دنفر – رشح مؤتمر الحزب الديمقراطي الأميركي الذي انعقد في دنفر بولاية كولورادو على مدى ثلاثة أيام رسميا باراك أوباما لمنصب رئيس الولايات المتحدة، وجوزيف بايدن لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وبذلك يصبح أوباما (47 عاما) سيناتور إيلينوي أول أميركي أسود يختاره حزب رئيسي في أميركا مرشحا له في انتخابات الرئاسة.
وفي اليوم الرابع توج أوباما تنصيبه مرشحا بخطاب جماهيري كبير قال فيه للأميركيين إنهم يواجهون لحظة تاريخية فريدة وحاسمة للتغيير إلى الأفضل، محذرا من اختيار منافسه الجمهوري جون ماكين. وقال إن الوقت حان للتغيير في الولايات المتحدة «بعد ثماني سنوات من أخطاء الرئيس الأميركي جورج بوش».
وحذر أوباما عشرات الملايين الذي تابعوا خطابه داخل أميركا وخارجها في ختام مؤتمر الحزب من انتخاب منافسه الجمهوري جون ماكين، وقال إن ذلك يعني استمرارا لثماني سنوات من الهزيمة.
وقال «بوصفي قائدا (للجيوش) لن أتردد أبدا في الدفاع عن هذا البلد، ولكن سأرسل جنودنا للمخاطرة بحياتهم فقط من أجل مهمة واضحة وبالتزام مقدس بأن تكون معهم جميع التجهيزات الضرورية للقتال وأن يحصلوا على إسعافات ومساعدات يستحقونها بعد عودتهم». وأضاف أول مرشح أسود في تاريخ الرئاسة الأميركية «إننا نجتمع في واحدة من تلك اللحظات الحاسمة، فأمتنا فى حالة حرب، واقتصادنا في حالة كبيرة من الاضطراب، والحلم الأميركي قد هدد مرة أخرى».
وتحدث أوباما عن القضايا التي تمس حياة الأميركيين العاديين من الضمان الاجتماعي والصحي إلى فرص العمل، وأشار إلى أن المزيد من العمال الأميركيين باتوا بدون عمل أو يعملون أكثر مقابل أجر أقل، كما فقد الكثيرون منازلهم، فضلا عن عدم قدرة الكثيرين على تسديد فواتير بطاقاتهم الائتمانية ومصاريف التعليم الجامعي.
وسبق أوباما كلمات قياديين في الحزب، منهم المرشح الديمقراطي السابق آل غور الذي دعا الناخبين إلى وضع حد للقيادة الجمهورية ومنعها من إنتاج نفسها للاحتفاظ بالبيت الأبيض وقال إن انتخاب أوباما هو الحل لذلك.
وقد أتت كلمة أوباما بعد ساعات من ترشيحه رسميا باسم الحزب الديمقراطي، كما صادق الحزب على اختيار السيناتور جوزيف بايدن مرشحا لمنصب نائب الرئيس.
من جهته أشاد بايدن (65 عاما) بالمرشح الرئاسي أوباما قائلا إنه زعيم حكيم سيقود أميركا في مسار جديد وينتشلها من حرب العراق.
وقال بايدن صاحب الخبرة الطويلة الذي يشغل مقعدا في الكونغرس على مدى 35 عاما، خلال المؤتمر «نعم أنا أقبل اختياركم لي للترشح والعمل مع باراك أوباما الرئيس القادم للولايات المتحدة». وقد جرى ترشيح بايدن رسميا من خلال اقتراع بالهتاف والتهليل أثناء المؤتمر. ومن المقرر أن يواجه الرجلان المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري جون ماكين الذي لم يعلن بعد اسم مرشحه لمنصب نائب الرئيس في انتخابات الرئاسة التي ستجرى في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ويعقد الحزب الجمهوري مؤتمره الذي سيشهد ترشيح ماكين رسميا الأسبوع المقبل في ولاية مينيسوتا.
وفي مسعى لإظهار وقوف الحزب خلف مرشح واحد في قاعة المؤتمر طالبت السيناتور عن ولاية نيويورك هيلاري كلينتون -منافسة أوباما السابقة على الترشيح- بوقف تعداد أصوات الولايات والموافقة على ترشيح أوباما بالهتاف والتهليل.
وقالت كلينتون وسط صيحات صاخبة بالموافقة ضجت بها القاعة المكتظة «ونحن نضع المستقبل نصب أعيننا وبروح الوحدة وبهدف تحقيق النصر وبالإيمان بحزبنا وبلدنا فلنعلن معا في صوت واحد هنا والآن أن باراك أوباما هو مرشحنا وسيكون رئيسنا».
وأضافت قائلة «أتقدم باقتراح رسمي بأن يختار المؤتمر سيناتور إيلينوي باراك أوباما بالهتاف ليكون مرشح الحزب الديمقراطي»، وهو طلب قبلته نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب التي ترأس مؤتمر الحزب ثم أعلنت الأخيرة أن أوباما قبل الترشيح.
كما اختار الحزب رسميا السيناتور جوزيف بايدن مرشحا لنائب الرئيس.
وبدأ المندوبون بالرقص على أنغام أغنية «قطار الحب» ابتهاجا بهذه اللحظة التي وضعت ترشيح أوباما (47 عاما) على سكة منافسه المرشح الجمهوري جون ماكين في الانتخابات المقررة في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وألقى الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون لاحقا كلمة عبر فيها عن دعمه لأوباما ومرشحه لمنصب نائب الرئيس جوزيف بايدن. وقال إن العمل الذي سيقوم به الرئيس المقبل هو بناء الحلم الأميركي واستعادة زعامة أميركا في العالم. وقال إن أوباما «يملك الكفاءة لقيادة الولايات المتحدة وسيجعل الدبلوماسية خياره الأول واستخدام القوة خياره الأخير».
يشار إلى أن أوباما وبايدن سيبدآن بعد انفضاض أعمال مؤتمر الحزب جولة مشتركة مع زوجتيهما برا في بعض الولايات الرئيسة الأميركية تمهيدا للانتخابات الرئاسية.
لقطات وكلمات
شكل المؤتمر العام للحزب الديمقراطي حدثا كبيرا وصاخبا حظي بتغطية أعلامية كبيرة شكلت دافعا قويا لحملة أوباما-بايدن الانتخابية وبدا الحزب الديموقراطي أكثر وحدة.
وقد نفى مقربون من باراك اوباما وهيلاري كلينتون في اليوم الأول من المؤتمر وجود اي خلاف بين المتنافسين السابقين. وأدان مستشاران لسيناتور ايلينوي وسيناتور نيويورك، مقالة نشرها موقع صحيفة «بوليتيكو» اشارت الى تراشق حاد بين الفريقين قبل الكلمة التي القاها الرئيس السابق بيل كلينتون.
وطلبت هيلاري كلينتون بالفعل من انصارها ذوي الاصول اللاتينية، التصويت لباراك اوباما. وقالت خلال اجتماع لنواب من اصول لاتينية «ادعوكم انتم الذين دعمتموني والذين اشعر لكم بالامتنان الى الابد، ان تعملوا بجد لصالح باراك اوباما كما فعلتم من اجلي خلال الانتخابات التمهيدية». كما حثت ناخبيها خلال اجتماع مع مندوبي نيويورك في دنفر، على التصويت لاوباما، مكررة «لا نريد اربع سنوات اخرى من حكم جورج بوش».
والقت هيلاري كلينتون الثلاثاء، خطابا امام مؤتمر الحزب الديموقراطي العام في دنفر، حثت فيه مناصريها على دعم باراك اوباما. وكان المؤتمر الديموقراطي العام افتتح بخطاب لميشال، زوجة اوباما، حثت فيه الاميركيين على الوحدة، وسعت من خلاله لالقاء مزيد من الضوء على حياتها وحياة زوجها.
وفي خطاب هو ربما الافضل لها في تاريخها السياسي، فتحت هيلاري كلينتون الباب لباراك اوباما الى قلوب جيش من مناصريها داخل «بيبسي سنتر» في دنفر، لتقول «معركتنا التمهيدية انتهت ومرشحنا الديموقراطي هو افضل الممكن».
قالت «يشرفني ان اكون هنا الليلة.. مؤيدة فخورة لباراك اوباما.. حان وقت استرجاع البلد الذي نحب». وتابعت هيلاري التي كانت ترتدي زيا برتقاليا «سواء صوتم لي او لباراك، الوقت حان اليوم لنتحد كحزب واحد بغاية واحدة. نحن في الفريق ذاته ولا احد منا قادر على الجلوس على الخطوط الجانبية»، في اشارة ضمنية الى انها لن تكون قوة هامشية في المرحلة المقبلة.
وشكرت السيدة الاولى سابقا مناصريها بالقول «لم تتنازلوا. لم تستسلموا. وصنعنا التاريخ سويا». واضافت «لم تعملوا بجد خلال الثمانية عشر شهرا الاخيرة وتتحملوا الاعوام الثمانية الماضية لتعانوا من قيادة فاشلة اضافية.. قطعا لا.. ليس (الجمهوري جون) ماكين.. باراك اوباما هو مرشحي ويجب ان يكون رئيسنا».
عيون ميشال اوباما كانت قلقة داخل القاعة لانها تدرك اهمية اللحظة لفرص فوز زوجها. والسيناتور جوزيف بايدن، كان يترقب كل كلمة لانه يدرك انها كانت تريد منصبه.
تحدثت هيلاري عن حملتها ومعانيها، لكنها لم تذكر المواجهة مع اوباما في الانتخابات التمهيدية. ودعت الى «استعادة موقع اميركا في العالم وانهاء الحرب في العراق.. وللانضمام الى حلفائنا لمواجهة تحدياتنا المشتركة من الفقر الى الابادة الجماعية ومن الارهاب الى الاحتباس الحراري»، وتابعت «لهذه الاسباب ترشحت الى الرئاسة. لهذه الاسباب اؤيد باراك اوباما». واضافت «باراك اوباما سينهي الحرب في العراق بمسؤولية ويعيد جنودنا الى بلدهم ـ خطوة اولى لاصلاح تحالفاتنا حول العالم».
وحاولت هيلاري في كلمتها، ان تبرهن انها كانت الافضل لتتولى منصب الرئيس، فاشادت بسياسات اوباما قائلة انه «افضل الممكن امام مساوئ الجمهوريين»، لكنها لم تسلط الضوء على مواصفاته القيادية. وقد نوهت بميشال اوباما، معتبرة «انها ستكون سيدة اولى عظيمة«. اما كلماتها حول بايدن فكانت مختصرة ولا لبس فيها «براغماتي وقاس وحكيم». وعن المرشح الجمهوري »جون ماكين زميلي وصديقي.. لكننا لا نريد حربا اكثر ودبلوماسية اقل».
ووصف اوباما خطاب هيلاري بانه «رائع» من اجل وحدة الحزب، فيما ذكرت حملة ماكين بعد الخطاب »أدارت السيناتور كلينتون حملتها الرئاسية موضحة ان باراك اوباما ليس مستعدا ليكون قائدا اعلى للقوات المسلحة. ليس في مكان الليلة غيرت هذا التقييم.. رغم انها قالت ان باراك اوباما جاهز ليقود».
والى جانب بيل كلينتون وجوزف بايدن، تحدث في اليوم الثالث من المؤتمر، السيناتور السابق وابرز اعضاء حملة اوباما توم داشل، وحاكم نيومكسيكو بيل ريتشاردسون، والسيناتور جون كيري، وغيرهم.
وذكر بيل كلينتون لمقربين منه قبيل خطابه انه لا يحتاج الى مساعدة احد لتحضير كلمته امام المؤتمر قائلا «سأفعل ما يريده باراك اوباما»، فيما اكد سيناتور ايلينوي ان بوسع الرئيس السابق ان يتحدث عما يشاء ولن يطلب منه التحدث عن اي جانب من حملته.
وجلس الرئيس الاسبق جيمي كارتر الى جانب بايدن وميشال اوباما، بينما كان بيل كلينتون في المكان المخصص للمقربين من هيلاري حيث صفق له المندوبون عند دخوله.
Leave a Reply