على الطريقة البدوية، حاول عبدالله ملك السعودية، حل الخلافات العربية عبر ارتشاف فنجان من القهوة «الكويتية»، وعبر بعض القبلات التي تبادلها مع الرئيس السوري بشار الاسد. والاصح انه حاول احتواء فورة قمة الدوحة بشكل يقطع عليها الطريق ويجهض محاولتها لقيام محور عربي يقف بوجه ما يسمى محور الاعتدال السعودي – المصري.وكان الملك «المفدّى»، «جلالة عبدالله بن عبدالعزيز قد انهى لتوه خطاباً عربياً «تاريخياً» (لا ادري ما هي التاريخية في خطابه ذي العربية الركيكة والمكسرة) جندل به ابطال الكيان الصهيوني وارداهم صرعى في ساحات الوغى. فوجدنا كيف ارتعدت فرائس اولمرت عندما لوح الملك «البطاش» من على صهوة القمة العربية بسحب المبادرة العربية للسلام. فناداه اولمرت بلهفة المستغيث، وا عبدالله، قف يا ابتاه، ولا تذبح فؤادي… ونظر اليه ايهودا باراك، قائد الحرب الذي يأمل ان توصله الى سدة الحكم، نظرة ملؤها الرجاء والاستجداء، قائلاً سامحنا ايها الملك العطوف، نعدك في المرة القادمة ان نأخذ الحيطة والحذر وان نتجنب قتل الاطفال والنساء بوحشية، وان لا نحرجك امام الرأي العام الشعبي. اما السيدة الشقراء، تسيبني الرقيقة والمدللة، فلم يستطع «ملكنا» الحنون ان يتحمل كسر قلبها وخدش شعورها، فلجأ الى وزيره سعود الفيصل عارضاً عليه ما اقترفت يداه بغير قصد، وموكلاً اليه ايصال الرسالة التالية: احبائي الثلاثة اولمرت وباراك وليفني، لقد ادميتم قلبي وملأتم عيني دمعاً، والله لم اقصد ايذاءكم، انما توخيت من ذلك، وبعدما حصل في قمة الدوحة من محاولات للضغط علينا وعليكم، انقاذ الموقف العربي الرسمي الداعم لكم، فقمت بما قمت وقلت ما سمعتموه، وكانت النتيجة ان ذهبت مقررات «قمة الدوحة» ادراج الرياح، ولم تخرج قمة الكويت بأي مقررات مهمة قد تؤذيكم. والألف مليون دولار التي تبرعت بها من اجل اعادة بناء غزة، فنصفها لكم، فأنتم من سيورّد مواد الاعمار واحتياجاته، اضافة الى شركات المقاولات المقنعة التي سنضمن لكم حصتكم فيها. فلا تحزنوا ولا تيأسوا فنحن معكم..قد تضطر العاهرة بسبب تقدم العمر ووفقاً للطبيعة البيولوجية الى ملازمة العفة قهراً، ولكن يبدو ان الطعون في السن لم يثن العاهل السعودي عن مزاولة هوايته المفضلة «العهر السياسي»، ليحافظ على لقبه «العاهر العربي الاول» بعد ان كاد حاكم مصر حسني مبارك ان ينتزعه منه وينال «شرف» حيازته.فبعد طول صمت وعلى مدى ثلاثة وعشرين يوماً نطقت الحرباء السعودية، التي كانت تنتظر ان ينتهي الثلاثي الصهيوني من قتل آخر طفل وآخر امرأة عربية في غزة. لماذا ينتظر «العاهر السعودي» حتى تنتهي الحرب على غزة كي يعلن موقفاً، مهما يكن ذلك الموقف؟! ربما كان ذلك من مستلزمات المحافظة على لقبه، درّة عرشه.اما حسني الاخشيدي، وان فشل في انتزاع اللقب من منافسه السعودي، فقد فاز بمرتبة «احسن اداء» على ان يفسح له المجال في مبارات عُــهر لاحقة. فتلك المومياء لا تخجل ولا يعتريها الوجل حين تقول وبكل وقاحة بأن معبر رفح لم يقفل ابداً منذ بدء الحرب على غزة! وبأمر شخصي منها.. وهي نفس المومياء التي قالت في بداية الحرب بأن مصر لن تساهم في الانقسام الفلسطيني وتفتح معبر رفح، ومرة اخرى قالت بأن غزة ارضاً محتلة والمعبر يجب (ركزوا على كلمة يجب) ان يخضع لسلطة الاحتلال! فمصر لم (مع ادغام الميم) ولن (مع شد النون) تساهم (مع التنغيم) في تكريس (يقترب من الغناء) الانقسام الفلسطيني (يقترب من الاوبرا)، ولكنها تساهم في حصار الشعب الفلسطيني في غزة، وتمنع عنه كل مستلزمات الحياة وتتركه يواجه مصيره امام آلة القتل الاسرائيلية..فتلك المومياء تخاف على الشعب الفلسطيني من الانقسام، ولكنها لا تخاف على الشعب الفلسطيني عندما تنقسم اجساد نسائه واطفاله الى اشلاء.اما المتباري الثالث محمود عباس، فحدث ولا حرج، فلسطينياً بقي على رأس لائحة العار، وعربياً تقدم الى المرتبة الوسطى بين خليليه عبدالله ومبارك. واحرز لقب «احسن طلة مذلة» في قمة الكويت، ولقب «احسن غياب مخزٍ» في قمة الدوحة.فنصف الرئيس ذاك، يدين الصواريخ التي انطلقت من جنوب لبنان باتجاه شمال اسرائيل في منتصف الحرب على غزة، فرجل، او نصف رجل، من المفترض انه رئيس، او نصف رئيس، شعبه يقتل بشكل جماعي في غزة وتحت اصعب الظروف التي يمكن ان تمر على شعب، يرى ان اطلاق الصواريخ على قاتل شعبه امر منكر ومدان!.نفهم عندما يعارض سمير جعجع اطلاق تلك الصواريخ، وللانصاف فإن جعجع لم يدن الاطلاق، انما قال بانه خرق للقرار 1701. ونفهم عندما تعارض امانة سر «14 اذار» او حتى تدين اطلاق الصواريخ على شمال اسرائيل. ولكن ما شأن محمود عباس بهذا الامر حتى يتصدى دفاعاً عن اسرائيل مدينا ومستنكرا إطلاق الصواريخ عليها.يريد ذاك النصف رئيس نشر قوات دولية في قطاع غزة لحماية الشعب الفلسطيني من نفسه، اي من حركة حماس التي يجب عليها ان تحل نفسها وتسلم له السلطة في غزة. وليس مستغرباً عندما تطالب اسرائيل بعودة السلطة الفلسطينية الى معبر رفح. ما هذه الثقة المتبادلة بين محمود عباس واسرائيل؟!يخاف، ذاك النصف رجل، من ان يذبح «من الوريد الى الوريد» اذا تجرأ وخالف امر أسياده وحضر قمة عربية تنعقد في الدوحة لاجل فلسطين التي تذبح من الوريد الى الوريد، وبكل صلف ووقاحة، يحتج على حضور الفصائل الفلسطينية المقاوِمة في قمة الدوحة لانها غير ذات صفة تمثيلية لدى الشعب الفلسطيني، وهو النصف رئيس الذي انتهت رئاسته منذ ما يزيد على عشرة ايام، اضافة الى تخلفه عن حضور القمة. ولِمَ الحيرة، فقد قالها صراحة بأنه لا يريد مقاومة في فلسطين، واسرائيل تريده شرطياً لها على معبر رفح، فماذا يكون محمود عباس؟!السعودية مصر وفلسطين (محمود عباس)، ما يسمى محور الاعتدال العربي، من حرب تموز 2006 على لبنان ومقاومته، الى الازمة الداخلية اللبنانية، والدورين السعودي والمصري اللذين ساهما في تعميق الشرخ وتأجيج الصراع وصولاً الى شفير الحرب الاهلية، الى محاصرة سوريا، الى الهجمة على ايران، الى الحرب على غزة. انه محور «الاعتداء العربي».
Leave a Reply