تل أبيب – قبل أسابيع قليلة من خروجه من الحياة السياسية في إسرائيل وفي تصريح غير مسبوق وصف بتجاوزه لما تسمى الخطوط الحمراء الإسرائيلية دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي المنصرف إيهود أولمرت إلى التنازل عن معظم الضفة الغربية والأحياء العربية في القدس الشرقية المحتلة، إضافة لانسحاب كامل من الجولان، مقابل معاهدة سلام شامل مع دمشق والسلطة الفلسطينية.
وقال أولمرت في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت نشرت عشية رأس السنة اليهودية الجديدة «أقول ما لم يقله أي زعيم إسرائيلي من قبل، يجب أن ننسحب من كل الأراضي تقريبا بما في ذلك القدس الشرقية وهضبة الجولان».
ووصفت الصحيفة اللقاء بأنه «لقاء الوصية الأخيرة» مشيرة إلى أن أولمرت ذهب في عروضه للسلام أبعد مما ذهب إليه علنا قبل أن يستقيل من منصب رئيس الوزراء وحين كان يملك سلطة أكبر لتنفيذ ما يعرضه.
ويقول مسؤولون غربيون وفلسطينيون إن أولمرت عرض في محادثاته مع الفلسطينيين انسحابا إسرائيليا من 93 بالمئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة بالإضافة إلى كل قطاع غزة الذي انسحبت إسرائيل منه عام 2005. ونقلت يديعوت أحرونوت عن أولمرت قوله «علينا التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، ما يعني أنه يجب الانسحاب من كل الأراضي تقريبا إذا لم يكن من كل الأراضي».
وردا على سؤال ما إذا كان يشمل ذلك القدس قال أولمرت «من يريد الأمن في القدس وخصوصا من لا يريد أن تقوم جرافات وجرارات بسحق رجليه كما حصل مع أحد أقرب أصدقائي (…) عليه أن يتخلى عن أقسام من القدس».
وأِشار إلى أن من يرغب في الإبقاء على أنحاء المدينة بالكامل يجب أن يضع 270 ألف عربي تحت السيادة الإسرائيلية وهو أمر «لا يمكن أن يتحقق» في حين يجب على من يرغب في تحقيق الأمن في المدينة التخلي عن بعض الأجزاء. وفي السياق شدد على ضرورة إيجاد «حلول خاصة لجبل الهيكل (الحرم القدسي) والمواقع المقدسة والتاريخية» الموجودة خصوصا داخل المدينة القديمة في القدس.
وأضاف أولمرت «يجب أن نتخذ قرارا. هذا القرار صعب لأنه يتناقض مع شعورنا الطبيعي (بأن القدس هي العاصمة الأبدية لإسرائيل والتي لا يمكن تقسيمها)».
وفي مقابل الجيوب الاستيطانية يعرض أولمرت نحو 5 بالمئة من مبادلة الأراضي ويعطي الفلسطينيين أراض صحراوية متاخمة لغزة بالإضافة إلى أراض تخصص لإقامة معبر خاص يربط بين غزة والضفة الغربية.
وأضاف «سنحتفظ بنسبة معينة من هذه الأراضي لكن سيكون علينا التنازل للفلسطينيين عن نسبة مماثلة لأنه بدون هذا الأمر لن يكون هناك سلام».
وأعرب أولمرت عن أمله في بقاء محمود عباس رئيسا للسلطة الفلسطينية، لكنه حذر من أن ذلك قد يؤدي إلى مواجهات فلسطينية دامية تحبط كل إمكانية لاستمرار المفاوضات، وقال إن تل أبيب قد تضطر حينها للتدخّل في مواجهة ستشهد سفكاً للدماء، وفق تعبيره.
وكان أولمرت، الذي يشتبه بضلوعه في قضايا فساد وقدم استقالته في 21 الشهر الحالي ويترأس الآن حكومة انتقالية، وعد بالاستمرار في المفاوضات مع الفلسطينيين حتى آخر يوم له في المنصب وإلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.
لكن لم تظهر أية مؤشرات على إحراز تقدم في مفاوضات قضايا الحل النهائي وأقر الجانبان أن الفرص متدنية للغاية في تحقيق هدف الإدارة الأميركية بالتوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام الحالي. وتتركز الخلافات على ترسيم الحدود والقدس واللاجئين.
يشار إلى أن أولمرت بدأ أيضا مفاوضات غير مباشرة مع سوريا بوساطة تركية، لكنه لم يعلق علنا على حجم الانسحاب الإسرائيلي المقترح من هضبة الجولان.
Leave a Reply