مهلة 42 يوما .. وإلا انتخابات عامة
تل أبيب – للمرة الثانية منذ إقامة الدولة العبرية، بات إمكان تبوء امرأة منصب رئاسة الوزراء حقيقة واقعية؛ فبعد غولدا مائير، التي احتلت هذا الموقع قبل عقود بعدما كانت وزيرة للخارجية، اختار أعضاء الحزب الحاكم «كديما» تسيبي ليفني، لتكون ثالث رؤسائهم (بعد إيهود أولمرت وأرييل شارون)، وبالتالي فتحوا أمامها الطريق نحو رئاسة الحكومة.وقد تعهدت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني بالعمل فورا على تشكيل حكومة ائتلافية جديدة عقب فوزها بزعامة حزب كاديما الحاكم خلفا لرئيس الوزراء إيهود أولمرت الذي تلاحقه تهم الفساد. وقالت ليفني، وهي محامية سابقة عملت يوما مع جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد)، للصحفيين إنها ستبدأ لقاء ممثلي الأحزاب الأخرى في الكنيست لتشكيل ائتلاف جديد في أسرع وقت «من أجل مواجهة التحديات الخطيرة» التي تواجهها إسرائيل.وأشارت خاصة إلى «التهديدات الخارجية» لأمن إسرائيل، وضرورة «انتهاز فرص» دفع عملية السلام قدما، ومعالجة «المخاوف الاقتصادية» الناجمة عن انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية.ووفق النتائج التي نشرت صباح الخميس الماضي حصلت ليفني على 43,1 بالمئة من أصوات الناخبين في كاديما، في حين حصل منافسها موفاز على 42 بالمئة.وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، هنّأ ليفني بفوزها من خلال مكالمة هاتفية، وقال لها: «ستنالين تعاوناً تاماً من ناحيتي»، في إشارة إلى استقالته من رئاسة الحكومة، التي يتوقع أن يقدمها يوم الأحد. وعندها، ستنتقل القضية إلى رئيس الدولة شمعون بيريز، الذي سيجتمع برؤساء الكتل البرلمانية ويلقي مهمة تأليف الحكومة الجديدة على ليفني.وخلافاً للتوقعات بأن ليفني ستجد صعوبةً في تأليف حكومة بديلة، يرى المراقبون الإسرائيليون أنَّ الاحتمالات أكبر من المتوقع، وخصوصاً أن معظم أحزاب الائتلاف الحكومي، وفي مقدمّتها حزب «العمل» برئاسة إيهود باراك، ليست معنية بالذهاب إلى الانتخابات العامة، لأنَّ استطلاعات الرأي تتنبأ لها بخسارة العديد من مقاعدها في الكنيست. ومن المتوقع أن تبني ليفني ائتلافاً حكومياً على أساس حزبها «كديما» وقد تتوصل إلى تفاهمات مع «شاس»، إذا فهم أن الحكومة ستقوم معه أو من دونه. وأمام ليفني لتشكيل 42 يوما وإلا فسيتم تنظيم انتخابات مبكرة خلال تسعين يوما.وكانت ليفني قد وصلت إلى مقرّها الانتخابي، بعد ظهور النتائج الأوليّة، وقالت لأنصارها: «حاربتم مثل الأسود قبالة أصحاب المصالح، وكنتم بكل بساطة رائعين». وأضافت: «كل شيء ملقى على أكتافكم، قمتم بعمل رائع. وقد وجدت أصدقاء كانوا سنواتٍ إلى جانبي، والتقيت بأصدقاء لم أعرف بأنهم أصدقاء حقيقيون». وختمت قائلة إن «الجيدين فازوا».وكان أنصار موفاز قد أُصيبوا بصدمة كبيرة في أعقاب النتائج. وبعد نشر استطلاعات ما بعد الاقتراع، ترك موفاز المقر الانتخابي، ولم يصرّح مقربوه للصحافة. وقال أحد أنصاره: «لقد صُدمنا، لم نتوقع خسارة كهذه».بدوره، قال رئيس حزب «شاس»، إيلي يشاي، إنه مصمم على الشروط التي وضعها الحزب في مقابل البقاء في الحكومة، وهي زيادة مخصصات الأطفال وعدم طرح قضية القدس المحتلة على جدول أعمال المفاوضات.ولم يستقبل المسؤولون في «الليكود» نتائج الانتخابات برحابة صدر. وقالوا إن ليفني قد تقيم «حكومة قانونية»، لكنها ستبقى «حكومة غير شرعية»، موضحين أنه لا يعقل أن يقرر بضعة آلاف من المنتسبين هوية رئيس الحكومة.وفي حال تأكيد تلك النتائج رسميا، تكون ليفني قد اجتازت الخطوة الأولى لتصبح رئيسة للوزراء بعد أن يكلفها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز خلال الأيام السبعة المقبلة بتشكيل حكومة تتمتع بالأغلبية في الكنيست.ردود فلسطينيةوقد تباينت مواقف الفلسطينيين بشأن فوز ليفني، فقد كان مفاوضو السلام الفلسطينيون بين الذين أشادوا بفوزها وهي التي قد قادت المفاوضات مع الفلسطينيين هذا العام.وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات «لأن ليفني كانت منغمسة في عملية السلام فإننا نعتقد أنها ستتابع مساعي السلام معنا»، وأضاف «نحن نرحب باختيار الشعب الإسرائيلي».أما رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية فيرى أن الانتخابات التي يشهدها كاديما لا تعني شيئا بالنسبة للشعب الفلسطيني، فجميع القيادات الإسرائيلية تلتقي على رفض الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني على حد قوله.من جانبها اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن وصول ليفني إلى سدة الحكم يعني «استمرار سياسة القمع والعدوان» ضد الشعب الفلسطيني. وقال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم في بيان صحفي إن «التنافس داخل المؤسسة السياسية الصهيونية ليس سوى تنافس المتطرفين والعنصريين، وأيا كانت النتيجة فإنها توضح أن هذه المؤسسة تتجه باتجاه مزيد من التطرف والعنصرية، وتوضح أن عنوان المرحلة المقبلة هو مزيد من العدوان على شعبنا الفلسطيني وعزله وتصفية قضيته». واعتبر أن هذا التطور في إسرائيل يجب أن يكون مدعاة للتمسك بخيار المقاومة كخيار إستراتيجي للدفاع عن حقوق وثوابت الشعب الفلسطيني.أما حركة الجهاد الإسلامي فاعتبرت أن تغير رئيس الحكومة في إسرائيل لا يغير شيئا في واقع «الاحتلال». وجددت الجهاد في بيان صحفي تأكيدها على رفض كل أشكال التفاوض مع «العدو كما نؤكد على خيار المقاومة والصمود في مواجهة العدوان بكل أشكاله».
Leave a Reply