المنظمات الفلسطينية تجتثّ مجموعات أصولية كي لا تتكرر معارك نهر البارد
اعتقال خلايا إسرائيل النائمة اكتشاف أمني مميز
أعاد اعتقال الشبكات الإرهابية في لبنان، الإسلامية الأصولية المتطرفة منها، التي تستخدم القتل والتفجير أسلوباً لها، أو الشبكات المتعاملة مع العدو الإسرائيلي، الوضع الأمني في لبنان الى الواجهة، الذي كان في زمن الوجود السوري يقال عنه «إن البلد ممسوك ولكنه غير متماسك»، والمقصود هو أن القبضة الأمنية، أو ما كان يسمى «النظام الأمني اللبناني السوري المشترك»، كان ممسكاً بالأمن، بحيث اعتبر لبنان من الدول الأكثر أمناً في التقارير الدولية و«الانتربول»، وهذا ما شجع تدفق الاستثمارات على لبنان، وحركة النهوض العمراني فيه، وقيام ورشة بناء وإعمار من الوسط التجاري إلى كل المناطق، حيث كان الرئيس رفيق الحريري يفتخر بالاستقرار الأمني الذي وفر الاستثمار المالي والاقتصادي.
ومع خروج القوات السورية، وطلب الإدارة الأميركية من حلفائها في «ثورة الأرز» اجتثات النظام الأمني السابق واعتقال أركانه تحت ذريعة الاشتباه بهم في جريمة اغتيال الحريري، دخل لبنان في مرحلة انعدام الأمن، وباتت ساحته مفتوحة لكل أنواع الاستخبارات الخارجية، واعترف بذلك النائب وليد جنبلاط بعد اغتيال الشهيد صالح العريضي في بيصور في عمق الجبل، وتراجعت معه الاتهامات التي كان يقول عنها سياسية، بأن وراء مسلسل الاغتيالات والتفجيرات سوريا وحلفاءها، ولم يتوان عن توجيه أصابع الاتهام مباشرة إلى «حزب الله» بأنه يفخخ سيارات في الضاحية الجنوبية.
وهكذا فسح فريق 14 شباط، للاستخبارات الأميركية الدخول إلى لبنان، تحت ذريعة المساعدة في التحقيق بالاغتيالات والتفجيرات، وأعادت إسرائيل إيقاظ خلايا عملائها النائمة التي تركتها وراءها، فتم اكتشافها واعتقالها من قبل مخابرات الجيش والاجهزة الامنية وكان عملاً امنياً مميزاً بتوقيف مجموعة محمود رافع التي اعتقلت في حزيران 2006، وأخيراً مجموعة الأخوين علي ويوسف الجراح، حيث اعترف رافع بأن مجموعته وراء اغتيال الشقيقين المجذوب في صيدا، إضافة إلى عمليات أخرى كمقتل علي صالح وعلي ديب، المسؤولين في المقاومة وجهاد أحمد جبريل.
أما مجموعة الاخوين الجراح، فإن المعلومات الأمنية الأولية، تتحدث عن مهمات كثيرة لها تتعدى لبنان إلى سوريا ومراقبة الحدود اللبنانية-السورية، والداخل السوري، حيث استفاد أعضاؤها من انتمائهم السابق إلى حركة «فتح-الانتفاضة» والتعاون مع منظمات فلسطينية.
ولا تستبعد مصادر التحقيق الأمني والقضائي أن تكون شبكة «الموساد» الإسرائيلية، وراء اغتيال ابرز قادة المقاومة الشهيد عماد مغنية في دمشق.
واعتقال هذه الشبكات المتعاملة مع العدو الإسرائيلي، إضافة إلى أخرى أصولية، ترافقت مع ما كشفته السلطات السورية عن اعتقال المجموعة التي نفذت جريمة تفجير السيارة قرب مقام السيدة زينب على طريق مطار دمشق وأنها تنتمي إلى تنظيم «فتح الإسلام» الذي اعتُقل أكثر من شبكة له في لبنان وكان آخرها في طرابلس حيث فر مسؤول هذه المجموعة عبد الغني جوهر الذي تبين أنه الرأس المدبر لجرائم التفجير التي استهدفت الجيش اللبناني في طرابلس في 11 آب و25 أيلول من العام الحالي، وما سبقها من تفجير عبوة في مقر أمني للجيش في العبده، وعبوتين وضعتا في مطار القليعات في الشمال كانتا ستستهدفان العماد قائد الجيش جان قهوجي، عندما كان قائداً للواء الثاني في الشمال.
وباغتيال شبكة جوهر، تم التوصل إلى اكتشاف شبكات أخرى في البداوي وعين الحلوة، واعتُقل عناصرها، لا سيما بعدما أعلنت المجموعة الإرهابية التي اعتُقلت في دمشق أن رأسها موجود في لبنان ويدعى ابومحمد عوض والملقب بـ«الشحرور»، الذي تولى مسؤولية «فتح الإسلام» وأميرها، مع اختفاء قائدها شاكر العبسي، واللغز الذي رافقه حول مقتله أو بقائه حياً والجهة التي انتقل إليها وتخفى فيها. وقد نجح التنسيق والتعاون الأمني والسياسي بين الفصائل الفلسطينية في محاصرة «فتح الإسلام»، والتنظيمات الإسلامية الأصولية، التي لها حضور كثيف في مخيم عين الحلوة الذي تتواجد فيه «عصبة الأنصار» التي اغتال عناصر منها رئيس جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية الشيخ نزار الحلبي في بيروت، وهي متهمة ايضاً بجريمة قتل القضاة الأربعة في صيدا، إضافة إلى «جند الشام» التي مدّت «فتح الإسلام» بالعناصر وأحدهم شهاب القدور الملقب بـ«أبو هريرة» الذي قتل في طرابلس أثناء معارك مخيم نهر البارد في ظروف غامضة على يد فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي.
فالوجود الإسلامي الأصولي الفلسطيني في مخيم عين الحلوة، وتسلم ابومحمد عوض قيادة «فتح الإسلام» وضع هذا المخيم تحت المجهر الأمني، وبدأ القلق يتسرب إلى الفلسطينيين كما اللبنانيين من تكرار تجربة مخيم نهر البارد فيه، وجرت اتصالات لبنانية-فلسطينية لتدارك ذلك، وقد أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية أنها على تنسيق مع الحكومة اللبنانية وقيادة الجيش، واتُّفق على تسليم كل مطلوب إلى العدالة والقضاء اللبناني، وهو ما وافقت عليه المنظمات المنضوية تحت «تحالف القوى الفلسطينية»، فحصل إجماع فلسطيني على تجنيب المخيمات جميعها الصدام العسكري، وبدأت حركة «فتح» وهي أكبر التنظيمات في مخيم عين الحلوة، بتعقب العناصر المتورطة بجرائم اغتيال وملاحقتها، وتمكنت من اعتقال حسام معروف المنتمي إلى جند الشام وتسليمه إلى الجيش، وقد اعترف بعمليات تفجير ضد القوات الدولية، كما اعتقلت أخيراً محمود الدوخي الملقب بـ«أبي الجراح» مع عناصر أخرى لها علاقة بـ«فتح الإسلام» وتوارى عن الأنظار عوض الذي ورد اسمه في تحقيقات شبكة التفجير في دمشق، حيث كان اللافت في هذه التحقيقات اعتراف وفاء العبسي ابنة شاكر العبسي، بتلقي «فتح الإسلام» أموالاً من «تيار المستقبل» عبر بنك البحر الأبيض المتوسط الذي سطا على امواله عناصر من هذا التنظيم في أيار من العام الماضي من فرعه في أميون، والذي تسبب باشتعال معارك نهر البارد بعد قتل عناصر من الجيش اللبناني.
وقد حاول «تيار المستقبل» الرد على ما ورد في اعترافات الشبكة الإرهابية، وربطها بمحاولة القيادة السورية التهرب من المحكمة الدولية، لكن ما تلقاه المسؤولون اللبنانيون من معلومات أمنية، لا سيما وزير الداخلية زياد بارود الذي زار دمشق على رأس وفد أمني في عداده المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي المحسوب على «تيار المستقبل» اكدت صحتها حيث أبلغ المسؤولون السوريون الوزير بارود عن تورط «فتح الإسلام» بتفجير دمشق، وهو الأسلوب نفسه الذي استخدم في مسلسل التفجيرات والاغتيالات في لبنان، واتُّفق على إحياء التنسيق الأمني المحكوم بمعاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين البلدين عبر المجلس الأعلى اللبناني-السوري، وهو ما أزعج قوى 41 شباط التي رفضت العودة إلى اللجان الأمنية، ورأى جنبلاط أنها مدخل للتدخل السوري في لبنان، وكلامه غير صحيح لان التنسيق هو ما اتُّفق عليه في القمة اللبنانية-السورية التي جمعت الرئيسين ميشال سليمان وبشار الأسد.
فالتنسيق الأمني اللبناني-السوري بات حاجة للبلدين مع اكتشاف شبكات «الموساد» الإسرائيلية، والمجموعات الإرهابية الأصولية، حيث تعمل على التخريب وأعمال الإجرام في الدولتين، وتبين أن نشاطهما يستهدف لبنان وسوريا معاً، حيث من الضروري تبادل الأجهزة الأمنية فيهما المعلومات لسد الثغرات من خلال الحدود المشتركة بينهما.
Leave a Reply