الرئيس السوداني عمر البشير في أزمة ليس مثلها أزمة، فهو مطلوب للعدالة الدولية وطريدها اينما حل وأينما رحل، حتى لو امتنع عن الأسفار خارج بلاده، وحتى لو ظل اسيرا في قصره، بإمكان صواريخ الليزر الموجهة بدقة الوصول اليه واصطياده، وبإمكان طائرة نفاثة اقتناصه وهو في حجرة نومه. تهمته التي وجهتها له محكمة الجنايات الدولية ومقرها لاهاي تنفيذ عمليات ابادة جماعية عرقية في اقليم دار فور السوداني وراح ضحيتها بحسب مصادر غربية ربع مليون شخص يقال أن ميليشيات الجنجاويد المشكلة بأمرة البشير من قبائل عربية نفذت مجازر ضد سودانيين من اصول أفريقية على مدى سنوات ماضية، والثابت أن اصل المشكلة صراعات قبلية نشأت في الاقليم بسبب المياه والمراعي وأن الحكومة السودانية لم تستطع السيطرة عليها نظرا لضعف الجيش والأجهزة الأمنية، ترتب عليها اصطفافات عرقية ودينية لاقت من يغذيها من داخل القارة الأفريقية وخارجها، فاقتنصت الولايات المتحدة اللحظة للتدخل في السودان وتوجيه ضربة للنظام هناك واسقاطه، فهو في نظرها نظام اسلامي يمكن أن ينتج ارهابا، وهو في الوقت عينه فتح باب البلاد على مصراعيه للاستثمارات الصينية خاصة في مجال التنقيب عن النفط وانتاجه، فهي لا يروقها أن ينافسها أحد في هذا المجال، ودلالة ذلك أنها خاضت حربا على العراق لا غاية لها فيها الا السيطرة على منابع النفط.
سواء كان البشير مذنبا أم غير مذنب، وسواء استنجد بجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي ودول عدم الانحياز أو لم يستنجد، فالسودان سيتعرض لضغوط سياسية وحظر اقتصادي وسيوضع على لائحة الدول الراعية للارهاب، وكأنه لا يكفيه ما يعانيه من أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية.
لا أحد يعلم ما ستقدم عليه الخرطوم في المراحل اللاحقة و خاصة بعد أن يكتشف البشير أن العرب لن ينفعوه، فلربما يقدم على ما أقدم عليه الرئيس الليبي معمر القذافي حين سلم إثنين من مواطنيه لمحكمة بريطانية كانا متهمين باسقاط طائرة لوكربي، وبعدها اعترف طوعا بامتلاكه مشاريع لانتاج اسلحة دمار شامل وقام بتدميرها، مباشرة عقب القبض على صدام حسين في الحفرة، نفسه القذافي حذر زعماء الأمة في مؤتمر القمة الاخير بدمشق من مغبة ملاقاتهم لمصير صدام وهو الذي كان يوما صديقا حميما لأميركا خلال الحرب العراقية-الايرانية.
البشير ان فعل هذا واستسلم للادارة الاميركية لن يلومه أحد، فهو ليس في موقف كموقف الرئيس السوري بشار الاسد فهو الآخر سييقت له اتهاما ت بدعم الارهاب في العراق وفلسطين ولبنان، وكان يمكن لمحكمة الجنايات الدولية أن تفصّل له تهمه يرتديها، مثله في ذلك مثل السيد حسن نصر الله وكذا الرئيس الايراني أحمدي نجاد، لكن المحكمة ومن هم وراءها يدركون أن المساس بشخصيات كهذة «تلكفهم ثمنا باهظا»، اقله آلاف الصواريخ تهطل على المدن الاسرائيلية ونار تتقد تحت اقدام الجنود الأميركيين في العراق، وتعثر في امدادات النفط في العالم، وعمليات استشهادية ضد المصالح الغربية اينما تكون، فمن «اين للبشير متاريس كهذة تحميه من غدر الزمان»؟
وليعلم قادة وزعماء في المنطقة أن دورهم آت لا محالة..
Leave a Reply