القدس المحتلة – بينما تحتفل اسرائيل بمرور 60 عاما على قيامها يندب الفلسطينيون نكبة 1948 عندما فقدوا وطنهم. وهم يتمسكون «بحق العودة» الذي يتم تجاهله غالبا في محادثات سلام الشرق الاوسط. بدأ الفلسطينيون فعاليات احياء الذكرى الستين ليوم النكبة الذي يصادف الخامس عشر من ايار (مايو) مع مهرجانات ثقافية ورياضية متنوعة تحت شعار «حق الفلسطينيين بالعودة». وتبلغ هذه الفعاليات ذروتها في الخامس عشر من الشهر الحالي اذ اعتبرت السلطة الفلسطينية هذا اليوم يوما وطنيا شاملا تعطل فيه المؤسسات الحكوميه بعد الساعة الحادية عشرة ظهرا.
وسينظم الخميس مهرجانا مركزيا في بيت لحم في الضفة الغربية يتم خلاله افتتاح مجسم لبوابة ترمز الى بوابة عودة اللاجئين الى قراهم اضافة الى تدشين لمفتاح العودة الذي يبلغ طوله عشرة امتار.
ويقام الخميس المقبل في الخامس عشر من ايار «مخيم العودة» بالقرب من ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في رام الله وهو عبارة عن خيم ستستضيف فعاليات حول النكبة.
وتتواصل فعاليات «مخيم العودة» ثلاثة ايام تتوج بمهرجان مركزي وسط رام الله تطلق فيه صفارات الانذار تذكيرا بيوم النكبة.
وسيطلق في ذلك اليوم 22 الف بالون من مخيم قلنديا شمال القدس ومن بيت لحم ومن داخل القدس الشرقية نفسها لتحلق في سماء القدس جميعها ويرمز عدد 22 الف الى عدد ايام السنوات الستين للنكبة. وستعبئ هذه البالونات بغاز الهيليوم وسيكتب على كل بالون رسالة من اطفال فلسطين الى اطفال العالم تذكرهم بنكبة العام 1948. وستبث محطات التلفزة والاذاعات الخاصة على مدار 21 ساعة برامج خاصة عن النكبة الخميس المقبل في رام الله وغزة والناصرة وعمان ودمشق وصولا الى باريس. وقال منسق اللجنة الوطنية لاحياء يوم النكبة عمر عساف ان اللجنة ستدعو الى الاضراب العام لمدة ساعة الخميس المقبل وهو اليوم الذي ستحفتل به اسرائيل بذكرى قيامها.
شهادات
علية الشباطي كان عمرها 12 عاما عندما فرت من هجمات اليهود على قرية كابري التي تم الاستيلاء عليها بعد أيام من قيام اسرائيل.
واليوم بعد ان أصبحت امرأة وقورا في الثانية والسبعين فان ذكرياتها عن كابري التي تقع الان في شمال اسرائيل مازالت حية على عكس قريتها التي تم محوها من الخارطة.
وقالت علية التي كانت ترتدي فستانا أزرق وغطاء رأس أبيض وهي تجلس في غرفة المعيشة بمنزلها المتواضع في مخيم برج البراجنة في بيروت «كان لدينا منازل وأراض». وأضافت «وكان لدينا أشجار زيتون وعنب وكمثرى ونخيل. كان لدينا بساتين فاكهة وحقول. والآن ماذا لدينا.. لا شيء».
وقصة حياة علية تجسد مرارة السلب والاقامة في المنفى التي يشعر بها نحو 4,5 مليون لاجيء فلسطيني وأحفادهم الذين يعيشون في مخيمات بائسة في لبنان وسوريا والاردن والضفة الغربية المحتلة وغزة أو في الشتات. وبالنسبة لعلية التي فقدت ثلاثة من اطفالها الاحد عشر فان قصتها فريدة وتقول «ما ذقته لم يذقه أحد قط».
القوات البريطانية قتلت والدها اثناء تمرد فلسطيني في عام 1936 بعد فترة قصيرة من ولادتها.
وبعد مرور 21 عاما فرت من قرية كابري مع امها وشقيقها وجدتها مع نساء واطفال اخرين بعد هجوم قوات الهاجاناه اليهودية. وكان عمها وعدة أقارب اخرين بقوا في القرية بين الذين قتلوا.
وتتذكر علية سيرها منهكة من قرية الى اخرى لا تجد الامان في أي مكان الى ان عبر الناجون من قرية كابري الحدود الى لبنان ونقلوا الى سوريا.
ومصير قرية كابري كان جزءا مما يقول الفلسطينيون وبعض الباحثين اليهود انه عملية تطهير عرقي منظمة أمر بها الزعماء الصهاينة لتمهيد الطريق امام قيام الدولة اليهودية.
وترفض اسرائيل ذلك وتقول ان مشكلة اللاجئين نتجت عن الحرب التي شنها الفلسطينيون الذين عارضوا خطة التقسيم التي أقرتها الامم المتحدة في 92 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1947 والدول العربية التي قامت بالغزو بعد انتهاء الانتداب البريطاني يوم 15 ايار (مايو) عام 1948.
ووفقا لاجماع فانه من بين 1,4 مليون عربي كانوا يعيشون في فلسطين في عام 1947 نزح أكثر من 700 الف من ديارهم بحلول عام 1949.
وقبل ان يندلع القتال في اواخر عام 1947 كان نحو مليون عربي و600 الف يهودي يعيشون فيما أصبح اسرائيل. وقامت اسرائيل على 78 بالمئة من فلسطين ايام الانتداب. وكانت خطة الامم المتحدة التي رفضها العرب ستعطيها 56 بالمئة من هذه الارض.
وفي سن الثانية عشرة ربما كانت علية لا تستوعب تماما الصراع بشأن وطنها لكنها سرعان ما شعرت بما يعنيه ان تصبح لاجئا.
ومن بين المصاعب والاهانات التي صادفتها وتتذكرها علية كيف ان بعض القرويين السوريين بدأوا ينتقون عرائس من المجموعة التي أصبحت ملابسها رثة بطريقة تهكمية الى ان وبخهم شرطي على اساءة معاملة ضيوفهم. وقالت «شعرنا وكأن سكاكين وجهت الينا».
وتحلم علية بالعودة الى كابري حتى لو اضطرت الى الاقامة في خيمة مرة اخرى. وقالت «سوف أمشي على قدمي أي مسافة في امكاني من اجل العودة» ساخرة من سؤال عما اذا كانت ستفكر في الانتقال الى دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة في نهاية الامر.
ويلقى الفلسطينيون معاملة أسوأ في لبنان مقارنة مع الدول العربية الاخرى مثل الاردن حيث يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة وسوريا حيث يتمتعون بالحقوق المدنية وليس السياسية.
وقال يزيد صايغ وهو باحث فلسطيني بجامعة كيمبردج البريطانية «لديهم تاريخ خاص من التعرض للعنف والمذابح والتهميش والاستبعاد من جانب السلطات اللبنانية من خلال السبل القانونية والوسائل الاخرى».
وتعارض اسرائيل بشدة السماح بعودة أي لاجئين الى ديارهم الاصلية بحجة ان هذا سيدمر الدولة اليهودية بتعريض الغالبية اليهودية للخطر.
وقبلت منظمة التحرير الفلسطينية صيغة خطة سلام اعدتها جامعة الدول العربية تدعو الى «حل عادل ومتفق عليه» يتفق مع قرار الامم المتحدة الذي يقترح العودة أو التعويض للاجئين الراغبين في العيش في سلام مع جيرانهم.
وقال باسل عقل احد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية والمستشار السابق لياسر عرفات الزعيم الراحل لمنظمة التحرير «في نهاية اليوم كل شيء قابل للتفاوض».
Leave a Reply