المحكمة الدستورية تخول لمجلس النواب تمريرها بأغلبية النصف زائد واحد
الكرة فـي الملعب العراقي.. وستبقى فيه بعد إغلاق واشنطن باب التفاوض
بغداد – أعادت الولايات المتحدة الكرة سريعا الى الملعب العراقي بعد إقرارها تعديلات على الاتفاقية الأمنية المزمع عقدها بين البلدين، ورغم ان التعديلات هذه لم يفصح عنها بشكل رسمي بعد إلا أن الحكومة العراقية لم تبت رأيها فيها بعد وفي حال الموافقة على التعديلات ستحال المسودة الى البرلمان العراقي المنقسم حيالها لإقرارها.
في الملعب العراقي الخيارات قليلة، لا بل محصورة بخيارين: إما الموافقة أو الرفض.. خاصة وأن الإدارة الأميركية تعتبر ان باب المفاوضات أغلق. ولكل خيار من الخيارين عواقب وخيمة لا يمكن حصر تبعاتها. لذلك سوف تلجأ السلطات العراقية، التنفيذية والتشريعية.. وحتى الدينية، الى المماطلة قدر الإمكان لتسلك مسودة الإتفاقية طريقها الى النهاية.. كما لا يستبعد أن تلجأ هذه السلطات الى الاستفتاء الشعبي لحسم قرارها.
بانتظار الترجمة
في بغداد اعلن رائد جهاد فهمي وزير العلوم والتكنولوجيا لوكالة فرانس برس تأجيل مناقشة الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن حول مستقبل وجود القوات الأميركية في البلاد، في مجلس الوزراء حتى الحصول على «ترجمة كاملة والمشورة القانونية». أي أن النقاش الحقيقي سيبدأ مع عطلة نهاية الأسبوع.
وقال ان «مجلس الوزراء العراقي ينتظر الحصول على ترجمة كاملة بالعربية للتعديلات الاميركية واستحصال المشورة القانونية قبل اتخاذ القرار».
واضاف «عندما نحصل على ذلك، سينعقد اجتماع جديد لمجلس الوزراء».
ونقل موقع «المجلس الاعلى الاسلامي العراقي» عن وزير الدولة لشؤون مجلس النواب صفاء الدين الصافي، تأكيده ان «المشاورات مستمرة في مجلس الوزراء للتأكد من حجم التعديلات التي ادخلت والصياغات التي وضعت لنحصل على اتفاقية واضحة في صياغاتها وتعديلاتها وقابلة للنظر في ما اذا كان هنالك قبول من قبل البرلمان او هنالك بعض التحفظات الاخرى» حولها. واضاف «في حال تم الانتهاء من التصويت عليها، فستأخذ طريقها وفقا للاجراءات الدستورية وتذهب الى مجلس النواب ليقول كلمة الفصل».
البرلمان العراقي ينتظر!
وعن موعد عرض الاتفاقية على البرلمان، اكد الصافي «عدم وجود موعد محدد لذلك، رغم تسارع الوقت على الحكومة لاننا محددون بنهاية العام الحالي». واشار الوزير الى ان «الرد الأميركي كان يحمل عدة جوانب ايجابية، لكنه في نفس الوقت يتضمن فقرات تحتاج الى مناقشة مستفيضة». واضاف ان «مجلس الوزراء سيعطي رأيه في الاتفاقية على ضوء التوافق الوطني».
وتجري بغداد وواشنطن مباحثات شاقة منذ بداية 2008 حول اتفاقية امنية من شأنها تنظيم الوجود العسكري الأميركي في العراق بعد 31 كانون الأول (ديسمبر) المقبل عندما ينتهي تفويض الامم المتحدة لقوات التحالف المنتشرة حاليا في العراق بقيادة أميركية.
وسلمت واشنطن بغداد الخميس الماضي موافقتها على عدة تعديلات اقترحها العراق على الاتفاقية الامنية، واعتبرت ان عملية التفاوض على الاتفاقية انتهت، كما قال المتحدث باسم وزارة الدفاع براين ويتمان «لقد قدمنا ردا ايجابيا جدا على نقاط عدة تثير قلقهم في ما يتعلق بالتعديلات المقترحة، وتم اجراء بعض التغييرات على مسودة الاتفاقية». واكد ان «الولايات المتحدة انهت العملية من جانبها».
بدوره، اكد ياسين مجيد المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي «تسلمنا ردا من الجانب الأميركي بخصوص التعديلات الحكومية»، لكنه لم يعط تفاصيلا بخصوص مضمون الرد. وتثير الاتفاقية مخاوف كثيرة في الاوساط العراقية حول السيادة الوطنية. وتحدد الاتفاقية الحقوق والمسؤوليات القانونية لنحو 152 الف جندي اميركي يعملون في العراق. وفي حال لم يتوصل الجانبان الى اتفاق في الموعد المحدد، فسيضطر الجنود الأميركيون للبقاء في ثكناتهم، الا اذا صدر تفويض جديد من الامم المتحدة، حسبما ذكر مسؤولون أميركيون.
النصف زائد واحد
من ناحية اخرى ذكرت صحيفة حكومية عراقية أن المحكمة الدستورية في البلاد خولت للبرلمان الحق في التصويت على مشروع الاتفاقية الأمنية المزمعة مع الولايات المتحدة، بنصاب الأغلبية البسيطة أي بنصف الحضور زائد واحد. ونسبت صحيفة «الصباح» إلى مصدر في كتلة الائتلاف العراقي الموحد، صاحب الأغلبية في مجلس النواب، قوله: «بتت المحكمة الدستورية في طريقة التصويت على الاتفاق الأمني حيث قررت أن تتم عملية التصويت بالأغلبية البسيطة للنواب أي نصف الحضور زائد واحد».
وأضاف المصدر بالقول «لم تجد المحكمة ضرورة لسن قانون خاص للتصويت على الاتفاقية».
ومن جهة أخرى، قال المصدر الذي لم تكشف الصحيفة عن هويته «هناك آراء متباينة للكتل السياسية (حول الاتفاقية) وهي عبارة عن مناورات للاستفادة بقدر الإمكان من المفاوضات»، وأشار إلى أن «كتلة الائتلاف لم تبحث بشكل رسمي العرض الأميركي (بشأن الاتفاقية)، ولكن جوا من الارتياح بدا ظاهرا بعد الإطلاع على رد واشنطن».
وذكر المصدر أنه قد يعلن خلال «جلسة الحكومة..الموقف إزاء الاتفاقية» بشكل رسمي.
ويتألف البرلمان العراقي من 275 عضوا يشكل الائتلاف العراقي الموحد غالبية أعضائه يليه التحالف الكردستاني ثم جبهة التوافق العراقية وكتلة «القائمة العراقية» بزعامة إياد علاوي إضافة إلى أعضاء آخرين من قوائم منفردة.
وقالت صحيفة الصباح إن «تمرير مشروع الاتفاقية سيكون أمرا يسيرا خاصة وأن أعضاء التحالف الكردستاني البالغ عددهم 75 عضوا والتوافق 44 عضوا والقائمة العراقية 25 عضوا أعلنت موافقتها على الاتفاقية مع إجراء تعديلات بسيطة فيما رفضها التيار الصدري جملة وتفصيلا في حين يتأرجح موقف الائتلاف العراقي الموحد بين رافض ومؤيد».
ويذكر أن خلافا في وجهات النظر بين العراق والولايات المتحدة بشأن بعض بنود الاتفاقية المزمعة قد برز في الآونة الأخيرة.
وتعترض الحكومة العراقية على إصرار واشنطن على تمتع عسكرييها العاملين في العراق بالحصانة الكاملة من المقاضاة بموجب القوانين العراقية وبالحرية في القيام بالعمليات العسكرية دون الرجوع للسلطات العراقية. ويشار إلى أن الوجود العسكري الحالي للقوات الأميركية على الأراضي العراقية يعتمد على قرار من مجلس الأمن تنتهي صلاحية العمل به بحلول نهاية العام الجاري، وترغب الولايات المتحدة في وضع اتفاق جديد قبل ذلك التاريخ ينظم الوجود العسكري لقواتها في العراق مستقبلا.
السيستاني
من جهته، اكد المرجع الشيعي الكبير اية الله علي السيستاني الاثنين الماضي حرصه على «عدم المس» بسيادة العراق في الاتفاقية الامنية بين بغداد وواشنطن حول تحديد مستقبل القوات الاميركية في البلاد، وفقا لمصادر مقربة من المرجعية.
وقال رجل الدين البارز صدر الدين القبانجي بعد زيارة السيستاني ان «المرجع (السيستاني) اكد انه سيقول كلمته عندما تتبلور الرؤيا بشكل كامل لدى المسؤولين».
وتابع خلال مؤتمر صحافي نقلا عن المرجع ان «اي موقف يمس بسيادة العراق ولو بادنى مستوى فاني سأنهي عن ذلك، وابدي رأيي بشكل صريح» حوله.
واشار المرجع وفقا للقبانجي المقرب من المجلس الاعلى الاسلامي العراقي بزعامة عبد العزيز الحكيم، ان موقف المرجعية حاليا هو ان «الامر الان موكل الى المسؤولين بخصوص الاتفاقية».
الأكراد
من جهته، أكد النائب عن «التحالف الكردستاني» محمود عثمان ان الولايات المتحدة قدمت آخر تنازلاتها، وهي الصيغة النهائية للاتفاقية، ورفضت التعديلات على موضوع الحصانة القضائية والبريد العسكري، و«على الكتل السياسية والحكومة ان تقرر الرفض أو القبول بالاتفاقية».
إلى ذلك، أعرب «التحالف الكردستاني» عن تحفظه بشأن عرض «الاتفاقية» للاستفتاء الشعبي، معتبراً ذلك «مسألة صعبة ومعقدة وتحتاج إلى مستلزمات كثيرة».
وقال الناطق باسم كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب فرياد راوندوزي «ان مجلس النواب الذي يمثل الشعب العراقي هو المكان المناسب لحسم مسألة التصويت على الاتفاقية الأمنية». وذكر «أن عملية الاستفتاء الشعبي على أرض الواقع مستحيلة، وهي يجب أن تحسم من قبل السياسيين بعد أن يتفقوا على مبادئ ورؤى محددة، إذ ان البرلمان هو المكان المناسب لإقرار الاتفاقية أو رفضها». وكان نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وأعضاء في جبهة التوافق طالبوا بعرض الاتفاقية الأمنية للاستفتاء الشعبي.
Leave a Reply