نتائج فاقت التوقعات ومنح دراسية بـ7,1 مليون دولار للمتفوقين
ككل المؤسسات، التربوية وغير التربوية، تثور صراعات داخلية في اروقة ثانوية فوردسون. ومنذ تسلم ادارة المدرسة عماد فضل الله، اول مدير عربي، تصاعدت الانجازات الاكاديمية. وقد تدل هذه الانجازات للوهلة الاولى ان الصراعات الداخلية حسمت لمصلحة فضل الله. غير انه من المبكر حسم القضية. فالامر يتوقف على عوامل كثيرة، الاهم فيها هو مشاركة اهالي الطلبة في الدفاع عن مصالح ابنائهم.
لكن ماهي هذه الصراعات؟ هل هي عنصرية، هل هناك مآمرة ضد «عروبة» المدرسة! ام ان الامر هو استمرار للتفكير السائد ضد الاقليات الملونة بمن فيهم العرب من قبل من لا يؤمنون الا بتفوق الجنس الابيض؟
عندما وقف التلميذ عباس علوية في اجتماع المجلس التربوي الاسبوع الماضي، قال اشياء بدت غريبة بعض الشيء. لكن الملفت هو الغضب الذي بدى على التلميذ وعلى زملائه الذين اصطفوا من خلفه مساندين له. غضب لا يفسره فقط حبهم لمدير مدرستهم. كان هناك شيء يعتمل في داخل هؤلاء الطلبة دفعهم الى الوقوف بشدة ومساندة كل كلمة نطق بها زميلهم. قال علوية باسم زملائه انه «ليس مقبولا بعد اليوم ان يستهين بعض المدرسين بقدرات الطلاب العقلية والتقليل من شأن طموحاتهم بل الوقوف بوجه طموحاتهم بما لهم من سلطة تربوية.. ان تصرف بعض المعلمين يعيق تلقّينا للتعليم المناسب ونطلب فتح تحقيق بالمسألة».
ان الذي قاله علوية يؤشر الى المشكلة التي شكلت موضوع الصراعات الداخلية في اروقة المدرسة. فعلى طول تاريخ هذه المؤسسة التعليمية ومنذ تسلم عماد فضل الله ادارتها حيث كانت نسبة التلاميذ العرب، انذاك، لا تتجاوز 20 بالمئة، لم يتم التعامل معهم بالمساواة مع اقرانهم من الاميركيين. فأغلبهم كان يتم تصنيفه على انه متوسط، ان لم يكن متدني، الذكاء، وبالتالي يرسل الى صفوف المهن اليدوية، حيث خصصت صفوف المواد العلمية، والتي تؤهل التلاميذ للتخصصات ذات الشأن، لمن هم من جنس ابيض خالص.
كل ذلك كان يتم بمكر وبخبث تارة وعن جهل وانصياع للصورة النمطية التي تروج عن العرب تارة اخرى. ونحن لا نستطيع هنا ان نتهم كل اولئك المعلمين الذين مارسوا هذا التمييز بالتآمر على الجنس العربي لكن من دون ادنى شك، لا يمكن قبول مثل ذلك السلوك، على الاخص، في بلد خاض معارك اهلية دامية لمحاربة التمييز العنصري بشكليه المعلن والمخفي.
وعليه، كانت الصورة على الشكل التالي: بدل ان يساعد المرشدون التربويون (counselors) الطلبة ويحثوهم على اختيار مواد علمية تنمي فيهم القدرة على التأهل لدخول الجامعة، كانوا بدلا من ذلك يزرعون في داخلهم احساس الدونية ويقتلون في افئدتهم الطموح.
كان ذلك في وقت كان فيه التلامذة العرب اقلية. واستمر ذلك حتى مع تغير نسبتهم وازديادهم الى حدود الاغلبية القصوى (95 بالمئة). فعقلية بعض المدرسين والمرشدين في مدرسة فوردسون مازالت على حالها لم تتغير: يحدون من طموح الطلبة ولا يشجعونهم على التحصيل العلمي. وهذا ما اغضب التلامذة الذين تجمعوا في جلسة للمجلس التربوي وذلك ما دفعهم الى ان يتخذوا من مناسبة الوقوف الى جانب فضل الله، فرصة لاستنكار ذلك الجو الداخلي السائد في المدرسة من قبل بعض المدرسين والمرشدين.
وهنا يكمن التحدي الذي يواجه اهالي الطلبة في مدرسة فوردسون، والجواب ما اذا كانت الصراعات الداخلية في المدرسة قد حسمت لمصلحة مديرها فضل الله ام لمصلحة ذلك الفريق غير المبالي بمستقبل ابناء الجالية العربية يتوقف فقط على مدى ادراك الاهل لذلك التحدي.
على كل، فوردسون تثبت انها لم تعد بيئة صالحة لتنمية الفشل وقتل الطموح، بل هي الآن بدأت تخطو اولى خطواتها ببطء لكن بثبات نحو تحقيق انجازات مهمة، فمديرها ما زال يؤكد انه لن يتوقف عن احداث التغييرات المطلوبة كلما تسنى له ذلك في الجسم التربوي فيها لتوظيف معلمين ومعلمات يحترمون عقول التلاميذ ولا ينظرون اليهم نظرة دونية، او يتندرون عليهم ان لمسوا فيهم طموحا.
ولنطرح الحقائق بدل الانغماس في الكلام النظري: وليم بريم، خريج مدرسة فوردسون عام 1974، والذي شغل منصب مساعد وزير الدفاع في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون وهيرالد فورد، وكان رئيسا سابقا لشركة «اس آر اس الدولية»، والذي له تاريخ في الاعمال الخيرية منها انه تبرع بـ44 مليون دولار لبرنامج الصحة في جامعة ميشيغن في «ان اربر، افرد عددا من المنح الكاملة (لكامل مدة التخصص) لخريجي مدرسة فوردسون بلغت حتى الآن المليون وسبعمئة الف دولار.
وبالفعل، لو لم يجد هذا الرجل مستويات نجاح عالية في الاجيال التي تتخرج من مدرسة فوردسون، ما كان خصص منحا كاملة لهؤلاء التلاميذ، مع ان كثيرين حاولوا حثه على عدم تقديم منح دراسية لمدرسة اغلبها تلامذة عرب!
على اي حال، وبعيدا عن كل عنصري او نصف عنصري، تشكل خطوة بريم في الاصرار على تقديم هذه المنح والتي تصل كل منحة منها او تتجاوز الـ 100 الف دولار، وساما لإدارة المدرسة على الذي حققته من مستوى واعد لفت انظار اناس مثل بريم.
يشكل عدد المنح التي يربحها تلامذة المدرسة سنة بعد سنة مؤشرا على التقدم الحثيث لطلبها: ففي العام 2004، لم يحصل على هذه المنحة الا تلميذة واحدة. في السنة التالية حصل على المنحة تلميذان، في العام 2006، حصل عليها 3 تلاميذ، بعدها بسنة، حصل عليها 4 تلاميذ، اما هذه السنة فقد استطاع سبعة طلاب ان يحصلوا على هذه المنحة. وكل المنح لهذه السنة في اختصاص الطب، وقد بلغ مجموع المنح 17 وهي منح كاملة تغطي كامل سنوات التخصص لكل طالب.
اما الاهل، وكما تشير ادارة المدرسة، فعليهم ان ينصتوا الى ابنائهم، وان يراجعوا المدرسة في كل كبيرة وصغيرة ولا يستمعوا الى المعلم او المعلمة التي تحاول الحد من طموح ابنائهم، لأن المحاسبة والمتابعة اللجوجة هي التي تشعر المعلم او المعلمة ان هناك من يراقب نوعية تدرسيهم وان هناك من يحاسب على الاداء غير الجيد.
ويؤكد مصدر مطلع في مدرسة فوردسون ان زيارات الاهل الى معلمين معينين هي انجح الطرق كي لا يستهين المعلمين والمعلمات بمستوى التدريس لأن هناك فكرة عند بعض هؤلاء المعلمين ان الاهالي العرب لا يسألون كثيرا، ولا يتابعون اداءهم، وان كان ذلك كذلك فلما الكد والتعب.
Leave a Reply