فـي ظل الضعف الإقتصادي وإرتفاع أسعار الوقود
والإنكفاء عن شراء السيارات الفاخرة
ديترويت – خاص «صدى الوطن»
تواجه صناعة السيارات في الولايات المتحدة تحديات ربما تكون الأكثر خطورة في تاريخها، من واقع آخر تقرير شهري، عن جملة المبيعات، صدر الثلاثاء قبل الماضي، جاء فيه أن ديترويت واجهت صعوبات جمة قبل أن يصل سعر غالون البنزين إلى 4 دولارات في محطات الوقود، لكن الأمور ازدادت سوءاً خلال الشهرين الماضيين للشركات الثلاثة الكبرى: «جنرال موتورز»، «فورد» و«كرايسلر»، وربما تشهد الأيام القادمة تراجعا كبيرا لواحدة منها لتصبح شركتان كبيرتان بدلا من ثلاث، وهاتان ستجدان أياما صعبة خلال القادم من الشهور.
لا يبدو في الأفق إقتراب واحدة من الشركات الثلاثة نحو الإفلاس، لكن إحتياطياتها من المال تحترق وبسرعة، وبرغم مساعدات حكومية تتلقاها هذه الشركات، قد يكون من بينها خطة لدعم الطاقة المستخدمة في تكنولوجيات جديدة في صناعة السيارات، إلا أن ذلك لا يعدّ بديلا عن تغييرات صعبة لا بد لهذه الشركات إتخاذها في خطوط الإنتاج.
يقول محلل في صناعة السيارات من مؤسسة «ستاندرد أند بور» في نيويورك غريغ ليموس ستين «إن معدل السيولة النقدية لدى الشركات الثلاثة في وضع خطر». بعد أن وضعت هذه الشركات على قائمة المراقبة لإحتساب مدى الخطورة على سجلها الإئتماني، حيث وجد أن نقاط سجلّها لم تكن أقل مما هي عليه الآن بحسب معيار «بي» المعتمد لدى مؤسسة «أي آند بي» المتخصصة في مراقبة السجلات الإئتمانية للشركات، فمعدلات الإستدانة في هذه الشركات أصبح في وضع سيء، لكن الأخبار الجيدة أن هذه الشركات بعيدة عن إشهار إفلاسها أو أن ديونها متعثرة، أضاف ستين «إن الشركات الثلاثة تعاني من نقص في الأموال السائلة». وكون هذه الشركات وضعت تحت المراقبة الإئتمانية منذ 20 حزيران (يونيو) فهذا يشير إلى أنها في طريقها إلى التدهور.
أشار المحللون من مؤسسة «أس آند بي» في تقريرهم إلى أن الشركات الثلاثة لديها ما يكفي من السيولة حتى نهاية عام 2008 من واقع ما هو متوفر لديها من المال النقدي والتسهيلات البنكية والموجودات التي يمكن تسييلها بواسطة البيع، أضاف المحللون «إن أزمة السيولة النقدية يمكن أن تصل إلى مستويات سيئة جدا بحلول النصف الثاني من العام القادم».
كانت هذه الشركات الثلاثة تعرضت لأزمة مشابهة خلال أول الثمانينات بسبب إرتفاع حاد طرأ على أسعار الوقود أدى إلى تحوّل في أنماط المستهلكين الشرائية وتوجهوا حينها للسيارات الصغيرة، صحب ذلك ركود في المبيعات. حينها أقدمت الحكومة الفدرالية على منح شركة «كرايسلر» قرضا بنسبة فائدة منخفضة، أدى إلى فتح الشركة لخط إنتاج لسيارات «ميني فان» العائلية التي راجت في الأسواق، نجم عن ذلك تعافي الشركة من أزماتها.
الآن تواجه هذه الشركات ركودا في المبيعات وتحولا من المستهلكين عن شراء السيارات الرياضية والشاحنات ذات الدفع الرباعي، ليصبح نصيب هذه الشركات في هذا الوقت أقل مقارنة بحصص شركات السيارات الأخرى في السوق الأميركية.
ويتوقع بيتر موريسي من جامعة ميريلاند وهو خبير يتابع صناعة السيارات في أميركا، بأن تخرج «فورد» أو «كرايسلر» من السوق، مضيفا أن سيارات «ميني فان» لم تعد هي الحل، ولم يعد الحل في صناعة سيارات أصغر.
شركة «جنرال موتورز» تتفوق على الشركتين الآخرتين في أنها الأضخم، وتنتج أنماطا متعددة من السيارات ولديها مبيعات عالمية، لكن مشكلتها في إنخفاض سعر أسهمها، فالحامل لهذه الأسهم منذ أوائل الخمسينات يواجه الآن خسارة كبيرة في قيمتها جراء المعدلات العالمية في التضخم.
إنخفاض حاد فـي المبيعات
شهدت «جنرال موتورز» إنخفاضا في مبيعات سياراتها خلال النصف الأول من هذا العام بلغ 17 بالمئة مقارنة بنظيره من العام الماضي، فورد 14 بالمئة بنفس المعيار و28 بالمئة في حزيران مقارنة بحزيران العام 2007، فقد أدى ضعف الإقتصاد وإرتفاع أسعار الوقود إلى تأجيل الناس لمشترياتهم الكبرى، وكانت الشركات الثلاثة ونتيجة للمنافسة الشديدة أغلقت بعض مصانعها وطردت أعدادا من العاملين فيها وخفضت إنتاجها، وتعّد الأجور العالية واحدة من مشكلة هذه الشركات إضافة إلى مواكبتها لأسعار الوقود المتنامية منذ سنوات عدة. إلى ذلك يعتقد كبار المسؤولين في هذه الشركات في ديترويت أن أسعار الوقود المرتفعة لن تخفض ثانية.
تتجه هذه الشركات إلى سلة من الحلول تتضمن حصول «فورد» على خط إئتمان يصل إلى 2 مليار دولار، في حين يسعى آخرون إلى بيع أصول، كما أن الحكومة الفدرالية ربما تدعم هذا القطاع ولو بأسلوب غير مباشر.
Leave a Reply