مددت يدي بالذل فقيراً إليك، يا خير من مُدَتْ له يدُ
فلا تردنها يا ربّ خائبة فبحرُ جودك يروي كل من يردُ
إن لشعائر الإسلام قوى روحية تهذب شخصية الإنسان وتدعوها للفضيلة وتوجهها نحو حياة إجتماعية تقوم على العدالة والفلاح. الصوم إحدى تلك الشعائر المباركة التي يمنحنا إياها الله سبحانه وتعالى. شهر واحد في العام كله، قد يمحو به عز وجل ذنوب الدهر. لكن هل من كل شهد رمضان فاز بهذه الجائزة؟ وهل الجميع أدرك وفهم معنى الصيام وإرادة الله تعالى من هذه الفريضة المباركة؟
لاشك بأن الله تبارك وعلا موجود في كل وقت. وهو ينتظرنا لنستغفره وندعوه ليساعدنا على إصلاح نفوسنا وتهذيبها والأخذ بها إلى رحمته وغفرانه في هذا الشهر الكريم، الذي يزورنا كضيف عزيز كل سنة، محملاً بهدايا إلهية، تمطرنا بها لياليه الرحمة والمغفرة والعتق من النار. شهر يمنحنا الفرصة لنستبدل صفحاتٍ سوداء في وقع حياتنا السريع بأخرى يشع نورها. لذلك فساعات شهر رمضان نادرة لا تستحق أن نضيعها في الكسل واللهو. إنها فرصة للتصالح مع الخالق وإعلان التوبة الخالصة لله عز وجل عن كل ما أسرفنا على أنفسنا. شهر رمضان فرصة مباركة للفرار من المعاصي والذنوب إلى الطاعات والحسنات.
ترى من منا رفع يديه إلى السماء حامداً شاكراً ربه لكل ما لديه من صحة ومال وعائلة؟
من منا رفع يديه معتذراً مقراً معترفاً بما اقترفته يداه ولسانه في حق الغير، سائلاً الله تعالى المغفرة والتوبة عن تلك الذنوب؟ من منا سجد لله معتذراً نادماً، ودمعت عيناه أسفاً لإبتعاده عن ربه، عن الله، تقصيراً منه في صلاة أو دعاء، وأحس بحرارة تلك الدمعة مبللة وجهه سائلاً الله تعالى أن يتقبّل منه تلك العبرات طالباً منكسراً إلى الله أن يعينه على دوام ذكره وشكره تعالى؟
من منا لديه القوة والقدرة للتصالح مع نفسه أولاً، قبل السعي والتصالح مع العباد والأصحاب، الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب بالتوبة إليه. أما ما بين الإنسان وأخيه الإنسان لا يسقط حتى يتحلف منه برد المظالم إلى أهلها والإبتعاد عن النميمة والحسد والأنانية.
من منا وجد لديه الشجاعة وحمل التلفون متصلاً بأهله وأصحابه سائلاً عنهم ومعتذراً لهم عن قلة سؤاله عنهم وضيق وقته لزيارتهم. من منا لديه النية أو حاول وصل ما انقطع من العلاقات الإجتماعية بين العائلة الواحدة وعزمه على كسر كبريائه وجبروته لفهم سلوك الآخرين بوضع نفسه مكان الشخص الذي أخطأ في حقه وحاول أن يتفهم السبب وراء تصرفه، فبادره بالمحبة والإعتذار في هذا الشهر الكريم.
دعاء
اللهم يا عالم الخفيات، يا راحم العبرات، يا مجيب الدعوات، يا خالق الأراضين والسموات. يا من لا تتشابه عليه الأصوات، يا من تفعل بقدرتك ما تشاء. يا من تحكم بعزتك ما تشاء، يا منزل التوراة والإنجيل والقرآن، يا خالق الكون الإنسان، إرحم بني الإنسان، أنعم على الكون بنعمة السلام يا رب يا رحمن، منا لك الحمد، منا لك الشكر على مدى الأيام والزمان!!
وأخيراً لابد من تحلية في هذا الشهر الكريم:
سأل أبونا أدم الملاك جبريل: لماذا خلق الله حواء جميلة؟
أجابه الملاك: خلق الله حواء جميلة حتى تحبها وتتعلق بها؟
أجاب أبونا أدم: ولماذا خلقها الله بعقل صغير؟
أجاب الملاك جبريل: حتى تستطيع العيش معك!!
Leave a Reply