المخدرة المحظورة قانونا تسمى «دي ام تي»، يتناولها معتنقو هذه الطائفة كجزء من معتقدهم الديني اثناء الصلاة. وعندما رفعت دعوى
لتجريم هذا الفعل، حكم القاضي في محكمة بداية بعدم شرعية تعاطي هذه المادة. غير ان الامر رفع الى المحكمة العليا للنظر ما اذا كان قرار قاضي محكمة البداية مخالف للدستور الذي يقضي بحرية الممارسة الدينية. وحكمت المحكمة العليا بأن تعاطي هذه المادة المخدرة من قبل اتباع هذه الطائفة، وطالما انه يمارس كجزء من معتقداتها الاصلية، وطالما انها لا تُتعاطى الا لسبب ديني، فهي ممارسة قانونية ومنعها يعد تعديا على حق دستوري مهم وهو حرية الممارسة الدينية.
ينطلق عياد من تلك السابقة القانونية ويقول: اذا كانت المحكمة العليا حكمت في تلك القضية بهذا الشكل، لمصلحة حرية المعتقد الديني لطائفة دينية لا يتعدى اتباعها 130 شخصا، الا يكون من الاولى ان يسمح للمنقبات من التمسك في حقهن عدم نزع النقاب وهن يُعَدّون بالآلاف في الولايات المتحدة الاميركية، ان كان ذلك اثناء الادلاء بأقوالهن امام محكمة او للتعرف على هويتهن امام اي سلطة رسمية؟
ستعقد الجلسة التالية للنطق بحكم القاضي الفدرالي في القضية خلال وقت قريب لم يحدده القاضي بعد.
Leave a Reply