إئتلاف بين المالكي والصدر لمحاصرة “المجلس الإعلى”؟
بغداد – كرّست انتخابات مجالس المحافظات العراقية الأخيرة مواصلة مشاركة التيار الصدري في “العملية السياسية”. صحيح أنه لم ينل ما كان يصبو إليه من مواقع متقدمة بموجب نتائجها، إلا أنه أصبح “بيضة القبان” التي ترجّح هذه الكفة أو تلك. وقد كشف مسؤولون عراقيون أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والزعيم الشيعي مقتدى الصدر في طريقهما إلى إبرام اتفاق لتشكيل ائتلافات بمحافظات العراق بعد انتخابات الشهر الماضي.
وقال عامر طاهر الكناني -وهو عضو بارز في قائمة المرشحين المدعومة من الصدر- إنه في المحافظات التي فاز فيها الصدريون وحلفاء رئيس الوزراء سويا بأغلبية المقاعد في مجالس المحافظات، يمكن للجانبين أن يحكما كائتلاف. وبينما تُجرى المباحثات والمشاورات لتأليف ائتلافات بينهما لإدارة المحافظات، يختلف التيار الصدري مع الحكومة والمالكي في نقطة جوهرية: الصدريّون يسعون إلى اتفاق يشمل كل المحافظات، بينما تريد الحكومة ائتلافات في كل محافظة على حدة، بموجب النِّسَب التي حصل عليها كل مكوّن.
وأشار الكناني إلى أن الجانبين بينهما اتفاق مبدئي لتشكيل ائتلافات في كل المحافظات بدون استثناء، وقال إنه “في حال عدم تمكن الجماعتين من تشكيل حكومة محلية بنفسيهما يمكنهما ضم طرف ثالث”.
وقال حسن السنيد وهو برلماني من حزب “الدعوة” الذي يقوده المالكي إن الاتفاق يقترب من إتمامه بين الصدريين والائتلاف الذي يقوده حزب “الدعوة” الذي هزم الجماعات الشيعية الأخرى، فيما تعد الانتخابات الأخيرة هي الأكثر سلما في العراق منذ الغزو.
وسيعطي الائتلاف بين الفريقين أغلبية لهما في محافظات البصرة وبغداد وميسان وواسط وذي قار. وعلاوة على ذلك فقد حصلا على ما يقارب نصف مقاعد مجالس المحافظات في كربلاء والنجف والقادسية.
وبالعودة الى نتائج الانتخابات فإن أكثر ما يلفت المراقبين السياسيين، هو أنّ “تيار الأحرار المستقل”، الذي دعمه التيار الصدري، والذي حاز مراتب ثانية وثالثة في بغداد والعديد من محافظات الوسط والجنوب، لم يضمّ أسماءً معروفة بانتمائها إلى الصدريين، بينما أخفقت القائمة الثانية المدعومة من التيار أيضاً، “النزاهة والبناء”، التي يرأسها القيادي في الصدري، لواء سميسم، في تحقيق نتائج تُذكَر.
ويرى البعض أنّ هذا خطأ فادح يرتكبه التيار الصدري، بإعطاء “صفة طائفية” لـ”تيار الأحرار”، الذي يفترض أن يكون مستقلاً وغير طائفي كما ادعى قبل الانتخابات.
ووفق المعطيات الأولية، فإنّ “الأحرار”، ومن خلفه الصدريون، سيتحالف مع قائمة رئيس الوزراء نوري المالكي، “ائتلاف دولة القانون” “الشيعية الدعوية” التي حصلت على الأصوات الهائلة بسبب خطابها ضدّ الطائفية، وسطوة الميليشيات، والتقسيم وضد تسييس الدين، إضافة إلى ما يراه كثر “شراء” عشائر الإسناد.
ومعروف أن حزب “الدعوة”، لا يمتلك الرصيد الجماهيري أو التنظيمي الذي يتناسب مع ما حققته قائمة المالكي من نتائج كبيرة. ويلاحظ المراقبون السياسيون أنّ “حملات وصولات” المالكي العسكرية، كانت تستهدف التيار الصدري و”جيش المهدي” بالدرجة الأولى. إلا أن هذا التيار ظل يعمد إلى تجنّب الاصطدام مع الحكومة، لأنه ربما كان متأكداً من أنّ المدبر لهذه الحملات والصولات، هو طرف آخر، غير المالكي، وتحديداً “المجلس الإسلامي الأعلى”.
غير أن أهم ما برز في المعارك مع “جيش المهدي”، هو اندفاع تنظيمات “المجلس الأعلى”، وميليشيات “بدر”، المتغلغلة في الأجهزة الأمنية، للتنكيل بخصومها على الساحة الشيعية، لتتمكن من الانفراد بالمالكي وحزبه لاحقاً، في مقدمة لاحتوائه أو إسقاطه. إلا أنه يبدو، للمراقبين، أن بعد مرحلة تمزّق “الدعوة” وضرب التيار الصدري وإضعافه جماهيرياً، آن وقت “المجلس الأعلى”، لا لتخلو الساحة أمامه، بل لضربه، ليس عسكرياً، بل عبر الانتخابات المحلية، وسيسعى المالكي إلى تفكيكه وضربه “بأسلوب ديموقراطي”، لأنّ الانتساب إلى الأجهزة الأمنية مشروط بعدم الانتساب إلى أحزاب أو ميليشيات، وهذا ما يشمل الأكراد أيضاً، في مرحلة لاحقة.
Leave a Reply