إيماناً مني بأن «صدى الوطن» منبر حر وساحة رأي لكل من يحمل فكراً أو قلماً، فلست ممن يعقب على الصحفي الكبير علي عبود، وهو غني عن التعريف، ولكني منذ الوهلة الأولى التي عرفت أن الصحفي المرموق علي عبود يكتب سيرة حياته: من جعبة الذكريات، وأنا أتابع بشوق واهتمام مشوار حياته المهنية، التي قضاها في ساحات الحروب وصالات الضيافة وقصور المؤتمرات مجرياً المقابلات مع شخصيات سياسية في كثير من بلدان العالم. إلا أن الذي لفت انتباهي وعلى مدار حلقتين هو الكتابة عن شاعر الثورة اليمنية القاضي محمد محمود الزبيري، الذي كرس حياته من أجل الثورة والاستقلال ومحاربة الظلم والإستبداد حتى نال الشعب اليمني حريته ليلة السادس والعشرين من سبتمبر 2691. وعتبي على الصحفي الكبير علي عبود هو عدم توضيح النهاية التي أودت بحياة الشهيد الزبيري.عندما وقف الزبيري كالجبل الشامخ في وجه الملكيين الجدد المتخفين بعباءة الجمهورية. لقد شاهد الزبيري كيف كانت تتساقط أمام عينيه رموز الثورة. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، لقد كان علي عبد المغني هو العقل المدبر للثورة وقائدها في أوساط الضباط الأحرار حيث وكلت إليه مهمة خارج دائرة الحرب، لم يعد منها إلا جثة هامدة. هكذا استطاعت القوى الظلامية أن توجه رصاص الغدر والخيانة إلى قائد الثورة وأحد رموزها الشهيد علي عبد المغني. وهكذا أدرك القاضي محمد محمود الزبيري المخطط الرجعي الذي هدف إلى الإطاحة برجالات الثورة ورموزها.النظام الملكي بحلة جديدة واحراف مسار الثورة عن الطريق الذي رسمه الثوار.. كل ذلك أدى إلى أن القاضي الزبيري إلى الانتباه إلى المرحلة الجديدة، فكان خروجه إلى منطقة خولان، حيث وقف خطيباً، وقال خطبته المشهورة التي وضح فيها اعوجاج مسار الثورة وإسناد الأمر إلى غير أهله. إلا أن قوى الشر لم تدعه، فتبعه ثلاثة من الطابور الخامس. وعند انتهاء الخطبة في خولان استطاع رصاص التخلف والغدر أن يخترق جسده الطاهر، وأن يلقيه صريعاً أمام المسجد، وقبل أن يلفظ أنفاسه الطاهرة، وتنتقل الروح إلى بارئها، قال قولته المشهورة: «لم أجد ما أفديك به يا وطني سوى قلبي الدامي».وهكذا ارتفع الستار عن شخصية عظيمة ومناضل جسور قدم نفسه قرباناً لشعبه وأمته ليضرب بذلك أروع الأمثال وأسمى البطولات. ولم تكتفِ تلك القوى الظلامية باغتيال رموز الثورة ومناضيلها وصولاً إلى الشهيد ابراهيم محمد الحمدي، وغيره من رموز الوحدة ودعاة الحرية والتغيير والحداثة أمثال محمد الربادي وعبد الحبيب سالم، إضافة إلى تهجير أصحاب الرأي ومنتقدي الفساد .إن ما ذكرته كان على سبيل المثال، وما خفي أعظم. وفي النهاية أسأل الله أن يهيئ لنا من أمرنا رشداً، وأن تتظافر جهود أبناء اليمن من أجل بناء وطن جديد لغد مشرق ومستقبل أفضل لكل أبناء اليمن من دون تفرقة أو تمييز.
Leave a Reply