بدء اعمال المحكمة الدولية مطلع اذار يطرح تساؤلات!ارتفعت في الفترة الاخيرة تصريحات سياسيين من قوى الموالاة والمعارضة، تتحدث عن اغتيالات قد تحصل، للتأثير على الانتخابات النيابية، وكان اول المبشرين بها، رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي كان دائم التنبؤ بذلك، وتحصل عمليات اغتيال، كما في جريمة اغتيال النائب والوزير بيار الجميل، حيث لفت الانظار تصريحه في ذلك الوقت، وصحت توقعاته في المسائل الامنية، وفشل في القضايا السياسية، لجهة اخراج الرئيس السابق اميل لحود من القصر الجمهوري. في اذار العام 2006، وحدد موعد اسبوعين له، ثم في اشارته الى عدم تمكن المعارضة من منع حصول انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائداً واحداً، او وصول مرشح توافقي كالعماد ميشال سليمان، او تحقيق المعارضة شروطها واهدافها السياسية في تشكيل حكومة وحدة وطنية لها فيها الثلث الضامن، او عدم تمكنها من قطع طريق المطار، وقد هدد جعجع بأنه «يفتحها ويفتح ابوها ايضاً».فكلام جعجع من ان المعارضة قد تلجأ الى الاغتيالات لانها ستخسر في الانتخابات لاسيما في الدوائر ذات الكثافة المسيحية، يؤشر الى انه قد يحصل ذلك ضد شخصيات بارزة في المعارضة المسيحية، ولكن من جهات تريد منع حصول الانتخابات اذا كانت ستنقل لبنان من موقع سياسي الى اخر، وهذا ما اعلنه رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية، عندما رد على ما يحكى عن امكانية وقوع اغتيالات، لاسيما من رئيس «القوات اللبنانية»، فاشار وفي تقديره السياسي، دون ان يملك معلومات كما قال، بأنه اذا وقع اغتيال فقد يكون بحجم الذي اودى بالرئيس رفيق الحريري، اي زلزال امني وسياسي كبير، تكون له انعكاساته الكبيرة على الواقع السياسي اللبناني، اذ ان استشهاد الحريري، ادى الى خروج القوات السورية من لبنان، والى استقالة الحكومة التي كان يترأسها عمر كرامي، والى اعلان الرئيس الاميركي جورج بوش عن قيام «ثورة الارز» في لبنان لالحاقه بمشروعه «للشرق الاوسط الجديد» و«تعميم الديمقراطية» كما حصل في اوكرانيا من خلال «الثورة البرتقالية»، والى وضع لبنان تحت الوصاية الاميركية، والى استقدام لجنة تحقيق دولية بمقتل الحريري، والى استصدار قرارات عن مجلس الامن الدولي بما يخص لبنان، فتم تدويل ازمته، والى اجراء انتخابات نيابية مفروضة بقانون العام 2000 المعروف بـ«قانون غازي كنعان»، والمرفوض من اغلبية اللبنانيين، والى افتعال قيام تحالف رباعي بين حركة «امل» و«حزب الله» من جهة و«تيار المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة ثانية، تحت عنوان منع وقوع فتنة مذهبية بين السنة والشيعة، وكأن من اغتال الحريري قصد ذلك، واظهرت الوقائع صحة هذا التخوف، بعد ان تم الحديث من قبل الملك الاردني عبد الله الثاني، عن «هلال شيعي»، ومواقف جاءت من القاهرة والرياض عن نفوذ ايراني يمتد من العراق الى لبنان ويجتاح سوريا، وان هناك محاولات ايرانية لـ«تشييع» المشرق العربي، ووضعه تحت السيطرة «الفارسية» لاستعادة الامبراطورية، وقد كان صداها في لبنان من خلال التصدي لـ«حزب الله» وحلفائه، تحت هذه العناوين، ولكن المقصود واحد وهو سلاح المقاومة، وعبّر عن ذلك بالتصريح والممارسة كل الفريق الحاكم، وكان آخر ما استصدروه قرار الغاء شبكة اتصالات المقاومة وتم اسقاطه.وما قاله فرنجية، يشير الى ان اي اغتيال قد يحصل هو بهذا الحجم، لان هناك في لبنان وبعض الدول العربية المسماة «معتدلة»، لم يسلموا بعد بأن ميزان القوى اللبناني الداخلي، لم يعد لصالح قوى 14 شباط، لا بل مال اكثر نحو المعارضة التي تمكنت من ان تكون شريكة في الحكم وهي تسعى لان تصبح اغلبية في الانتخابات النيابية، وهذا ما لا ترغب بحصوله السعودية وحلفاء لها، حيث لم تهضم بعد ما حصل في 7 ايار الماضي، من هزيمة لحلفائها، وتخشى ان لا يعود «تيار المستقبل» وحلفاؤه يملكون الاغلبية، ولا يكون رئيس الحكومة منهم.تحت هذه العناوين، يضع رئيس «تيار المردة» وفق تحليله السياسي، وقراءته لما جرى وقد يجري، احتمال لجوء اطراف خارجية مع قوى داخلية الى عمليات اغتيال، لان التحقيق الدولي بجريمة مقتل الحريري اكد ان اسلاميا اصولياً، كان في السيارة التي انفجرت في الموكب، والتركيز يتم على من يقف وراءه، والجهات التي ارسلته، ولاي هدف، وان التقرير الاخير لرئيس لجنة التحقيق القاضي الكندي دانيال بلمار، لم يشر الى اسماء، ولم يعلن عن اتهامات، بل ترك الامر للمحكمة الدولية مع بدء اعمالها في اول اذار المقبل، كما اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، وقد توقف المراقبون امام هذا التاريخ الذي يسبق موعد الانتخابات النيابية بشهرين، حيث سربت قوى 14 شباط معلومات، عن ان المحكمة ستتهم الضباط الاربعة الموقوفين وهم: جميل السيد، علي الحاج، ريمون عازار ومصطفى حمدان، وسيمثل امامها ضباط سوريون، اضافة الى شهود لبنانيين وسوريين، واشارت ايضاً الى ان هناك 120 شخصاً من المعارضة سيتم استدعاءهم الى مقر المحكمة في لاهاي للاستجواب، وقد تم تمرير هذه المعلومات عبر بعض الصحف اللبنانية والخليجية، كما جرت العادة منذ اغتيال الحريري، حيث نشرت جريدة «السياسة الكويتية» بعد حصول الجريمة بأيام وباسطر قليلة اسماء ضباط لبنانيين وسوريين متورطين في الجريمة، وقبل ان يبدأ اي تحقيق دولي، وبعكس ما انتهى اليه القضاء اللبناني من ان التفجير حصل فوق الارض وبسياره فيها انتحاري، له صلة بقوى اسلامية اصولية، لكن لم يؤخذ بالتحقيق اللبناني بل اعطي ديتليف ميليس بعد تعيينه رئيساً للجنة التحقيق، رواية جريدة السياسة، وما كتبته جريدة «المستقبل»، وما صرّح به سياسيون من قوى 14 شباط، بان النظام الامني اللبناني-السوري المشترك هو من اغتال الحريري، فأمر ميليس بتوقيف الضباط الاربعة، وحقق مع ضباط سوريين عملوا في جهاز الاستخبارات اثناء وجودهم في لبنان، ومنهم اللواء رستم غزالي والعميد جامع جامع، وبينت تقارير لجنة التحقيق وبعد اعفاء ميليس من رئاستها، ان لا وجود لقرار اتهامي بحق هؤلاء، لانه لا توجد ادلة وقرائن تدينهم، بعد انكشاف ان الشهود زوروا في افاداتهم لا سيما ما يسمى بـ«الشاهد الملك» محمد زهير الصديق.وعشية الانتخابات النيابية تنطلق المحكمة الدولية، ويراهن عليها فريق 14 شباط، بانها ستربك المعارضة، التي تؤكد ان التحقيق الدولي، قد لا يقدم للمحكمة معلومات جديدة، وقد تم تمديد عمل اللجنة شهرين اضافيين مع مطلع العام وحتى بداية شهر اذار مما يعني انه خارج ما ذكر عن انتحاري نفذ العملية، لا توجد معطيات ضد الموقوفين من الضباط، وفق ما يؤكد محاموهم.ويحاول الفريق الموالي، ان يربط احتمال حصول الاغتيالات ايضا ببدء عمل المحكمة لتعطيلها او ارباكها، وهو عاد الى الحديث عنهما، لاستنهاض شعبيته، واستخدامهما في تحريكها، بعد الضمور الذي اصابها اثر احداث ايار الماضي والهزيمة التي اصابت احزاب 14 شباط من جراء سقوطها السريع امام المعارضة، التي تؤكد انه لم يعد يفيد هذا الفريق التلويح بالاغتيالات او المحكمة، لان العالم يتغير لغير صالحهم، وان لبنان 2005 غيره في العام 2009، وان قول سعد الحريري ان الانتخابات ستجري لو كان هو الضحية، استجرارا للعطف الشعبي، ولشد عصب تياره وانصاره، وقد يفهم ان تستخدم في الانتخابات كل الاسلحة السياسية والاعلامية والمالية وقد اصبحت في المعركة، لكن لم تعد لعبة الدم تفيد احداً، لاسيما وان اتفاق الدوحة اكد على عدم استخدام العنف، وان طرفي الصراع في لبنان، ذهبا الى مصالحات بعد احداث ايار، وتم الاتفاق على اجراء انتخابات هادئة، فلماذا اذن يتحدث جعجع عن الاغتيالات؟
Leave a Reply