الرئيس سليمان يرفض اخراجه عن موقعه وعقيدته القتالية
نصرالله حذر من تحضيره لوضعه فـي مواجهة المقاومة
في الوقت الذي يتطلع اللبنانيون الى تشكيل الحكومة الجديدة، فان الادارة الاميركية تتطلع الى اعادة بناء الجيش وتسليحه، وكذلك تأهيل الاجهزة الامنية، وان الخلاف الذي سيظهر داخل الحكومة، سيكون اضافة الى عناوين البيان الوزاري، حول مسألة تكوين القوى العسكرية والامنية، لان الاطراف اللبنانية تنظر الى هذه المسألة من زاويتين مختلفتين.
فالفريق الحاكم كان يعمل خلال السنوات الثلاث التي اعقبت الخروج السوري من لبنان، الى تطهير المؤسسات العسكرية والامنية، من الذين كان يسميهم ادوات النظام الامني اللبناني-السوري المشترك، وقد جرت عملية اجتثثاث للضباط الموالين او الذين كانوا على تواصل مع المخابرات السورية في لبنان، ومنهم من كان يعمل من موقعه المهني، وليس لإرتباطه السياسي، اضافة الى ان من تعاون مع الجيش السوري وجهازه الامني، فانما كان يقوم بمهامه مع جيش شرعي بإعتراف كل الحكومات التي تعاقبت منذ قبل اتفاق الطائف وبعده.
وهذه العملية الجراحية، لم تنجح، لان قائد الجيش العماد ميشال سليمان لم يتجاوب مع مطالب الفريق الحاكم، الذي كان يسعى الى وضع يده على المؤسسة العسكرية وتغيير عقيدتها، وقد تنبهت لذلك المقاومة التي حذرت من المس بهذه المؤسسة الوطنية، ومنعت من تحقيق اهداف قوى 14شباط، التي ارتبطت بالمشروع الاميركي كما تتهمها المعارضة التي تؤكد ان الادارة الاميركية حاولت ان تأخذ الجيش من موقعه الذي رسم له بعد اتفاق الطائف، ومن خلال ممارسته، كداعم ومؤيد للمقاومة، الى جيش يقف ضدها، وهو ما رفضه العماد سليمان، حيث دفع الجيش عشرات الشهداء في اثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان صيف 2006.
وكان المطلوب للجيش اميركياً، ان يتم تسليحه، ليقف بوجه المقاومة، ويعمل على نزع سلاحها ومحاصرة حركتها، وتحجيم دورها، والغاء قوتها العسكرية ودورها الامني، بإزالة ما يدعيه حلفاء اميركا في لبنان «المربعات الامنية» وشبكة الاتصالات، ومراقبة المطار والمرافئ، واستقدام السلاح من خارج الشرعية اللبنانية.
كل هذه الاتهامات التي يجري ترويجها ضد المقاومة، تخدم اسرائيل ومشروعها التوسعي في المنطقة ومنها لبنان التي لها اطماع فيه، من مياهه الى ارضه ودوره، وقد وقفت المقاومة في كل مكوناتها السياسية والحزبية ضد هذا المشروع ومنعت من تحقيقه، وهزمته عسكرياً وسياسياً وامنياً، فلم يتمكن هذا المشروع من ان يوصل عملاءه الى الحكم، من خلال احتلاله للبنان، وعندما بدأت المقاومة تواجه قوات الاحتلال الاسرائيلي، سقط الحكم الذي اقامه العدو الاسرائيلي وبدأ تراجع المشروع الاسرائيلي الى ان انهزم في عام 2000، ثم في العام 2006.
انهزام المشروع الاسرائيلي، دفع بالادارة الاميركية الى ان تتوجه الى الداخل اللبناني، من اجل ان تعيد احياءه عبر سلطة سياسية لها قوة عسكرية وامنية تستند اليها، اي محاولة اعادة انتاج ما حصل بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، وهذا ما حاولت ان تقيمه بعد خروج «القوات السورية» من لبنان وما سمي بـ«ثورة الارز»، التي اخذت على عاتقها تطبيق القرار 1559، ونزع سلاح المقاومة، فعندما فشلت في نزعه عبرالحوار، ومن ثم في العدوان الاسرائيلي، فان الخطة الجديدة ستكون عبر القوى العسكرية والامنية اللبنانية، وقد وضعت وزارة الدفاع الاميركية برنامجاً للمساعدات الجيش اللبناني، وقد اقر الكونغرس الاميركي لتجهيزه مبلغ 281 مليون دولار اميركي، وكذلك اقر مبلغ 50 مليون دولار اميركي لقوى الامن الداخلي.
هذه المساعدات جرى التنسيق مع وزير الدفاع الياس المر حولها، لا سيما بعد احداث مخيم نهر البارد، والصمود الذي اظهره الجيش اللبناني بوجه العصابات المسلحة، التي اتخذت اسم «فتح الاسلام»، وضمت عناصر اسلامية اصولية من دول مختلفة عربية واجنبية، ومن ثم نجاحه في القضاء على هذه العصابات، لكن الجيش واجه نقصاً في التجهيز مما ابطأ عملياته العسكرية والحسم السريع وامتدت المعارك ثلاثة اشهر سقط للجيش فيها حوالي 175 شهيدا وعشرات الجرحى، وهو ما دفع بالولايات المتحدة الاميركية، الى دراسة النقص الذي يواجه الجيش اللبناني، لا سيما في المروحيات المقاتلة المجهزة بقواعد لاطلاق صواريخ، والدبابات، وهذا السلاح يستخدم للداخل اكثر منه لمواجهة العدو الاسرائيلي، حيث حاجة لبنان الى طائرات حربية مقاتلة، والى صواريخ ارض جو لمواجهة غارات الطيران الاسرائيلي، وهذه نقطة ضعف للبنان، ظهرت في عدوان تموز الاخير وفي اعتداءات سابقة، وكان لبنان منذ الستينات يطالب بأن تكون لديه شبكة صواريخ لصد الغارات الاسرائيلية، اضافة الى اقامة مواقع للرادارات لكشف الطائرات المغيرة.
فتسليح الجيش من قبل الادارة الاميركية، بدأ يطرح اسئلة عن الدور الذي يريدونه له، ويتبين من خلال نوعية السلاح المطروح والمساعدة المقدمة، انه يجري اعداد الجيش لدور داخلي اولاً، ضد المقاومة، ثم لمواجهة الحركات الاصولية ضمن الحرب على «الارهاب»، كما تدعي اميركا، التي كانت ترغب ان تقوم حكومة فؤاد السنيورة بذلك لكن لم تتمكن بسبب موازين القوى الداخلية التي تقف ضد هذا التوجه، حيث يخشى انقسام الجيش وانفراطه ، في حال اصطدم بالمقاومة.
لذلك توجهت الادارة الاميركية الى تجهيز قوى الامن الداخلي، وفرع المعلومات فيها، لان هذه المؤسسة تخضع لقوى 14 شباط، لكن لم يحصل ما تريده لان التوازنات السياسية، لا يمكنها ان تسمح لفريق ان يأخذ مؤسسة امنية في اتجاه يخالف طبيعة التكوين السياسي والطائفي للبنان.
وبعد انتخاب العماد ميشال سليمان، تحاول الادارة الاميركية عبر الوزير الياس المر الذي يقال انه فتح طريق سليمان الى القصر الجمهوري، بعد ان امّن له التأييد الاميركي، الذي كان يضع «فيتو» على اسمه، لانه متهم منذ كان قائدا للجيش بأنه مع المقاومة وسوريا، فسقط الاعتراض الاميركي، وهذا ما وضع علامات استفهام حول تمسك سليمان بالمر وزيراً للدفاع واصرار اميركي عليه، حيث تم ربط ذلك بالدور الذي يقوم به المر مع الادارة الاميركية لتسليح الجيش وقد وضعت المعارضة «فيتو» على اسم المر لوزارة الدفاع، خشية ان يكون ثمة صفقة تمت تتعلق بدور مستقبلي للمؤسسة العسكرية في الداخل اللبناني وتحديدا ضد المقاومة، وهذا ما ترك الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله يحذر من وضع الجيش في مواجهة المقاومة، وقد وصلت الرسالة الى من يعمل بهذا الاتجاه، ان لا يخطئ في حرف الجيش عن المهام التي كان فيها خلال السنوات الماضية، وادخاله في الصراع الداخلي، حيث ينهار فوراً، وهذا ما تلمسه الرئيس اميل لحود عندما كان قائداً للجيش ولم يقبل زج الجيش ضد المقاومة، كما لم يوافق العماد ميشال سليمان وضع الجيش بمواجهة المعارضة عندما كانت في 14 آذار، او عندما اصبحت في 8 آذار.
وتتوقع اوساط سياسية، ان العماد سليمان من موقعه في رئاسة الجمهورية لن يغير موقفه، وسيصدم الادارة الاميركية ويفشل مخططها.
Leave a Reply