عرض المتحف العربي الأميركي في ديربورن (يوم السبت الماضي) الفيلم الفلسطيني “وطن بلا هوية” (الجزء الثالث من سلسلة “قصص لاجىء”) لمخرجه آدم شابيرو، الذي كان من المقرر عرضه يوم الخميس ١٩ شباط (فبراير)، وسط حضور عدد قليل من المشاهدين الذين ارتادوا المكان على الرغم من برودة الطقس.. مضافاً إلى ذلك تغيير موعد العرض الذي أوقع المتابعين في حالة من الإرباك بدون شك. ولا بأس من الذكر في هذا الخصوص أن “صدى الوطن” كانت قد ذهبت لحضور العرض يوم الخميس وسجلت ما يمكن اختصاره إلى: حضر الجمهور ولم يحضر القائمون على عرض الفيلم!!
“وطن بلا هوية” هو فصل من الفيلم الوثائقي-التسجيلي (قصص لاجىء)، ويعرض لحياة الفلسطينيين في المخيمات وفي الشتات، ويعرض للعراقيل التي يتعرض لها الفلسطينيون في مجالات: الإقامة، التعليم، العمل، والتنقل. ويكشف الفيلم في هذا الخصوص عن واحدة من أقسى المفارقات في الواقع الثقافي والاجتماعي والسياسي العربي عموماً، ذلك أن المعلن على المستويات الرسمية والشعبية أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى والمركزية، أنظمة وشعوباً، ومع ذلك تمارس الأنظمة أقسى الممارسات فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين، وبشكل يمكن تلخيصه إلى مقولة: نحن نحب فلسطين ونكره الفلسطينيين!
يقوم الفيلم في بنيته الأساسية على كولوجات ومزج بين المقابلات والأفلام الوثائقية، إضافة إلى شهادات بعض الدارسين والمؤرخين للقضية الفلسطينية وشهادات الناس العاديين في أماكن إقامتهم في المخيمات المنتشرة في بعض الأقطار العربية، مثل لبنان (مخيمات عين الحلو، صبرا، شاتيلا، البداوي، نهر البارد، الرشيدية) وسوريا (مخيمي اليرموك وفلسطين) وفي مصر، إضافة إلى شهادات بعض الفلسطينيين في دول الاغتراب (أستراليا، أميركا، كندا، أوروبا). وتتلخص رسالة الفيلم في استعراض معاناة الفلسطينيين اليومية مع المؤسسات الحكومية والأجهزة الرسمية التي لم تتعامل مع “الوجود الفلسطيني” من منطلق قانوني، بل من منطلق أمني، وهذا يعني أن ما كان يحكم وجود الفلسطينيين داخل البلدان العربية.. هي المؤسسات الأمنية والمخابراتية التي انتهى بها المطاف إلى التضييق على حياة الفلسطينيين.
وكمثال على ذلك يعرض الفيلم لمعاملات الأجهزة الحكومية في لبنان ومصر ولطريقتها في تصريف شؤون الفلسطينيين من قبل جميع الأطراف في المؤسسات. ففي لبنان، مثلاً، حجبت الدولة اللبنانية على الفلسطينيين ممارسة أكثر من ٧١ مهنة، تبدأ من مدير عام في شركة وتنتهي بمهنة حارس في عمارة. وفي مصر تعرض الفلسطينيون إلى من كثير من الحيف والإجحاف من قبل الحكومة المصرية، خاصة أيام الرئيس الراحل أنور السادات، الذي رفع شعار “مصر أولاً” على خلفية اغتيال الأديب يوسف السباعي على يد صبري البنا (أبو نضال). وتم بعد ذلك إلغاء جميع الحقوق التي كان من شأنها أن تساوي بين الفلسطينيين والمصريين، ولم يتوقف ذلك التضييق عليهم عند حد العمل وممارسة النشاطات السياسية، بل تعداه إلى حرمانهم من دخول بعض الكليات الجامعية مثل كليات، الطب البشري، طب الأسنان، الصيدلة، الهندسة، العلوم السياسية، وفرضت الحكومة المصرية على الطلبة الفلسطينيين أن يدفعوا أقساطهم الجامعية بالجنيه الأسترالي في الوقت الذين كانوا فيه محكومين بالوضع الاقتصادي الصعب عليهم وعلى المصريين أنفسهم، الأمر الذي وقف عائقاً خطيراً أمام التحصيل العلمي عند اللاجئين الفلسطينيين في مصر.
وفي لقاء لـ”صدى الوطن” مع المخرج آدم شابيرو، أوضح أن هذا الفيلم “وطن بلا هوية” هو الجزء الثالث من سلسلة وثائقية بست حلقات تصور لحياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات وفي الشتات والاغتراب. وأضاف “أن الهدف من هذا العمل هو إقامة الحوار بين الفلسطينيين والعرب والأميركيين في سبيل إيقاف التمييز ضد الفلسطينيين من قبل العرب والأجانب”، وأكد شابيرو “أن القضية الفلسطينية هي مسؤولية فلسطينية أولا، وأنها ليست أهم من الفلسطينيين أنفسهم”، وأنهى شابيرو حديثه “إن الفيلم بالإضافة إلى ما ذكرت يهدف إلى إشاعة الوعي الثقافي والسياسي والإنساني حول القضية الفلسطينية.. وهو الهدف الأساس من السلسلة الوثائقية عموماً”.
Leave a Reply