احتفالاً بأربعينية الراحل الكبير
استجابة للنداء الذي أطلقه مهرجان برلين الأدبي، بجعل الخامس من تشرين الأول يوماً عالمياً لقراءات الشاعر الفلسطيني محمود درويش، أُقيمت أمسيات شعرية في أكثر من ثلاثين بلداً في العالم.. تمت فيها قراءة قصائد درويش باللغة العربية أو مترجمة إلى اللغات الوطنية الأخرى..
وعلى امتداد العالم، قامت شخصيات أدبية وفعاليات ثقافية باستحضار أشعار الراحل الكبير وتجربته الأدبية والإنسانية. احتفاليات شارك فيها أدباء ومفكرون ومثقفون وصولاً إلى حائزين على جائزة نوبل في الآداب، مثل: برايتن بريتنباخ، أندري برنيك، بي داو، وول سوينيكا، جون أشبيري، وغيرهم..
لا تأتي أهمية درويش من كونه صوتاً شعرياً مميزاً وحسب (كان مرشحاً دائماً لنيل جائزة نوبل) ولا بسبب علاقته بالقضية الفلسطينية (كان قريباً جداً من قياداتها) وإنما تأتي بسبب فهمه العميق لحساسية التجربة اإنسانية وهشاشتها وطبيعتها القابلة للخدش والألم والشهوة.
درويش صاحب مقولة: شعب بلا شعر هو شعب مهزوم «قالها في فيلم موسيقانا للمخرج الفرنسي جان لوك غودار» وهو بهذا الانحياز إلى الشعر عمل في مراحل عديدة إلى أنسنة القضية الفلسطينية وتفريغها من الشعارات والرطانات السياسية وإعادة إدراجها في السياق الانساني. والمتابع لتجربة الشعرية يلاحظ ذلك الانعطاف الكبير في مسيرته الشعرية منذ صدور ديوانه «لماذا تركت الحصان وحيداً» امتداداً إلى «سرير الغربية» و«أحد عشر كوكباً» ووصولاً إلى «كزهر اللوز، أو أبعد» و«أثر الفراشة».
في أعماله الأخيرة، اعتمد درويش على الاقتصاد اللغوي والبلاغي حتى أقصى درجة، وانحاز إلى الحياة بكل تفاصيلها العابرة والصغيرة والمهملة، انحيازاً إلى الحياة نفسها وتمجيداً لها على اعتبارها منصة تساهم في تكوين الشخصية الانسانية، وليست مجرد قناة عبور، ولعل هذا ما يبرر تواتر عبارة من قبيل: أريد أن أحيا، في الكثير من أقواله الشعرية.
عودة على بدء، فإلى جانب القراءات الشعرية في أكثر من مكان من العالم، تم بث العديد من الأمسيات الشعرية المسجلة للشاعر درويش، كما قامت الفضائية السورية بعرض فيلم بعنوان «سأصير يوماً ما أريد» من إعداد وكتابة وسيناريو الشاعر الصديق علي سفر وإخراج أحمد حيدر. وفي هذا الخصوص يحاول الفيلم مزج ملامح السيرة الشخصية لدرويش مع سيرة الفلسطيني، حيث أمسى الفلسطيني بطلاً ملحمياً كما في النموذج الاغريقي.
يذكر أن تجربة الشاعر محمود درويش كان موضوع فيلم بعنوان «الأرض تورث كاللغة» من إخراج سيمون بيتون، الفرنسية اليهودية من أصل مغربي. كما حضر أيضاً في فيلم «موسيقانا» للمخرج الفرنسي جاك لوك غودار، اشترك فيه درويش كممثل وكشاعر..
مبادرة الكاتب علي سفر والمخرج أحمد حيدر تستحق الاحترام، ورفع القبعة، خاصة وأن درويش ظل بعيداً عن السينمائيين العرب، من دون مبررات لائقة!..
Leave a Reply