ديربورن – خاص «صدى الوطن»
«بيت قديم وقد تحول الى ما يشبه الخربة، سرير مركب بطريقة خاصة ومثيرة للاستغراب موضوع على الجهة اليسرى من البيت، باب خشبي عتيق علق عليه سلسلة حديدية وكأنها حبل مشنقة، حاجيات واوراق واحذية ترتفع على شكل اكوام متفرقة تشبه القبور…» ذلك جزء من وصف المسرح الذي يدور على خشبته هذا العمل.
ومن يشاهد البروفات التي يداوم على ممارستها يوميا فريق الممثلين بقيادة المخرج الشاب ماجد احمد يندهش لتلك المواهب المتعددة والتي قد لا تتوافر بكثرة بين ابناء الجالية العربية الاميركية حيث تبتعد اهتماماتهم غالبا عن النواحي الادبية.
غير ان نص المسرحية وجوها يذكرك بكتابات محترفة لاعمال مسرحية كان لها نصيب كبير من النجاح. والقصة كلها تدور في عالم مليء بكل ما يمتلئ به الجو العراقي اليوم من خوف ورصاص وعدم يقين. تتسارع فيه الاحداث احيانا وتبطؤ احيانا اخرى لتركز وتضخّم مشاعر دقيقة عند بطلَيْ المسرحية: الرجل المغترب والشاب الذي لم يفارق ارض وطنه بعد.
تدور احداث القصة في بيت الشاب بعد ان يدخل اليه الرجل هاربا ومطاردا من اشباح الليل. والرجل لا يعرف الشاب ولا يعرف اي بيت هو دخل، كل ما يعرفه انه احتمى بذلك البيت من ملاحقة مسلحين كادوا ان يخطفوا عمره الذي حمله ورجع به الى ارض العراق كي يقضي بقيته فيه. لكن الشاب يندهش من ذلك الذي دخل عليه بيته من دون اذن ولا حتى سؤال. وللشاب قصة، ومعاناة، يفرغها في ذلك الرجل الذي لا يعرف لماذا يُعامَل من قبل الشاب بهذا الشكل. يسأله بلهجة عراقية «شنو جابك الى بيتي» ويوجه اليه مسدسه «لا تتحرك.. انت جاي للموت بنفسك». ولا يعرف الرجل كيف وجد نفسه امام الموت وهو هارب منه فيصرخ «ارجوك.. اسمعني.. انت ما تعرفني»… «سلوكك غير طبيعي.. ومشكوك بأمرك.. والشارع يطاردك.. انت وراك سر خطير»… «لا عندي سر ولا عندي شر.. انا ماشي بطريقي.. كنت اسأل على عنواني القديم.. ظهروا امامي فجأة.. فهربت.. ولقيت نفسي في بيتك…».
وتدور احداث المسرحية وتتفاعل بطريقة تحبس لها الانفاس، فالشاب يريد ان يعلم من ذلك الذي دخل عليه على حين فجأة والرجل يريد ان يعرف لما كل هذا اللؤم في قلب الشاب.. غير ان تتابع القصة يظهر للمشاهد الكثير الكثير من جماليات حبك القصة وتمثيل الادوار.
كتب القصة واخرجها ماجد احمد، وهو احد اعضاء هذه الفرقة المسرحية التي تعددت اعمالها حتى وصلت الى ستة خلال سنة واحدة كتبها واخرجها جميعا احمد. يمثل دور البطولة اسعد غالب في دور الرجل، وحسام علي في دور الشاب. الى جانب الممثلين: محاسن الخطيب في دور ذكرى، حسن سفاح في دور العاشق، امير المشكور. صمم ديكور المسرحية الفنان العراقي علي الطائي الذي حضر خصيصا من ولاية اريزونا لهذا الغرض.
ويقول الفنان امير المشكور وهو مدير الفرقة ايضا ان «تجربة الفرقة ناجحة وفيها طاقات فنية هائلة ونحن نشجع ابناء الجالية العربية من كل الاعمار والاجناس ممن يرون عندهم مواهب تمثيلية ان يشاركونا في هذه الاعمال التي نقدمها.. فهي في النتيجة حركة فنية تقدم قضايانا الى الجمهور العربي بشكل فني راقي فالفن اليوم هو اسرع واقرب طريق الى نشر الافكار ورفع القضايا الوطنية الى الناس».
اما المخرج ماجد احمد فيرى ان المسرحية تمثل معاناة الذاكرة «المرتكزة على الحرمان.. الحرمان من الوطن والعيش الآمن والحرمان من الاستقرار وحضن الاهل.. فهذا الرجل في المسرحية يمثل ذلك المغترب الذي ما ان حاول ان يعود الى حيث ولد ونشأ حتى وجد من يطارده ويحول رحلة عودته التي من المفترض ان تكون رحلة امان الى مشوار محفوف بالمخاطر.. من قبل اشباح الليل».
تعرض المسرحية على مسرح مكتبة فورد في الايام 26 و27 من الشهر الجاري، الساعة السابعة مساء..
Leave a Reply