«حركة تصحيحية» ظهرت داخله بعد عدوان تموز، وتوقع خروج المئات منهالعدوان على غزة اربك «تيار المستقبل» لارتباطه بمحور «الاعتدال العربي»الطائفة السنية تستعيد اصالتها وتنحاز الى «المعارضة السنية»يعيش «تيار المستقبل» ازمة سياسية وجودية، من جراء العدوان الاسرائيلي على غزة، لانحيازه وارتباطه مع دول عربية، وقفت موقفاً معادياً للمقاومة في غزة، وحملتها مسؤولية ما جرى هناك، بعدم التزامها بالتهدئة، او التسرع في الاعلان عن انتهائها في المهلة المحددة في الاتفاق، بينها وبين العدو الاسرائيلي، عبر مصر، التي لم تساعد على فك الحصار عن غزة، فلم تفتح المعبر الذي يمر عبر اراضيها من رفح، بل ساهمت في المأساة الانسانية التي عاشها «الغزاويون»، وقد اعترف الرئيس حسني مبارك بذلك عندما اكد، انه لن يسلم المعبر الا للسلطة الوطنية الفلسطينية، وليس «لحماس» التي يتهمها بانها ملحقة بايران وتنفذ اوامرها وتشكل خطراً على النظام المصري ،وان حركة «حماس» لها ارتباطات فكرية وسياسية مع «الاخوان المسلمين»، الذين يتطلعون الى السلطة في مصر.ففي بداية الحرب، وقف الاعلام التابع «لتيار المستقبل» موقفاً عاديا، لا بل متفرجاً، ولم يصدر عنه سوى بيان ادانة، وهو الموقف نفسه الذي وقفه هذا التيار من عملية «حزب الله» في 21 تموز 2006، اثر اسر جنديين اسرائيليين، واعتبرها مغامرة، مستعيناً بالموقف الرسمي الذي صدر عن السعودية.وهكذا بدأ الارباك على «تيار المستقبل» الذي اهتزت قاعدته الشعبية، للمجازر التي ترتكبها اسرائيل، بحق الاطفال والنساء، وقد تنبه مسؤولون في هذا التيار، الى ان من يتعرضون للقتل وتدمير منازلهم هم من «السنة»، ولا يمكن ربطهم بـ «ولاية الفقيه»، او «بالمشروع الفارسي»، وان غزة محاصرة امام الرأي العام العربي والدولي والاسلامي. وبدأت اسئلة داخل «تيار المستقبل»، بان السكوت عن ما يجري في غزة، ومسايرة الانظمة العربية المستسلمة سوف ينعكس على شعبيته، لان الطائفة السنية في لبنان، تاريخها تاريخ وحدوي وقومي وعربي، وكانت تحركها القضايا العربية من الجزائر الى اليمن الى القضية الفلسطينية التي وقف الى جانبها اللبنانيون الوطنيون ومنهم عدد كبير من اهل السنة، وان بيروت كانت اول عاصمة تصدت للاحتلال الاسرائيلي ومنعته من البقاء فيها وطردته بعد اسبوعين من دخولها.شعر رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري ومساعدوه، ان الارض التي يقف عليها، قد تتدحرج ويسقط في حفرة التحالف مع انظمة عربية مؤيدة لاسرائيل، وكذلك بتحالفه مع المشروع الاميركي للمنطقة، ورفعه شعار «لبنان اولاً»، على حساب انتماء لبنان الى محيطه العربي، ومحاولة عزله عنه، وابعاده عن القضايا العربية، وفي مقدمها القضية الفلسطينية، وهذا الشعار يتطابق مع شعار العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني «الاردن اولاً»، ثم شعار «اريحا اولاً» للسلطة الفلسطينية، وكلها تصب في خانة الانعزال، وقد هلل له سمير جعجع واعتبر انه يصب في الخط السياسي والفكري «للقوات اللبنانية» خصوصاً ومدرسة الانعزال اللبناني التي يمثلها حزب الكتائب، حيث وصف جعجع مواقف جنبلاط والحريري بانها نفسها لمؤسس الكتائب الشيخ بيار الجميل، وعندما يسمعهما كانه يسمع الشيخ بيار.فارتباط «تيار المستقبل» مع المحور «العربي المعتدل» الذي يقيم معاهدات سلام مع اسرائيل، دفعه للابتعاد عن سوريا، والعمل مع القوى الخارجية الى اخراج قواتها من لبنان، وكان القرار 1559 الذي قيل عن دور للرئيس رفيق الحريري في صدوره، لصداقته مع الرئيس السابق جاك شيراك الذي اتفق مع الرئيس الاميركي جورج بوش على صدوره.ويشبه موقف «تيار المستقبل» موقف السلطة الوطنية الفلسطينية التي رفضت انتهاج خط المقاومة، الى نهج المفاوضات ،وهذا ما يشكل تباعداً بين نظرتين الى الصراع مع اسرائيل، في لبنان وفي العالم العربي، اذ ان قوى 14 شباط قررت الاسلوب الدبلوماسي في استرجاع الاراضي المحتلة، وهي ترفض اسلوب المقاومة التي اضطرت للقبول به مرغمة في البيان الوزاري، بسبب موازين القوى الداخلية التي تميل لصالح المقاومة، التي انتصرت في حرب عسكرية ضد اسرائيل، وفي معركة سياسية ضد المشاريع الاميركية في لبنان والمنطقة.
وتأتي الازمة السياسية التي يواجهها «تيار المستقبل»، وموقفه السياسي من احداث غزة، عشية الانتخابات النيابية، حيث استفادت «المعارضة السنية» من الموقف المرتبك للتيار الذي لم يتعدى الدور الانساني دون الدور السياسي، وقد سعى النائب سعد الحريري ان يقوم بنوع من الوساطة بدءاً من فرنسا التي التقى رئيسها نيكولا ساركوزي، عله يوفق بان يتوصل الى «تفاهم نيسان» في غزة على غرار «تفاهم نيسان» في العام 1996 اثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان في ذلك العام، وكان لوالده الرئيس الحريري دوراً فيه، دون ان ينتبه الى ان سوريا كانت اللاعب الاساسي الى جانب المقاومة، الذي انتج تفاهم نيسان في حين ان الحريري متحالف مع دول عربية لا تسمح لمواطنيها بالتظاهر ضد العدوان وتقمعهم كما في مصر والسعودية.ان «تيار المستقبل» الذي حاول ان «يمذهب الصراع» في لبنان، وتحويله الى سني – شيعي، لمواجهة قوة ونفوذ «حزب الله» وحلفائه في المعارضة، فانه في الحرب على غزة، لا يمكنه ان يلعب اللعبة المذهبية، لان في الساحة السنية، هناك تحرك للمعارضة السنية، التي تختلف مع الحريري على تحالفاته الخارجية العربية والدولية ، وعلاقاته الداخلية مع «القوات اللبنانية» التي لها تاريخ في التعامل مع العدو الاسرائيلي وارتكاب مجازر ضد اللبنانيين والفلسطينيين واغتيال شخصيات لبنانية، وفي مقدمهم الرئيس رشيد كرامي، حيث يوازي اغتياله اغتيال الحريري، وقد صفح عنه سعد الحريري وتحالف معه، مما ترك استياءاً في الساحة السنية، التي بدأت تتحرر من ضغط «تيار المستقبل» الذي حاول السيطرة عليها بالمال والعصبية المذهبية؟ان نتائج ما يجري في غزة من مجازر واعتداءات سوف تلقي بثقلها على «تيار المستقبل»، الذي سيفقد رصيده الشعبي، وستحصده المعارضة السنية التي تسير على نهج المقاومة لاسرائيل، وضد المشاريع الاميركية، كما ستنمو الى جانبه القوى السلفية والاصولية، حيث رأت «الجماعة الاسلامية» ان تنظم نشاطات دعم لغزة بعيداً عن «تيار المستقبل» الذي اصبح في موقع المرتبك سياسياً، والذي يتوقع ان تخرج منه حركة تصحيحية تؤكد انه لا يمكن القبول سياسة الالتحاق بمحاور عربية، لا تؤيد نهج المقاومة ، وقد خرجت مجموعة من «تيار المستقبل» في اثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان صيف 2006، رفضت سياسة سعد الحريري والمجموعة التي تفرض رأيها عليه، فاصدر كل من الوزير السابق الفضل الشلق ومهيب عيتاني مع شخصيات من «تيار المستقبل» بياناً يؤيدون المقاومة ويرفضون المؤامرة عليها.ومن المنتظر ان تحصل داخل «تيار المستقبل» عملية نقد ذاتي لمواقف قيادته، وقد يخرج منه المئات من الاعضاء والانصار، وستعود الطائفة السنية الى اصالتها الوطنية والقومية.
Leave a Reply