الولايات المتحدة وإسرائيل كلاهما يقرع طبول الحرب على مقربة من شواطئ الخليج الدافئة، إستعدادا لشن هجوم جوي على إيران لتدمير منشآتها النووية وتعطيل نواياها في إنتاج أسلحة دمار شامل، يمكن أن تشطب مستقبلا إسرائيل من الخريطة، بحسب تصريحات متقادمة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد، قالها في معرض تصديه لتهديدات بغزو إيران أو ضربها، مقولة أعادت إنتاجها دوائر الأمن الصهيونية مؤخرا، لتعيدها من حيث أتت، إذ صرح وزير البنى التحتية الإسرائيلي الأسبوع الماضي بأن بلاده قد تضطر لشطب إيران عن الخارطة إذا ما هوجمت المدن الإسرائيلية بصواريخ بعيدة المدى إيرانية.
إلى هذا المدى تظل التهديدات والتهديدات المضادة كلاما في كلام، لكن الثابت أن الدولة العبرية أجرت خلال الشهر الماضي مناورات ضخمة شاركت فيها أكثر من مائة طائرة من طراز أف 16 وأف 15 استعرضت خلالها قدرتها على الإغارة على مواقع بعيدة المدى، والتزود بالوقود جوا، والتقاط طيارين قد تسقط طائراتهم في أرض العدو بقذائف مضادة أو أثناء الإشتباك في الجو. المراقبون فسروا الأهداف المرصودة على أنها منشآت نووية إيرانية، وبأن طائرات سلاح الجو الإسرائيلي ربما تضطر لقطع مسافات طويلة عبر مضيق باب المندب للوصول إلى أهدافها، إذا ما رفضت دول عربية السماح لها بالمرور في أجوائها.
تزامن هذا مع رسو حاملة الطائرات الأميركية «ابراهام لنكولن» قبالة السواحل الإيرانية، وهي الحاملة نفسها التي شاركت قبل بضع سنوات في قصف المدن العراقية تمهيدا لإحتلالها ودخول الجيش الأميركي العاصمة بغداد.
مشاهد عسكرية ليست بالضرورة أن تترجم إلى واقع ملموس لولا أن ترافقت مع مقابلة أجرتها صحيفة أميركية كبرى «نيويورك تايمز» مؤخرا مع جون بولتون سفير الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة وواحد من المحافظين الجدد المقربين جدا من الرئيس جورج بوش، تنبأ فيها عن موعد الهجوم الجوي الأميركي على إيران، وهو الفترة الفاصلة بين إنتخاب رئيس أميركي جديد في 51 تشرين الثاني (نوفمبر) والأول من شهر كانون الثاني (يناير) موعد تسلم هذا الرئيس عمليا لمهام منصبه.
حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت صدر عنها كذلك إشارات سياسية تفيد بقرب إحتمال توجيه ضربة لإيران، كونها أبرمت صفقة لتبادل الأسرى مع حزب الله، وهدنة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، وتعهدا لسوريا ببدء مفاوضات معها والإنسحاب من الجولان، كل ذلك في سبيل تعطيل وسائل مؤثرة يمكن لإيران إستخدامها في حال وجهت إليها ضربة إسرائيلية أو أميركية أو واحدة مشتركة، لكن إسرائيل في ذلك مخطئة فالتحالف القائم بين هذه الأطراف وإيران تحالف إستراتيجي متين، لن تلغيه صفقة من هنا وهدنة من هناك، وقد قالها رئيس هيئة الطاقة الذرية في الأمم المتحدة محمد البرادعي، بأن أي ضربة لإيران ستحيل منطقة الشرق الأوسط كاملة الى كرة من اللهب، فإيران تمتلك من القدرات ما تلحق به أذى هائلا ضد أعدائها من الأميركيين والإسرائيليين والأعراب المتحالفين معهم، وهي ان تم مهاجمتها فستغلق مضيق هرمز الذي يمر من خلاله كم كبير من النفط إلى العالم الغربي وحينها يرتفع سعر البرميل إلى عدة مئات من الدولارات، وهذا ما هدد به قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري في مقابلة تلفزيونية.
الأميركيون في العراق سيدفعوا ثمن مهاجمة بلادهم لإيران، وستحترق الأرض من تحت أقدامهم بفعل ما لإيران من نفوذ في بلاد الرافدين، يكفي لذلك أن ينقلب جيش المهدي وعديده ستين ألفا على الأميركيين وينفذ ضدهم هجمات ويفتح معهم معارك ضارية، أما دول الخليج العربية المحتضنة لقواعد عسكرية أميركية على اراضيها، فسينالها من الصواريخ الإيرانية ما يفيق شعوبها، إذ يبدو أن تلك الشعوب نائمة في العسل على صدى مئات المليارات التي تغدق على خزائن حكامهم.
ويبقى سؤال كبير، برغم ذلك هل تهاجم أميركا وإسرائيل الجمهورية الإسلامية في إيران؟ والجواب نعم، إذ يمكن للدولتين أن تخاطرا بحياة عدة آلاف من جنودها ومواطنيها، ويمكن لها أن تحتمل خسارة أعتدة وذخائر عسكرية بعشرات المليارات، وأن تقفا في وجه شعوبها وأمام العالم، في سبيل هدف في نظرها كبير، وهو تدمير المنشآت النووية الإيرانية، لما تحمله – في وجهة نظرهم – من أخطار على السلام والأمن الدوليين!
Leave a Reply