دمشق – يبدو ان التظاهرة الضخمة التي شهدتها العاصمة السورية دمشق الخميس الماضي لن تكون آخر تبعات العدوان الأميركي الذي اودى بحياة ثمانية ابرياء في مدينة البوكمال السورية الحدودية مع العراق، وذلك وسط مخاوف دبلوماسية من تصاعد التوتر بين واشنطن ودمشق.فقد أظهر بيان أصدرته السفارة الأميركية في دمشق ان العلاقات بين دمشق وواشنطن قد تشهد المزيد من التدهور وذلك بعد غلق السفارة أبوابها.وكان بارزا في تسلسل الأحداث المواقف العربية والأوروبية المساندة لموقف دمشق والتي تدرجت بين الاستنكار والإدانة وذهبت فرنسا الى حد القول ان العملية العسكرية محاولة لضرب جهود الرئيس نيكولا ساركوزي في الشرق الأوسط.وقال بيان للسفارة الأميركية صدر الأربعاء الماضي إن الجالية الأميركية في سوريا عليها أن تدرك أن أحداثا أو ظروفا غير متوقعة قد تحدث وقد تتسبب في إغلاق السفارة الأميركية في دمشق أمام الجمهور لأجل غير مسمى.وكانت دمشق قررت في رد على الغارة إغلاق مدرسة اميركية ومركزا ثقافيا في دمشق قبل إعادة فتحهما الأربعاء. كما دعت مجلس الامن التابع للامم المتحدة الى اتخاذ اجراء لضمان عدم تكرار مثل هذه الهجمات عبر الحدود. ويوجد في المدرسة الأميركية 450 تلميذا. ويعيش في سوريا المئات من المواطنين الأميركيين. وهناك الآلاف ممن يحملون الجنسيتين الأميركية والسورية.ورفض المتحدث باسم السفارة التعليق على ما إذا كان عدد أو وضع الدبلوماسيين الأميركيين في سوريا قد يتغير.وكانت واشنطن استدعت سفيرها لدى سوريا في أعقاب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في شباط (فبراير) عام 2005.وسعت سوريا الى رأب الصدع في علاقاتها مع الولايات المتحدة، إلا الإعتداء الأخير الذي نفذته طائرات اميركية في مدينة البوكمال الحدودية مع العراق بددت فيما يبدو الكثير من المساعي التي حرص الرئيس السوري بشار الأسد على بذلها لفتح صفحة جديدة.من ناحية أخرى، قالت الحكومة العراقية الاربعاء الماضي ان العراق سيتبادل مع سوريا نتائج تحقيق يجري في الغارة التي أسفرت عن سقوط قتلى داخل الاراضي السورية.وقال المركز الوطني للاعلام في بيان «قامت السلطات العراقية فور وقوع الحادث بالتحقق من الأمر للوقوف على تفاصيل العملية وملابساتها من الجانب الأميركي وسوف نقدم كافة المعلومات والبيانات إلى الجانب السوري الشقيق حال اكتمال التحقيقات».وتقول سوريا ان ثمانية مدنيين قتلوا في الهجوم الذي وقع الاحد الماضي في منطقة قريبة من حدود سوريا مع العراق والتي نددت بها دمشق بشدة ووصفتها بأنها «عدوان ارهابي» من جانب الولايات المتحدة.ولم تؤكد واشنطن حتى الان رسميا الغارة لكن مسؤولين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم قالوا انه يعتقد ان متشددا مهما في تنظيم القاعدة يتولى مسؤولية تهريب مقاتلين اجانب الى العراق قتل في الهجوم. وتنفي سوريا ذلك.ونددت حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الثلاثاء بالغارة وقالت انه يجب عدم استخدام العراق في شن هجمات على دول اخرى. وكانت قد قالت في البداية ان الغارة استهدفت منطقة يستخدمها المتشددون في شن هجمات على العراق.ويعكس هذا الموقف الوضع الحساس للحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة التي وجدت نفسها محصورة بين واشنطن ودمشق والتي كانت منذ فترة طويلة هدفا للغضب الاميركي.وكانت بغداد تأمل في التقارب مع سوريا والدول العربية الاخرى رغم شكاوى منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 من ان سوريا تقاعست عن وقف تدفق مقاتلين اجانب على العراق.واوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية روبرت وود ان القائمة بالاعمال الاميركية مورا كونيلي قد استدعيت الاربعاء الى وزارة الخارجية السورية حيث ابلغها رئيس البروتوكول «شفهيا» الطلب السوري «الاقفال الفوري للمركز الثقافي الاميركي».واضاف في تصريح ان «الحكومة السورية طلبت ايضا اقفال المدرسة الاميركية في السادس من تشرين الثاني»، ولم يشر الى الاسباب التي تذرعت بها السلطات السورية.وقال المتحدث «لن نقدم تفاصيل اضافية على تفاصيل المراسلات الدبلوماسية. اننا ندرس ردنا».وفي دمشق، اكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد من جانبه ان سوريا «طلبت من الحكومتين الاميركية والعراقية توضيحات رسمية حول هذا الخرق غير المقبول للسيادة السورية قبل اتخاذ مزيد من الاجراءات».ووجهت سوريا رسالة الى الامين العام للامم المتحدة تطالب فيها المنظمة الدولية بتحميل الولايات المتحدة مسؤولية الغارة.ودعت سوريا أيضا مجلس الأمن إلى التحرك لمنع تكرار الهجوم الذي شنته طائرات هليكوبتر أميركية عبرت الحدود وضربت مزرعة داخل الأراضي السورية.وأشارت الوكالة إلى أن الخارجية السورية استدعت السفراء الأجانب لعقد اجتماع لتوضيح الإجراءات التي اتخذتها سوريا ضد الولايات المتحدة ردا على الهجوم.
Leave a Reply