القاهرة، غزة – كذّبت إسرائيل منتصف الأسبوع الماضي المعلومات المصرية عن موافقتها على التهدئة، مؤكدة عدم التوصّل إلى أي اتفاق في الوقت الراهن، ما ترافق مع إعلان مسؤول فلسطيني اختلاف الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ومغادرة رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» موسى أبو مرزوق القاهرة إلى دمشق دلالة على تعثر الوساطة المصرية بعد ان استضافت القاهرة وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك ووفداً من «حماس». إلا أن الجديد في التطورات فهو تسريب الحكومة الإسرائيلية تقريراً عن تلقي جيشها أوامر بالاستعداد لشن عدوان واسع النطاق على القطاع إذا فشلت جهود مصر لإقرار هدنة بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال.
وقد أخفقت محادثات القاهرة خلال الأسبوع الماضي في تذليل الخلافات بين الحركة وإسرائيل بشأن الاقتراح المصري للتهدئة في غزة، فيما واصلت الدولة العبرية تحديها للسلطة الفلسطينية والمجتمع الدولي، بإعلانها طرح استدراج عروض لبناء 286 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة في محيط القدس المحتلة.
ونقلت «رويترز» عن مسؤول فلسطيني أن إسرائيل وحماس لا تزالان مختلفتين بشأن شروط التهدئة. وقال إن إسرائيل وافقت على وقف الهجمات البرية والغارات الجوية على القطاع، اذا أوقفت المقاومة إطلاق الصواريخ، لكنها لم تقبل مطالبة «حماس» بإعادة فتح المعابر بمجرد بدء التهدئة. وأضاف المسؤول أن «إسرائيل عرضت تهدئة في مقابل تهدئة، وقالت إنها ستقيّم الموقف وستخفف الحصار عندما يسود الهدوء».
وقال المتحدث باسم حماس أيمن طه، من جهته، «نحن لا نتحدث عن تهدئة في مقابل تهدئة، ولكن نتحدث عن وقف عدوان وحصار مفروض على الشعب الفلسطيني». وقد اتسم ملف التهدئة بين الإسرائيليين والفلسطينيين بمزيد من المماطلة، تزامن مع تضارب المعلومات في الأوساط المصرية بين قائلٍ برفع إسرائيل سقف شروطها للقبول بالتهدئة، وخصوصاً إدراج ملف الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، وعدم إدراجه.
وقالت المصادر إن تحفظات إسرائيل تتعلق بتزامن الهدنة المقترحة لمدة ستة أشهر في قطاع غزة مع إطلاق سراح شاليط، إضافة إلى ضمان عدم تنامي قدرات «حماس» العسكرية خلال الهدنة، وضبط الحدود المصرية مع غزة لمنع عمليات التهريب باتجاه الأراضي الفلسطينية. وأوضحت المصادر أن سليمان رفض هذه التحفظات، قائلاً إنه «يتعين على إسرائيل رفض أو قبول مشروع الهدنة من دون ربطه بأي ملفات أخرى».
في هذا الوقت، أعلن القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش، أن فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة ستزور القاهرة تباعاً للاطلاع على الموقف الإسرائيلي من التهدئة. وأشار إلى أن وفد «حماس» الذي يجري مباحثات مع القيادة المصرية لا يمثّل كل فصائل المقاومة. وشدّد على أن «الشروط التي وضعتها المقاومة لا رجعة عنها للقبول بالتهدئة مع العدو الصهيوني».
وفي المقابل، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، مارك ريغيف، ردا على إعلان مسؤول مصري أن المحادثات التي تجريها القاهرة «أسفرت عن تأييد وتفهم القادة الإسرائيليين للرؤية المصرية بشأن التهدئة»، «في ما يخصنا، بإمكاننا فقط القول إن الاتصالات متواصلة».
في السياق، أعلن وزير شؤون المتقاعدين رافي أيتان، للإذاعة العامة الإسرائيلية، «لست على علم بتهدئة. ووزير الدفاع إيهود باراك تحدّث عنها خلال محادثاته الأخيرة في القاهرة مع الرئيس حسني مبارك، لكنه لم يقدّم تقريره بهذا الشأن بعد».
في هذا الوقت، رأت الحكومة المقالة برئاسة إسماعيل هنية، على لسان المتحدث باسمها طاهر النونو، أن «ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من تصعيد واضح وملموس في الوضع الميداني في غزة، وصل إلى مراحل خطيرة، في محاولة واضحة لإشعال الأوضاع الميدانية لتحقيق أهداف سياسية وكسر إرادة شعبنا». ويذكر ان عددا من الشهداء والجرحى سقطوا خلال الأسبوع الماضي في القطاع المحاصر.
في غضون ذلك، ذكرت صحيفة «يديعوت احرنوت» الاسرائيلية نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين ان الجيش الإسرائيلي تلقى مؤخرا أوامر من القيادة السياسية الإسرائيلية بالاستعداد لتصعيد عسكري محتمل في قطاع غزة، خاصة مع إمكانية فشل الجهود المصرية الجارية للتهدئة. وقالت إن «المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية» سيجتمع قريباً لتقرير ما إذا كانت إسرائيل ستتجه نحو القبول بالتهدئة أو شن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد الفصائل الفلسطينية في القطاع.
Leave a Reply