أما وقد انتهى العيد..
لست من أهل القلم والكتابة الا ما ندر. ولست من اهل الصحافة أو الأدب لأسطر الكلمات والحروف، وقولبة الافكار والآراء. إنما أشعر حينما أشعر بأني لابد وأن أكتب في وقت يكون للكلمة معنى وللسؤال من إجابة لازمة.
إنني واحد من يعجبني العلامة السيد فضل الله بأفكاره وطروحاته وانفتاحه على الحياة وتسهيله الاحكام الشرعية لاسيما ونحن نعيش في الغرب. فانني واحد من مئات بل آلاف الشباب الذين يرغبون بممارسة حياتهم الطبيعية من دون محاذير شرعية قاسية مادمنا نعيش في بلاد الاغتراب. ولذا فان مسائل حياتية مهمة تتعلق بالزي والغناء والموسيقى واللحم الحلال والاختلاط والزواج والمتعة وغيرها لا يمكنني أن أجد حلاً لها لتسهيل حياتي في الغرب الا وفق فتاوى العلامة فضل الله.
الا إنني أصبحت في الاونة الاخيرة أتساءل عن بعض فتاويه. وأعوذ بالله من جعل نفسي فقيها لمعارضة فقه سماحته لانني انسان بسيط ولا افهم بالشريعة سوى قراءة القرآن العابرة وبعض النصوص والكتابات وعادة ما تكون كتابات سماحته حفظه الله. الا انني طالب جامعي وابن تحصيلات جامعية وأرى من حقي أن أتساءل، وجعلت تساءلي بعد العيد لئلا اتسبب في مشاكل قيل وقال، لانني لا اريد الخوض بالفقه الذي ليس من اختصاصي. لكن بالطبع وأكيدا فان الرياضيات العليا من اختصاصي ويحق لي المناقشة فيه ولاسيما أن سماحته يتحلى بالثقافة العامة ومنح أصحاب الاختصاص اختصاصهم. من هنا وددت مناقشة موقفه في قضية ثبوت الهلال وأكيدا بعد العيد لا قبله.
إن سماحته منذ سنوات يفتي ويصرح بأنه يمتلك رؤية فقهية تخوله استخدام العلم الحديث في تحديد اوائل الشهور القمرية بما يؤدي الى توحيد العيد ونجاة الامة من الانقسامات. لكنني أتفاجأ اليوم لأرى إن رأي سماحته لا يتماشى مع ما تعلمته ودرسته وأدرسه من رياضيات عليا بهذا المجال. والى القريب من الوقت كنت أظن فعلا ان سماحته مطلع على ذلك. بل وان رأيه زاد من انقاسامات المسلمين فبات حتى الشيعة فضلا عن السنة يكون لديهم ثلاث أعياد وليس عيدين كان يهدف الى توحيدهما. ففي اكثر من سنة رأيت سماحته يستبق سائر المرجعيات برأيه الفلكي تحديد يوم العيد مما جعله ثلاثة ايام بدل يوم واحد.
إن تناول قضية علمية واظهارها امام الناس وكأنها اختراعا جديدا يضر بايمان عامة الناس ولاسيما امثالي ممن يؤمنون بشخصية دينية علمية مجاهدة كسماحته. فمن لديه ابسط معلومات فهو يعلم بأن القمر يدور حول الارض بفترة زمنية طوالها 29 يوما و6 ساعات و48 دقيقة وبضع دقائق وثوان منذ أن خلق الله الكون والارض والقمر. فليس جديدا إذن. ومن هنا لا فائدة من القول بولادة القمر بدورة جديدة. فهو أمر مفروغ منه والكل علماء فلك او فقه او ناس عاديون يعلمون ذلك.
أما المهم في الموضوع هو متى تكون امكانية رؤيته. فسماحته حفظه الله في حدود معرفتي اليوم، مشتبه عليه أمر علماء الفلك. فهو يفتي فقهيا ويقول «بناء على ما أفاد به علماء الفلك بان الهلال يمكن رؤيته في مكان… وساعة… فاننا نفتي بثبوته لـ…» لكن حينما نرجع الى علماء الفلك فانني اجد لهم اقوالا اخرى وأتعجب من ادعاء سماحته. فلنرجع الى علماء الفلك فانهم يختلفون كليا بتحديد وقت رؤية الهلال بمحاسبة وقت وصول القمر الى افق يمكن رؤيته ويقولون بالحرف الواحد انه من الصعب ان لم يكن من المستحيل تحديد وقت رؤيته بالدقة التامة. يمكن مراجعة موقع البحرية الاميركية ومطالعة المقال والاعتراف الواضح والصريح من خلال الوصلة التالية
(http://aa.usno.navy.mil/faq/docs/islamic.php)
إذن هذا مبدأ غير صحيح برأيي أنا كصاحب علم ومعرفة باختصاصي.
ثم إن دعوى توحيد العيد التي كان من المؤمل تحصيلها من الرؤية الفلكية تلك، فانني تفاجئت بموقف سماحته في عيد رمضان العام الماضي، وعيد رمضان هذه السنة 2008 وذلك حينما وصلني بيان من موقع سماحته على الايميل، وثم زرت الموقع لاطلع عليه من الموقع ذاته، فوجدت مخالفة صريحة لما يهدف اليه سماحته من توحيد العيد. فانه افتى بثبوت اول شهر شوال يوم الثلاثاء لمن يسكن في الاميركيتين واوروبا وافريقيا واسيا، لكنه استثنى استراليا ونيوزيلندا وقال انه سيكون اول الشهر لديهم الاربعاء! إذن اين توحيد العيد؟ وما الفرق اذن بين هذا التفريق والتفريق الذي يتهم به سائر مراجع الشيعة ورجمهم بعدم الاطلاع على العلوم الحديثة وان كان علم الفلك سبق علم الفقه اساسا.
أما بالنسبة لسائر الامور والتي فيها جانب فقهي فانني لا أجرء على الدخول فيها لانني كما قلت لست من اهل الاختصاص بها. لكن باعتباري احد المؤمنين والراغبين بالاطلاع والمعرفة لا التخصص في الامور الدينية فاني وجدت ايضا خلطا آخر عليّ أرجو من علماء الدين او اية جهة دينية مختصة شرحها لي ولامثالي في الجالية. وذلك، إن سماحة السيد فضل الله دائما ما يذكر مصطلح وحدة الليل وانه يتفق مع استاذه السيد الخوئي، فانني بعد عدة تحريات واسئلة من العديد ممن يعرف بدقائق الامور – وارجع واقول انني لست من اصحاب الاختصاص بالفقه – يحتار السامع او القارئ انه لماذا سماحته يذكر السيد الخوئي فقط في موضوع وحدة الليل دون اشتراط الرؤية بالبصر؟ فان كان السيد الخوئي يستحق الانتساب الى مدرسته وعبقريته الفقهية بوحدة الليل من دون سائر ا لعلماء كما يقال، فلماذا لا ينتسب اليه باعتماده الرؤية البصرية ايضا مادام ان الرؤية الفلكية لا تحقق لنا وحدة العيد ايضا.
كما انني كلما اسأل اصحاب السماحة في المنطقة وغيرها عن تلاميذ السيد الخوئي فانهم يقولون بلغوا مئات واما المجتهدين منهم فتجاوزوا المائتين، لكن حينما اصل الى السيد فضل الله لازداد اطمئنانا بتقليدي واعجابي بآرائه العصرية والمسندة الى العلم الحديث وأسأل عن شهادة اجتهاد له من السيد الخوئي او من غيره، يصمت الجميع ولا يجيبون!
على العموم، هذه اشكالية لا تتعلق بحياتي انا، بل بحياة عدد غير قليل من الجالية والذين لابد لهم من اجابات تغني يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم لنقدم على الله باعمال وطاعات وعبادات حقا انها شرعية.
اتمنى من اصحاب السماحة من له الاطلاع الكافي ان يرشدنا لما فيه الخير وجزاكم الله خيرا.
Leave a Reply