فضل الديموقراطي باراك اوباما الخبرة على الوجه الجديد باختياره جوزيف بايدن لخوض انتخابات الرئاسة معه كنائب له، آملا ان يوسع ذلك من دائرة مؤيديه باختيار براغماتي يعوض اكبر نقاط ضعفه ويلمح لموقف اكثر تشددا تجاه منافسه الجمهوري جون ماكين.
وعند اختيار نائب الرئيس، تخطى اوباما، الذي نال ترشيح حزبه بدعوته للتغيير واتجاه جديد للحكم، مرشحين اصغر سنا من خارج دوائر الحكم مثل حاكم فرجينيا تيم كين او حاكمة كنساس كاثلين سيبليوس، ومرشحين أكثر اعتدالا مثل سيناتور انديانا إيفان باي، مما اعتبره مراقبون تفضيل المرشح الاسود اعطاء مزيد من الثقل السياسي على حساب المساعدة الجغرافية. كما تخطى منافسته السابقة هيلاري كلينتون، علما انه كان من شأن اختيارها توحيد الحزب، لكنه قد يفتح الباب امام توترات لا يقوى عليها اوباما.
ويضيف بايدن (65 عاما) ثقلا في مجال السياسة الخارجية بالنسبة لقائمة الديموقراطيين في الانتخابات بقيادة اوباما الذي تلاحقه تساؤلات بشأن مدى استعداده لشغل منصب القائد الاعلى، على اعتبار ان بايدن، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، يعـــد من اقطاب الساحة السياسية الداخلـــية، ومـــن الخبراء المحـنكين في الشــؤون الدولية.
كما ان بايدن الذي يشغل عضوية مجلس الشيوخ عن ديلاور للمرة السادسة، يميل للمواجهة السياسية التي يخشى بعض الديموقراطيين من افتقار اوباما لها. ويأتي اختيار اوباما لبايدن فيما تحولت حملته للهجوم على ماكين، في وقت تظهر استطلاعات الرأي التقارب في سباق الرئاسة قبل موعد الرابع من تشرين الثاني، وفي بعض الاحيان تفوق المرشح الجمهوري على منافسه الديموقراطي.
وبايدن كاثوليكي ينتمي للطبقة العاملة وهما شريحتان يواجه اوباما صعوبة في كسب ودهما. وكان محاورا قويا في حملته الانتخابية الفاشلة هذا العام. وقد اثبت انه يتمتع بالبراعة ذاتها والتمكن في مهاجمة الجمهوريين مثلما يناقش تعقيدات السياسة في الشرق الاوسط والدخول في محادثات مع ايران والانسحاب من العراق، علما بأن بايدن أيد العمل العسكري في العراق في العام 2003 لكنه سرعان ما انتقد الحرب بشدة وعرض خطة لتقسيم العراق.
غير ان الاختيار يحمل أيضا مخاطر لاوباما. فكثير من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين، يتساءلون عما إذا كان بايدن سيجدد تاريخا طويلا من الزلات، أبرزها في بداية حملته الانتخابية في العام 2007 حين وصف اوباما بانه «مرشح اسود فصيح ونبيه ونظيف» وهي تعليقات اعتبرها البعض استعلاء عنصريا.
وقال المستشار الجمهوري كيفن مادن «عقله (بايدن) ميزة ولكن لسانه مسؤولية كبرى. حين يبدأ الاخير في مدح الأول (اوباما)، وهو امر حتمي، سيواجه الديموقراطيون مشكلة».
بايدن »الصهيوني«
ويعبر السيناتور جوزف بايدن الخبير في الشؤون الدولية، ان على واشنطن ان تركز جهودها على الحرب في أفغانستان، وعلى إنهاء وجودها العسكري في العراق. كما يعتبر بايدن، الذي يصف نفسه بـ«الصهيوني»، حليفا معلنا لإسرائيل، يدعو في الوقت ذاته إلى التحاور مباشرة مع إيران حول ملفها النووي.
وبخلاف اوباما الذي عارض الحرب في العراق، أيد بايدن قرار الغزو في العام 2003 لكنه بات منذ ذلك الوقت احد أشرس المعارضين لسياسة البيت الأبيض في العراق، معتبرا أن الولايات المتحدة كانت محقة في «تصفية» الرئيس الراحل صدام حسين، إلا أن الهجوم الأحادي الجانب يبقى «الخيار الأسوأ».
وقال بايدن، العام الماضي لمجلة «بوليتيكو» المتخصصة، «أنا نادم على تصويتي».
ورفض بايدن «تماما» زيادة عديد الجنود الأميركيين في العراق، وهو قرار اتخذه الرئيس جورج بوش وقد اقترح في أيار العام 2005 خطة لإنهاء النزاع عبر خلق ثلاث مناطق تتمتع بحكم ذاتي واسع في العراق: شيعية وسنية وكردية تظللها حكومة مركزية محدودة السلطات. وانتقد السياسيون العراقيون، على اختلاف انتماءاتهم العرقية والدينية، اوباما لاختياره بايدن بسبب خطته هذه.
وعلى غرار اوباما، يرى بايدن ان «الجبهة الفعلية للحرب على الإرهاب» ليست «العراق كما يؤكد بوش، بل الحدود بين أفغانستان وباكستان». وكتب، في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخرا، «إذا كان علينا إرسال تعزيزات إلى مكان ما، فهو أفغانستان» لان «مصير أفغانستان يرتبط مباشرة بأمن أميركا»، داعيا إلى إرسال قوات وإمكانات إضافية إلى هذا البلد.
كذلك، يأمل بايدن زيادة المساعدات المالية لباكستان، الحليفة الرئيسية للولايات المتحدة، في الحرب على «الإرهاب». وأوضح ان «الانتخابات الباكستانية الأخيرة أعطت صوتها للغالبية المعتدلة.. ولنثبت للباكستانيين أننا مهتمون بحاجاتهم، علينا زيادة مساعدتنا ثلاثة أضعاف خلال عقد.. وإلا تكون المساعدة العسكرية التي نقدمها من دون مقابل».
ومثله مثل سيناتور ايلينوي، يطالب بايدن بان توافق واشنطن «على النقاش مباشرة مع إيران، في البداية في إطار مجموعة الدول الست ثم مباشرة مثلما فعلنا مع كوريا الشمالية».
كما يعتبر بايدن حليفا معلنا لإسرائيل. وقال العام الماضي في تصريح للصحافة الإسرائيلية «أنا صهيوني»، واصفا إسرائيل بأنها «أفضل قوة تملكها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط».
بايـدن «الـذي لا يقهـر»
عاش جو بايدن حياة مليئة بـ«الفرص الثانية»، واجه خلالها مصاعب هدامة في احيان، وقساوة متعبة في احيان اخرى. الا ان سيناتور ديلاور، الذي يعد أحد أبرز اقطاب الساحة السياسية الاميركية، وأحد أبرع الخبراء في الشؤون الدولية، يبدأ مع اختياره مرشحا لنائب الرئيس، حياته من جديد.
ولد بايدن في في سكرانتون، بنسلفانيا. وقد انتخب سيناتورا عن ديلاور للمرة الاولى في العام 1972 عندما كان في التاسعة والعشرين، قبل ان يصبح عضوا في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي.
في بداية مسيرته السياسية، واجه بايدن مأساة مصرع زوجته نايليا وابنته ناعومي التي كانت تبلغ من العمر 11 شهرا في حادث سير نجا منه ابناه. وهذه المأساة العائلية، بالاضافة الى اكتشافه ورما في الدماغ جعلاه اكثر صلابة. وقد تغلب بايدن على مآس عديدة، بحيث اصبح يبدو بحسب كثيرين وكأنه «لا يقهر».
ويعيش بايدن اليوم مع زوجته الثانية جيل التي انجب منها اشلي وتبلغ الآن السابعة والعشرين. ونجل بايدن الاكبر بو (33 عاما) هو حاليا وزير العدل في ديلاور. كما انه ضابط في وحدة الحرس الوطني، ومن المقرر ان يتوجه للخدمة في العراق في تشرين الاول. اما ابنه الثاني، هانتر فهو محام في واشنطن.
Leave a Reply