غزة – بعد أسبوع على انتهاء التهدئة في غزة وظهور بوادر تصادم عنيفة لم تغب عن أحداث الأيام الماضية في القطاع تقدمت الجهود الدبلوماسية لاحتواء الموقف في غزة، على وقع التهديدات الاسرائيلية بعدوان وشيك، وأعلنت حركة حماس استعدادها للعودة إلى التهدئة في حال التزمت إسرائيل بشروطها، في الوقت الذي دخلت فيه القاهرة مجدداً على خط الأزمة وإن كان بخجل. حيث لم يمنعها ذلك من تشديد المراقبة الحدودية مع قطاع غزة ورفع التأهب بدرجة ملحوظة.وبرّر المراقبون هذا التأهب بخشية القاهرة من تكرار عملية اقتحام أهالي قطاع غزة الحدود كما اخترقوها قبل عدة أشهر بحثاً عن المواد الأساسية المفقودة في القطاع.وأوضحت المصادر أن هذه الإجراءات تزامنت مع اشتداد الحصار على غزة وعدم قيام مصر بتجديد وساطتها بين الفصائل وإسرائيل لتمديد التهدئة.وفي موازاة التشديد الأمني على الحدود، أكد شهود عيان أن قوات الأمن المصرية زادت من تعقبها لمهربي البضائع المصرية عبر الأنفاق إلى قطاع غزة.وعقب انتهاء التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل شددت تل أبيب من حصارها على قطاع غزة، وسط تحذيرات من تفاقم الأوضاع الإنسانية مع وقف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) خدماتها الإغاثية نتيجة نفاذ المواد التموينية من مخازنها.وتوقفت أيضاً بعض مخابز قطاع غزة نتيجة نفاذ الدقيق بنسبة كبيرة من القطاع، ما أدى إلى تزاحم الغزيين على المخابز المتبقية لتوفير الخبز لأسرهم.أمنيا قامت اسرائيل بعدة غارات في القطاع استهدفت نشطاء في فصائل المقاومة فيما ردت الأخيرة بهجمات صاروخية على جنوب إسرائيل. لكن في موازاة ذلك كثفت اسرائيل حملتها الدبلوماسية لتهيئة الساحة الدولية أمام عدوان محتمل على قطاع غزة، مؤكدة انها تجري الاستعدادات العسكرية اللازمة للحملة، رغم انها أقرت بان إحدى العقبات التي تقف أمامها تتعلق بحياة الجندي الأسير جلعاد شاليت.وتزامناً مع هذه الحملة الدبلوماسية، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أنّ إسرائيل تجري استعدادات لشن عمليات في قطاع غزة، لكنه طالب زملاءه في الحكومة بالتوقف عن «الثرثرة». وقال باراك، خلال اجتماع لكتلة حزب العمل في الكنيست، ان «لا نية لدينا لقبول الوضع كما يتطور في غزة»، لافتاً إلى أنّ «المستوى المهني سيحدد المكان والزمان والطريقة التي ستعمل بموجبها قوات الجيش الإسرائيلي، والمستويات ذات الصلة في المؤسسة السياسية ستصادق على ذلك».«حماس».. والتهدئةودعا رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل العرب، وخصوصاً مصر، الى كسر الحصار الاسرائيلي على غزة، متهماً اسرائيل بانها لم تحترم التهدئة. وقال مشعل، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالعربية، ان «التهدئة انتهت بانتهاء مدتها المتفق عليها، والمسؤولية تقع على العدو الصهيوني الذي لم يحترم استحقاقاتها، وهو يتحمل المسؤولية». وأضاف أنّ «من يريد ان يتحدث معنا حول موضوع التهدئة عليه أن يراعي الحصار المفروض على شعبنا»، مؤكداً أنّ «على العالم أن يسأل نفسه هل استثمر التهدئة استثماراً حقيقياً؟». وأشار مشعل إلى أنّ «العالم يعرف ان الحصار سببه اغلاق المعابر ونحن طالبنا ان تفتح جميعها»، مشدداً على أنّ «لا شيء يلزم مصر بإبقاء (معبر رفح) مغلقا من الناحية القانونية». وقال القيادي في حركة حماس محمود الزهار لوكالة «فرانس برس» إنّ «المطلوب من إسرائيل هو الالتزام بشروط التهدئة ووقف كل أشكال العدوان وفتح كل المعابر». ورداً على سؤال حول مدى استعداد حماس للعودة إلى التهدئة، قال الزهار إنّ هذا الأمر ممكن «إذا كان هناك التزام من الجانب الإسرائيلي باستحقاقات التهدئة». بدوره، قال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم إن الفصائل مستعدة الآن لدراسة عروض لتجديد الاتفاق، لكنه رأى أنّ «المنطقة متجهة نحو تصعيد وليس التهدئة». من جهته، نفى القيادي في حركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام أن تكون الحركة قد تلقت عروضاً أو مبادرات جديدة بشأن تجديد التهدئة في غزة. وقال عزام، في مقابلة مع قناة «الجزيرة»، إنّ الاحتلال يهيئ الأجواء ويوجد المبررات والذرائع لشن عدوان واسع على القطاع، مذكراً بأن إسرائيل «هي من تهوى سفك الدماء، وهي من خرقت الهدنة ولم تلتزم باستحقاقاتها». عباس فـي القاهرةوفي القاهرة، شكل موضوع التهدئة محور مباحثات الرئيسين الفلسطيني محمود عباس والمصري حسني مبارك. وذكرت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» المصرية أن لقاء مبارك وعباس تناول آخر التطورات على الساحة الفلسطينية، وجهود إحياء عملية السلام، إضافة إلى الجهود المصرية لإعادة التهدئة، إلى قطاع غزة، والمصالحة الفلسطينية. واعتبر عباس، بعد اللقاء، أنّ مصر هي الدولة الوحيدة المؤهلة لتولي الجهود لاستعادة التهدئة في غزة والحوار الفلسطيني. ولفت إلى انه «بعد التوصل إلى هدنة في غزة، وقبول الفصائل الفلسطينية بها، سيتم استئناف الحوار، وعندما يتم الاتفاق أثناء الحوار سيتم تشكيل حكومة فلسطينية من الشخصيات المستقلة تكون مهمتها تسيير الأعمال في الأراضي الفلسطينية وإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية»، نافياً أن يكون هناك موعد محدد للدعوة لانتخابات جديدة قبل استنفاد وسائل الحوار كافة. ورفض عباس إلقاء المسؤولية عما يجري في غزة على مصر، موضحاً أنّ «إسرائيل لا مانع لديها من إلقاء مسؤولية قطاع غزة على مصر، وهناك من الفصائل الفلسطينية من يساعدها في ذلك»، معتبراً أن أية اتهامات للقاهرة حول مشاركتها في الحصار «مرفوضة وباطلة». وشدّد عباس على رفضه أي اجتياح إسرائيلي لغزة، قائلاً «نحن لم ولن نقبل باجتياح القطاع، ولا حتى بضربه بالمروحيات أو بالمدفعية، ونرفض التهديدات الإسرائيلية رفضاً قاطعاً، لأنها تمثل عدواناً ضد الشعب الفلسطيني»، لكنه كرر، في المقابل، موقفه الرافض للصواريخ «العبثية» المنطلقة من القطاع. يـأتي ذلك، في وقت ذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية أنّ جهوداً حثيثة تبذل على أعلى المستويات في المنطقة بهدف إنقاذ التهدئة، مشيرة إلى أن اللقاء المرتقب بين الرئيس المصري حسني مبارك ووزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني اندرج في هذا الإطار.
قدرات المقاومة فـي غزةوفي الحديث عن قدرات المقاومة الفلسطينية، قال مسؤول عسكري إسرائيلي، خلال تدريبات أجرتها قيادة الجبهة الداخلية في كريات غاد وكريات ملاخي وعسقلان جنوبي إسرائيل، إنّ لدى الفصائل الفلسطينية القدرة على إطلاق عشرات الصواريخ من طراز «غراد» يومياً باتجاه عسقلان ومحيطها، مشيراً إلى أنّ الجيش يستعد لمثل هذه السيناريوهات. وتحرص إسرائيل على المبالغة في قدرات صواريخ حماس التي لم تتسبب في قتل اسرائيلي واحد حتى الآن، وذلك من اجل توفير غطاء لهجوم شامل محتمل، او في الأقل لشن ضربات صاروخية مدمرة تؤدي بين الحين والآخر الى مقتل العديد من الأبرياء.وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إنّ واحداً من بين كل ثمانية إسرائيليين، أي 008 ألف إسرائيلي، أصبحوا في مدى صواريخ «القسام». ونشرت الصحيفة العبرية الأوسع انتشاراً، قائمة بالمدن والبلدات التي باتت في مدى الصواريخ الفلسطينية. وقالت ديسكين إنّ «الذراع العسكري لحماس استغل نصف السنة الأخيرة (التي سادت التهدئة معظمها) وحسّن قدرته على إطلاق الصواريخ لمسافات طويلة ومتوسطة».
Leave a Reply