الرياض غير راضية على التقارب الغربي مع الأسد
رغم الانفتاح الغربي على دمشق في الأشهر القليلة المنصرمة لا تزال العلاقات السورية السعودية في حالة تأزم ملحوظ وخطوط التواصل بين البلدين منقطعة. وذلك رغم تصريح لوزير الخارجية السعودي الأسبوع الماضي قال فيه ان الخلافات بين الأسرة الواحدة ستنتهي قريباً ولا تحتاج لوساطة إلا أن هذا الموقف لم يبدد واقع إن المملكة العربية السعودية تعتقد أن سوريا لم تقدم ما يكفي لتستحق تقاربا دبلوماسيا مع الغرب وتخشى ألا يُسهم مثل هذا التقارب بشيء يذكر لقطع صلات دمشق بإيران.
في الرياض قال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل الثلاثاء ان الخلافات بين المملكة وسوريا هي ضمن «اسرة واحدة» وان شاء الله تنتهي قريبا مشيرا الى عدم وجود حاجة لوساطة بين البلدين. وقال الامير سعود في مؤتمر صحافي مشترك مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا ان «العلاقات بين البلدين قائمة وستستمر وهي لا تحتاج لوساطة واذا كانت هناك خلافات فهي خلافات بين اسرة واحدة وان شاء الله تنتهي قريبا وتعود المياه لمجاريها».
إلا أن المراقبين يرون إن ضغينة السعودية تجاه سوريا ورئيسها بشار الأسد ربما تعمي الرياض عن احتمالات الحوار مع دمشق.
وقال مسؤول أميركي هذا الشهر إن واشنطن تجري تقييما لسياستها الخاصة بمحاولة عزل سوريا. وتأتي مراجعة السياسة الأميركية بعد تقارب حديث بين فرنسا وسوريا حيث قام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بزيارة لدمشق الشهر الماضي.
وفي علامة على تحسن محتمل في العلاقات التقت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بوزير الخارجية السوري وليد المعلم على هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر الشهر الماضي وهو ثاني اجتماع لهما خلال 81 شهرا.
لكن دبلوماسيا غربيا قال إن من غير المرجح أن تؤدي هذه الخطوات الى تغيير في التفكير في الرياض.
وأضاف الدبلوماسي الذي يتمتع بخبرة في الشؤون اللبنانية والسورية «الكراهية التي يكنونها في السعودية لسوريا هائلة. الملك عبد الله يقول إن بشار حنث بقسم على الرغم من أننا لا ندري ما هو هذا القسم».
وتابع أن الحكومات العربية والأجنبية «بخست تقدير» الأسد طبيب العيون الذي جيء به من عالم المجهول في لندن الى حد ما ليخلف والده حافظ الأسد الذي توفي عام 2000.
وبعث الأسد بمزيد من الإشارات للقوى الغربية الأسبوع الماضي حين أصدر مرسوما يسمح بإقامة علاقات مع لبنان للمرة الأولى منذ حصلت الجارتان على استقلالهما عن فرنسا في الأربعينيات.
وفتحت اسرائيل وسوريا قناة للتفاوض عن طريق وساطة تركية تهدف الى التوصل الى اتفاق للسلام. وتحتل اسرائيل مرتفعات الجولان منذ حرب عام 1967.
وتعتقد قوى غربية أن عقد اتفاق للسلام بين سوريا واسرائيل يمكن أن يفك ارتباط دمشق بإيران الشيعية التي يثير نفوذها المتزايد قلق الولايات المتحدة والسعودية وحكومات عربية أخرى يقودها السنة في المنطقة.
لكن الرياض تعتقد أن سوريا المقربة أيضا من حزب الله الذي تدعمه ايران لا تستحق إنهاء عزلتها.
وقال مصطفى العاني وهو محلل مقرب من الرياض يتخذ من دبي مقرا له إن السعوديين يعتقدون أن هذا سابق لأوانه وأن الضغط على سوريا ليس كافيا وأن السلوك السوري لا يستحق هذا التغيير. وأضاف أن وجهة نظر الرياض هي أن من السابق لأوانه مكافأة دمشق.
وتدهورت العلاقات بين السعودية وسوريا بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري الذي كان يحمل الجنسية السعودية ايضا.
ومن الممكن أن تسعى محكمة أنشأتها الأمم المتحدة للتحقيق في اغتيال الحريري الى محاكمة عناصر بالقيادة السورية تشتبه حكومات غربية وحلفاء لها بالمنطقة بضلوعها في قتله.
والسعودية داعم عربي أساسي للبنان وبشكل رئيسي من خلال دعم كتلة المستقبل التي يتزعمها سعد الحريري ابن رئيس الوزراء الراحل وتمثل مصالح السنة. لكن حلفاء الرياض اللبنانيين هزموا امام «حزب الله» في معارك نشبت بالشوارع في وقت سابق هذا العام.
وقال المحلل نيل باتريك «السوريون عادوا كقوة الأمر الواقع في لبنان لكن بدون استعراض صريح للقوة» مضيفا أن الدبلوماسية السعودية في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية وبدء عهد إدارة جديدة.
وأشار جمال خاشقجي رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية اليومية الى أن صانعي القرار يبحثون كيفية التعامل مع سوريا. وأضاف أنه سمع من مسؤولين سعوديين أنه يجب الا يسمح لسوريا بالخروج من هذا الطريق المسدود في غياب السعوديين حتى لا يشعروا أنهم استطاعوا الخروج من العزلة بمفردهم ومن ثم يعاملون السعودية بتعال.
وتابع أنه لا يعتقد أن على السعودية أن تسمح بتخفيف الضغوط على السوريين. وقال إن الملك شخصيا غير راض عن النظام هناك وأضاف أن بوسع المملكة الانتظار الى أن يحدث تغيير كبير في سوريا.
وأشار الدبلوماسي الغربي الى أن امتداد عنف المتشددين الإسلاميين الى سوريا من شأنه ان يزيد من تعقيد العلاقات.
Leave a Reply