مخاوف من إستغلال القاعدة للفراغ الأمني
بغداد، وكالات – انتقلت مسؤوليات اكثر من 100 الف مقاتل في مجالس الصحوة التي تحارب القاعدة والمتطرفين الى الحكومة العراقية الأسبوع الماضي بعد ان ساهمت في استقرار الاوضاع الامنية منذ انطلاقتها على ايدي عشائر الانبار قبل حوالى العامين. وقال المتحدث باسم الجيش الاميركي اللفتنانت كولونيل ديفيد راسل ان «قوات التحالف» قامت بنقل مسؤولية ابناء العراق الى الحكومة العراقية. وقد وافقت الحكومة العراقية على تسلم مسؤولية جميع عناصر الصحوة اعتبارا من مطلع الشهر الجاري على ان ينطبق ذلك على 54 الف عنصر في محافظة بغداد وحدها. ويطلق الاميركيون على قوات الصحوات تسمية «ابناء العراق» في اشارة الى ابناء العشائر العربية السنية والمتمردين السابقين.
ومنذ مطلع العام 2007، يعمل الجيش الاميركي على تشكيل مجالس الصحوة او الاسناد في مناطق العرب السنة بشكل رئيسي بحيث اصبح عددها يناهز المئة والثلاثين مجلسا تابعين لبلدات ومدن ونواحي في شمال وشرق وغرب بغداد. وقال مستشار الامن الوطني موفق الربيعي ان الحكومة العراقية «ستتولى دفع رواتب هذه العناصر اعتبارا من 31 الحالي». وحجم الرواتب 15 مليون دولار شهريا ويبلغ المعدل الوسطي 300 دولار للعنصر.
واضاف الربيعي ان الحكومة تسعى الى تسلم مسؤوليات الصحوة معتبرا انها «تشكل نجاحا مهما على طريق المصالحة الوطنية». وتساهم قوات الصحوة في مناطق العرب السنة غرب بغداد ووسط العراق وشماله في تراجع اعمال العنف بعد ان رفع عناصرها السلاح في وجه من قاتلوا في صفوفهم سابقا. ويسود الاعتقاد على نطاق واسع بان الحكومة العراقية ذات الغالبية الشيعية لا تبدي ثقة كبيرة بقوات الصحوة. وسيتم تسلم مسؤولية قوات الصحوة في مناطق وسط وغرب وشمال بغداد بشكل تدريجي وسيتم الغاء عدد من قوات الصحوة في محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى وهم حوالى 30 الفا. ويؤكد مسؤولون عراقيون ان عشرين بالمئة من هؤلاء المقاتلين سينضمون الى صفوف الجيش والشرطة في حين سيتولى الاخرون وظائف مدنية. لكن القلق يسود حيال مصير الثمانين بالمئة الاخرين خوفا من حملهم السلاح بوجه القوات الاميركية والعراقية مجددا.
الا ان الربيعي يؤكد ان الحكومة «قادرة على ادارة ملف التسليم ووضعت خطة مفصلة لهذا الغرض مع قوات التحالف» دون ان يكشف عن مضمونها. وقال ايضا ان «الامن يبقى اولى اولوياتنا وسنواصل توظيف الاعداد الضرورية من قوات الصحوة تحت اشراف القوات العراقية، وجميع المتطوعين سيعاملون على قدم المساواة». واضاف ان الحكومة «تعهدت ضمان مستقبلهم الاقتصادي». ويخشى مقاتلون تابعون للصحوة في حي الدورة جنوب بغداد الاختيار بين النعش او الحقيبة نظرا لاعتقادهم بان وضعهم تحت سيطرة الحكومة يعني نهاية مبرمجة لهم، وعودة للقاعدة بقوة الى هذا الحي، مع ما يتضمنه ذلك من عمليات انتقام. ومنذ اواخر العام الماضي، يتولى حوالى 1500 مقاتل من المسلحين السابقين الذين جندهم الجيش الاميركي لمحاربة القاعدة حماية شوارع منطقة الميكانيك في حي الدورة الشاسع المساحة.
ويقول ابو صالح قائد قوات الصحوة في حي الدورة «انها عملية جيدة على الورق» معبرا عن سعادته بالعمل «مجددا مع العراقيين». الا ان زعيم العشيرة صاحب الشاربين الكثيفين سرعان ما يستدرك قائلا «ولكننا سنخسر 80 بالمئة من رجالنا في الواقع». ويضيف «لم نتلق اي اقتراحات حول الوظائف حتى الان. ولا ندري من سيدفع لنا رواتبنا، في الاجمال لا نعرف اي شيء». وردا على سؤال عما سيحدث في الموعد المحدد، اجاب «لا شيء. سنبقى في الشوارع بانتظار تحديد مصيرنا». يؤكد ابو صالح ان العملية تعني «نهاية قريبة للصحوة وعودة القاعدة».
يذكر ان الدورة كانت من ابرز معاقل المتطرفين الاسلاميين حيث كان «امراء» عرب وافغان يقاتلون فيها تحت لواء القاعدة. وتقيم قوات الصحوة ثمانين حاجزا في منطقة الميكانيك المحاطة بجدران اسمنتية ضخمة. من جهته، يقول خالد ابو الوليد الرجل الثاني في قوات الصحوة في الدورة «كنا الوحيدين القادرين على الحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة». ويتابع ابو الوليد باسى ظاهر «اما الان، فسنغادر المنطقة. ينتابنا شعور بان الجميع تخلوا عنا غالبية مقاتلينا من الشبان غير المؤهلين مهنيا وسيواجهون البطالة في حين سيتوجه اخرون الى حيث يوجد المال» في اشارة الى احتمال الانضمام للجماعات المسلحة. ويؤكد انه تعرض لسبع محاولات اغتيال «وساترك كل شيء واغادر لان القاعدة تريد قتلي اذا بقيت في الدورة».
ويردد عناصر الصحوة بصوت واحد بينما كانوا يدققون في السيارات على احد الحواجز «ستكون الامور اخطر بكثير هنا». ويقول محمد الذي يرتدي سترة بالوان فوسفورية خاصة بالصحوات ان «انصار القاعدة لا يزالون هنا انهم مختبئون». ويؤكد ان اختياره في صفوف الشرطة يبقى امرا مؤكدا وقال «ارفض الانضمام تضامنا مع اشقائي الذين لن يجدوا عملا». ويضيف انه سيعمل سائق سيارة اجرة وسيغادر مع عائلته «خوفا من انتقام عناصر القاعدة الذين سيعودون بقوة». ويتابع ابو صالح بمرارة قائلا «سنكون اهدافا للارهابيين لان للقاعدة خلايا نائمة في الحي ستملاء الفراغ الامني. لقد تخلى عنا الاميركيون. يؤكدون انهم سيواصلون دعمنا لكنني لا اعتقد ذلك». ويختم «اما بالنسبة للحكومة، فيجب عليها ان تتذكر دورنا في اعادة الامن وان توافق مقابل ذلك على تجنيد نصف رجالي على الاقل».
Leave a Reply